حتى الكلمات التالية أشعر بأن النظام السوري يستهزأ بها كما يستهزأ من جميع الحضارات البشرية السابقة، آلاف السنوات من عمر العمران والتقدم والرقي،منذ ما قبل التاريخ الميلادي بآلا السنوات، يخرج الرئيس السوري لسانه لكل حس آدمي أو حتى حيواني يتعفف عن العدوان على غير معتد، أو الرغبة في نهش ضحية عن غير حس بالجوع، الأسد (المسمى) يزيد من قتلاه فيما هو يداور من أجل قبول مراقبين لن يكونوا كافيين لوقف إهراق الدماء، إنني، بصراحة أقدم اعتذاري لكل سوري صامد أمام العدوان في الداخل في حسن ظن كلماتي بنظامه، وإن يكن لي من عذر فهو إني لا أتاجر بدمائهم كما يفعل مدعي المهل، أو كما أدمن العالم المنتظر لانتهاء مسلسل المهل الطويل.. عام 1991م تقريباً شدتني بقوة كلمات على غلاف مجلة خليجية توزع في القاهرة، ففي حوار مع المفكر الراحل فتحي يكن، رحمه الله تعالى قال:(هذا القرن بلا قلب)، ولما كنت ايامها مازلت في مرحلة القلب النابض بالحماسة، والإصرار العجيب على كون الحق يجب أن يسود ونرى نهاية للظلم من جميع أرجائه في حياتنا، بل كنت استثقل الفترة الزمنية التي تقودنا إليه، فقد تعجبت عجباً شديداً فيما أقرأ الكلمات قريباً من مبنى محطة السكة الحديد القديمة القديمة في المنيا حيث كنت أدرس بالجامعة، وهي المحطة الذاهبة مع ذكريات عزيزة جداً، تجدونها في فيلم (زوجة رجل مهم) في مشهد سفر ضابط الشرطة، الراحل أحمد زكي، خلف الفتاة التي أعجب بها لأسيوط، أما المحطة الجديد فلعل لذلك حديث آخر يجئ في حينه إن أذن الله تعالى وكان في العمر بقية، عن متغيرات وذكريات في المنيا، عرجت على هذه الأيام لما كانت وكنت قلباً خاوياً يرى الدنيا بالغة البساطة وإنما الناس تعقدها. يومها تعجبت من إطلاق ذلك الحكم على القرن الذي يكاد ينتهي ومن مفكر بارز أحترمه بشدة بعدما شهد تقدماً علمياً في العشرين عاماً السابقة على الحوار قيل أكثر مما شهده عبر تاريخه، وتفهمت كلمات الرجل الراحل بعد حين، إذ أدركت إن العالم تقدم في ناحية فيما هو يجر أذيال الخيبة في الجانب الأهم: الإنساني، لا مانع من أن تقول، الخلقي هي هي، المهم إن الإنسان مصدر هذه الحياة الرئيس والهدف المعلن والمرتجى من حضارته يعاني أكثر مما تعاني الحيوانات في الغابات إذ إن الأخيرة تعلم قدرها جيداً، ففضلاً عن تقبلها العدوان لأن زعيمها جائع ولا عدوان بلا جريرة سوى لهذا السبب الكافي لدى عقولها التي قد لا تكون كافية في الفهم فما بالنا بالإنسان وما به من ملكة عقل تجن كل آن؟ فلا يتنازع القط، مثلاً مثلاً، على مكانة الأسد، وبالمناسبة ففيما يروى إن مسرحية عادل إمام (شاهد ما شفش حاجة) لما عرضت في سوريا إبان حكم الأسد الأب، منه لله تعالى، تم حذف مشهد الأسد منها، منتهى الرقي الأخلاقي المفتقد تركوا ما في المسرحية من إيحاءات لا أسرية، وكلمة إيحاءات هذه مخففة، تذكروا مشهد زميلة عادل إمام معه في شقته بعدما شهد و(خلص)، وثاروا لأن رجلاً يلبس زي أسد على المسرح، وربما لم يهمهم ما في المسرحية أو غيرها المهم ألا يمس الأسد، الاسم .(ألم أقل لكم نحن نطرق أبواب حسنة النية؟).
ومع تقدم الأعوام عبر صديقي وبلدياتي عن المعنى الذي أراده الراحل المفكر بكلمات أخرى، وللحقيقة فكم أفخر بدفعتي من الأصدقاء وسابقى، وأحسب بل أزهو بإنه يحق لي وأراهم من زمرة المحترمين الذين بقوا في دفع تعليمية لاحقة على دفعة 1991م لكن ليس بمثل أولئك الذين كانوا في دفعتي، المهم عبر لي الجميل الصحفي علاء البحار عن كلمات كانت مغروسة في قلبي فلم أدر كيف يمكن أن تقال أو تكتب، وكم يحدث معنا هذا حينما نردد مع الشاعر القديم: تكاثرت السهام على خراش إن القول ما قالت خراش قال لي البحار في سياق وصفه لغربتينا معاً، وقد خفف الله عنه لاحقاً:(هذا العالم الملئ بالظلم حتى لكأنه قانونه الاكثر حكماً وبالتالي انتشاراً فيه). ومع مجئ هذا العام انقلبت افكار المرء رأساً على عقب بخاصة مع ما سمي بالربيع العربي ربيع الثورات، وربيع المظالم على حد سواء، ومؤخراً مع تتابع الأحداث بخاصة في سوريا عرفت جيداً المغزى الذي أراده الراحل فتحي يكن جيداً، وإلا فما معنى أن يستمر السوري بشار الاسد طبيب العيون في إفناء شعبه منذ تسعة شهور والعالم يتابع ليل نهار ويتفرج، وكأنما هو يشاهد فيلم رعب لا ينتهي، بالفعل عالم مبني على الظلم، واي ظلم، (الرجل) شابه أباه لما أفنى أهل حماة في بداية الثمانينيات، واستمر بعدها في الحكم لمدة تقارب العشرين عاماً، ولا يقول أحد لي إن الإعلام لم يكن موجوداً يومها، بخاصة قناتي الجزيرة والعربية اللتين جننتا وزير الخارجية السوري وأذهبتا بعقله بل لفق النظام السوري كله لأجلهما شريط فيديو قبيح ممتلئ عن آخره بالمشاهد المرتبة إلى جوار بعضها وكأنها حقائق (قيل مصور في لبنان)، فقد كان الغرب يعلم ما يفعله الأسد الكبير بشعبه وصمت، المهم إنه أنجز فأنهى الامر والسلام، قل لم تكن هناك شعوب تشاهد وتتألم ، وهكذا فنحن المظلومون على الدوام، إن لم يقع الأخير علينا عانينا منه على إخوة لنا أبدع نظام طبيب العيون الفاشل في تلخيص آيات الظلم على مدار العقود بل القرون الماضية منذ عرفت الأرض البشر حتى اليوم، وفيما المسئولون يتهاتفون حيناً ويوجهون الإنذار تلو الآخر ثم يمددون الإنذار مرة بعد مرة بعد مائة وكأننا أمام لعبة(استغماية عالمية جديدة) يداري العالم المستهين بما يحدث من ذبح حقيقي للبشر كأنما النعاج بل لعل الجزار يكون رحيماً فلا يذبح النعجة أمام أختها فيما بشار لا يراعي هذا، وخرج علينا مؤخراً من نظامه من طمأننا إن ملامح (الرجل) المطمئنة التي تشي بإنه ابن(ناس) مخادعة بل مخاتلة فالقتل يتم بأمره المباشر لا بأمر أخيه المسئول عن الأمن وليس من الجميل ولا المفيد تذكر اسمه وقد قيل له إنه لكي نقتل بعض المتظاهرين سنهدم مسجداً احتموا به، احتموا بجناب الله تعالى يعني، ربهم ورب قاتلهم وأخيه، فقال الرجل، عجل الله محاكمته لن أقول نهايته، نحن لم نستلم هذا الحكم برضا الله ولا الناس ولذلك(يجب) أن نحافظ عليه رغم عدم رضا.. ومن خبرتي مع الثورات العربية المذهلة بل المعجزة التي تستحق مئات الدرسات المتمهلة حول قدرة شعوب على الصبر على حكامها لعشرات السنين ثم انفجارها دفعة واحدة متلاحقة كدفعات الرشاش المصنع على أن تكون متلاحقة متكافئة فيما نحن نتحدث عن خمسة شعوب عربية تساوي ملايين البشر المختلفة بفعل الاستعمار لمدة سنوات طويلة، ثم هاهي تجتمع في الاداء الثوري على نحو هائل في صورة :تونس، مصر، ليبيا، اليمن، وسوريا، من خبرتي سألت نفسي مؤخراً عن منظومة حلقاتها كتالي: ثائر ، ضابط أو شرطي لا يهم، طبيب، وإعلامي من الطاهر فيهم ومن الشريف ثم من المجرم ومن مساعده؟ من ناحية أبرز تقض مضاجعنا نحن الذين لا نملك شيئاً المأساة مع وجود من يتأجرون فيها ويضحكون، فيما جامعة(الدول) العربية لم تفعل شيئاً منذ عقود سوى مدفعية الكلمات، ولما فتحت فاها مؤخراً ملأه مسئول سوري بالسباب وبعضه ناب، ولم يتذمر أحد، رضوا(الأمين العام ومن يساعده) بالذبح لبشر مثلهم فهل سيثورون لكلمات قيلت في حقهم فيما يبدو إنه بقية للمسرحية المملة، والعالم والنايتو الكل يعلم ألا بترول في سوريا فلماذا يتدخلون مثلما تدخلوا لشرب آبار النفط في ليبيا وغيرها منذ سنوات؟ بل يبدو لي إن المؤتمرات العربية وما شابهها من باب ذر الرماد في العيون والتنفيس عن الغضب الشعبي العربي المتدفق. منذ سنوات بسيطة رأيت الصحاف وزير إعلام عراق صدام الأخير في دولة عربية فرح يمرح يشرب العصير ويداعب الآخرين برغم الدماء الزكية التي سالت لما صدقت كلماته عن العلوج في العراق السابق على السقوط في عام 2003م والرجل أو ..... لم يتذكر شيئاً عن االمهزلة التاريخية التي كان جزءً منها، وأمريكا لم تطبع صورته على ورق الكوتشينة لمطلوبيها، هؤلاء الوزراء من أمثال الصحاف والمعلم كالمقص الذي يقص في شعبه من طرف، وينفذ مسلسل رغبة عدوه في طرف آخر، والممسك بهذه المعادلة الشيطانية التي يتبرأ أبليس منها هو مسمار في منتصف سيخي الحديد هو المصلحة الخاصة والخاصة فقط، وإلا فمن بحث عن وزير إعلام بعد نجاح ثورة، وإن بحث أحد فالسجن الفاخر في الانتظار. يا أهلنا في سوريا شاهدنا ما ردت الجزيرة به على فيلم المعلم المزيف بفيلم وثائقي تحدث عبره العشرات عن المعاناة المتواصلة لكم، ثقوا بأنكم منصورون وأن نصركم قريب بإذن الله تعالى ، وإنه سيجئ على نحو مفاجئ لم يخطر على بال السفاحين، ولا على بالنا..عجل الله فرجكم وتقبل شهيدكم وخفف عن مصابكم وجازى كل من ساهم في ظلمكم بمقدار ظلمه لكم. رب إني لا أملك إلا قلمي وكلماتي هذه فتقبل اعتذاري عن الفعل العالمي النتخلف عن المأساة بسوريا حتى الآن.