شاهدنا الفيلم الكوميدى «يا رب ولد»، الذى أثار إعجاب الكثير منا، خصوصًا شخصية «عيسوى»، التى جسدها الفنان أحمد راتب، حيث إنه كان يكره الاستحمام تماماً. ولم يتخيل أحد أنه من الممكن يكون هناك شخص بنفس الوصف. فى الواقع بطل هذه الدعوى مهندس رفض الاستحمام لمدة شهرين متتاليين، مما دفع الزوجة لإقامة دعوى خلع. تبدأ الحكاية منذ طفولة الزوجة، حيث كانت تعيش وسط أسرة متوسطة الحال، الأب والأم يعملان موظفين بإحدى الهيئات الحكومية... الفتاة لم تشعر بالسعادة لأن أسرتها كانت متشددة فى تربيتها فلم تستطع الخروج مع زميلاتها، أو حضور مناسبة لأى منهن طوال حياتها الدراسية. وعندما تسأل أبويها عن سبب رفضهما، يأتى الرد بأنها بنت ولا يجوز لها الخروج والدخول مثل الذكور، وأن البنت التى يسمح لها أهلها بالخروج دونهما تكون منحلة أخلاقياً. وأتممت الفتاة المرحلة الثانوية بمجموع مرتفع، ودخلت التنسيق بالمرحلة الأولى، ودونت فى رغبتها كلية الهندسة، التى تم قبولها بها بالفعل. توهمت الفتاة أن بدخولها الجامعة سوف تتخلى أسرتها عن التشدد فى معاملتها سنوات عمرها السابقة. لكنها فوجئت بالأبوين يمارسان عليها ضغوطاً أكثر وأكثر، حيث إنها للمرة الأولى يجمعها مكان بالشباب. وبدأ الأب من أول يوم فى دراستها بإلزامها بتنفيذ تعليماته، وإلا سيحرمها من دخول الجامعة، وكانت التعليمات هى منعها من التعامل مع أى زميل لها، وبالنسبة للبنات تختصر علاقتها على زميلة واحدة فقط، بعد قيام الأم بعمل كشف هيئة لهذه الفتاة. الخوف الشديد من أسرة الفتاة على ابنتهما جعلها تشعر كأنها داخل سجن. وفى أحد الأيام وجدت الفتاة على حائط الكلية إعلاناً عن رحلة علمية للطلبة فى مجال دراستهم، وتوجهت الفتاة إلى والدتها وطلبت منها السماح لها بالقيام بالرحلة مثل جميع زملائها الذين أسرعوا بالحجز، ولكن الأم أخبرتها بأن والدها لن يوافق على هذا الطلب. وبالفعل حاولت الأم مع زوجها كى يوافق على الرحلة، ورفض الأب بشدة ونهر زوجته على موافقتها لنجلتهما بذلك. حزنت الفتاة وجلست فى غرفتها تبكى، وتفكر، وتسأل نفسها: لماذا تتعامل معى أسرتى بهذه الطريقة؟ هل هذا حرص، أم حب شديد، أم أنه عدم ثقة بى؟ وباتت الفتاة تفكر دون أن تجد إجابة عما يدور فى مخيلتها. واستمرت الفتاة فى هذا الجحيم حتى انتهت من امتحانات السنة الأخيرة لها بالكلية، وانتظرت النتيجة على أحر من الجمر، تمهد نفسها للدخول فى الحياة العملية بالمجال الذى درسته، ظهرت النتيجة وفوجئت الفتاة أنها من الأوائل على دفعتها. شعرت حينها بسعادة غامرة، أخذت بها لأحلام كثيرة، والتى سرعان ما تحقق لها أول حلم، وأرسلت لها إحدى الشركات عرضاً بالعمل لديها براتب خيالى لتفوقها. وكالعادة قام الأب بتحرياته عن المكان الذى ستعمل فيه ابنته، حتى اطمأن إليه ووافق على تعيينها بالمكان. أسرعت الفتاة بتقديم الأوراق المطلوبة منها للحصول على الوظيفة وهى فى قمة سعادتها. وسرعان ما تفوقت المهندسة فى عملها، وأصبحت من المميزات بالشركة، ومنحتها الشركة فرصة السفر للخارج فى مأمورية عمل، وتضاربت مشاعر الفتاة على الفرصة التى لم تكن تتخيلها، ما بين السعادة، والخوف من رد فعل أسرتها التى من المؤكد أنها سترفض العرض، وتضيع عليها فرصة عمرها. وقررت الفتاة أن تصارح رئيسها بالعمل عن ظروفها، ودخلت عليه فى استحياء وقصت له حكايتها. ولكن رئيسها كان واسع الصدر، ولديه القدرة على إقناع أسرتها. وتوجه المدير إلى والد الفتاة، وأقنعه أن هذه الفرصة يستحيل تكرارها لابنته، وأنها ستكون فى أمان هناك، وذلك على مسئوليته الشخصية. ووافق الأب، ولم تصدق الفتاة ما حدث، طارت من السعادة، وأسرعت بتحضير أوراق السفر، وأعدت حقيبتها، وسافرت المهندسة للمرة الأولى فى حياتها بعيداً عن أسرتها، وباتت خارج منزلها. وانتهت الفتاة من مأموريتها على أكمل وجه، وحان وقت عودتها إلى الجحيم الذى كانت تعيش فيه. صعدت على متن الطائرة، وهى تتمنى ألا تعود، وأثناء سرحانها فيما ينتظرها، وقعت عيناها على شاب يجلس بالمقعد المجاور لها، فوجدته يتأمل وجهها كثيراً، فأغمضت عينيها، واحمر وجهها خجلاً لاحظه الشاب، فبدأ معها الحديث بالسؤال عن سبب سفرها، وطبيعة عملها، وكانت المصادفة أنه يعمل مهندساً، وارتاحت إليه الفتاة، ولأنها المرة الأولى التي تتحدث مع رجل شعرت تجاهه براحة نفسية فائقة وأخبرته عن تفاصيل حياتها بالكامل، وهنا أدرك الشاب أنه من المستحيل التواصل معها إلا عن طريق دخول البيت من بابه. وفوجئت الفتاة بعد أسبوع من لقائهما، بزيارته لها بالشركة، وطلب منها عنوان منزلها لخطبتها. وشعرت الفتاة بسعادة لم تشعر بها من قبل، خصوصًا أنها ستغادر السجن الصغير الذى مكثت فيه 24 عاماً. وتوجه الشاب إلى منزل الأسرة وطلب يد الفتاة من أبيها الذى رحب به، ولكنه فرض عليه شروطه وهى أنه لا يمكن الخروج أو الجلوس بمفرده مع ابنته حتى عقد القران. مما دفع الشاب أن يطلب منه إتمام الزواج على أسرع وجه. ولكن الأب رفض، وأخبره أنه غير مستعد لذلك. لكن الشاب أعلن استعداده بالتكفل بمصاريف الزواج بالكامل على أن يتم خلال شهر. ووافق الأب، وتم الزفاف. لاحظت العروس بعد مرور 5 أيام على زواجها عدم استحمام زوجها، ولفتت انتباهه فى استحياء بأنه مر أكثر من أسبوع ولم يستحم، وكان يتهرب منها الزوج يوماً وراء الآخر، حتى أصبحت تنبعث منه رائحة كريهة لم تستطع تحملها تسبب فى إحراجها ورفضها الخروج معه فى أى مكان عام بسبب اختناق الموجودين بالقرب منهما، خصوصًا أنهما تزوجا فى فصل الصيف، ظل هكذا لمدة شهرين متتاليين من زواجهما، وسألته الزوجة عن سبب ذلك، فأخبرها بأنه يعانى من مرض جلدى وحساسية مفرطة تمنعه من الاقتراب من المياه، صدمت العروس، وأخذت تفكر ماذا تفعل فى هذه المصيبة. وشعرت الزوجة أن هناك شيئاً خطأ، ولم تقتنع بمبررات زوجها، فتوجهت إلى الطبيب المعالج، الذى أكد لها أنه بالفعل مصاب بالحساسية، ولكن هذا المرض لا يمنعه من الاستحمام. وواجهت زوجها بهذه الحقائق ثار فى وجهها غضباً وأخبرها بأن هذه هى عادته، وأنه لا يرغب فى الاستحمام، وعليها أن تستمر فى الحياة معه على هذا النحو لأنه من المستحيل أن يتغير، وعاشت فى مشاجرات يومية بسبب محاولتها إقناعه بكل السبل، ولكن باءت جميعها بالفشل. وقررت أن تستدعى عائلته لتشهدهم على أفعاله، وكان ردهم عليها أن الموضوع لا يستحق ما تفعله، وأنها أعطته أكثر من حقه، وتأكدت الزوجة أنه لا يوجد حل لمشكلة رائحة زوجها الكريهة، فطلبت منه الطلاق إلا أنه رفض فقررت إقامة دعوى خلع أمام محكمة مستأنف الأسرة، التى قضت المحكمة بخلعها بعد اقتناع المحكمة بأسبابها.