آمنة نصير: ليس بالتكفير وحده نوقف انتشار ثقافة الانتحار والمنتحر غائب العقل وتسقط عنه المسئولية. الشيخ فرحات المنجى: لا مبرر لإزهاق النفس وملعون من هدم بنيان الله. الدكتور محمود عبد الرازق: الفقر والوقوع تحت حكم حاكم ظالم ابتلاء يتطلب القرب من الله، لا الانتحار. الداعية محمد هاشم: الانتحار مرفوض مهما كانت الضغوط. حذرت الدكتورة آمنه نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر كل من يقترب من مسألة انتحار الناس مكفراً إياهم، من مغبة المسئولية التى تنتج عن ذلك، وقالت نصير ل"الوفد": إنهم يجلسون على الأرائك مستريحون وعليهم أن يرحموا من فى الأرض حتى يرحمهم من فى السماء وبدلاً من إصدار فتاوى لتكفير هذه النفوس اليائسة يجب أن يشعر الجميع بالمسئولية ويفكروا فى حماية هؤلاء، أما كونهم كفاراً أو شهداء فهو حكم فى علم الله، وهو سبحانه لم يطلع على علمه أحد، فالله رحيم بهم أكثر من البشر، وقبل أن يتكلم أحد عليه أن يدرك أنه إذا يئست النفس غاب العقل فسقطت المسئولية، فهؤلاء الشباب ضاقت بهم أنفسهم، ويئست ففضلوا النهاية عن البقاء فى حياة تعتبر جحيماً بالنسبة لهم ". وأضافت نصير أنه لابد من السير فى عدة مسارات للوقوف ضد تفشي ثقافة الانتحار فى وسط الشباب واليائسين، فصحيح أن الأديان جميعها تؤثم هذه الفعلة ولكن لابد من تصحيح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أيضاً ولا نترك هؤلاء يغرقون فى الإحباط ثم نحاسبهم. وحملّت نصير جميع المسئولين فى مصر مسئولية ما يحدث، قالت:" كلهم مسئولون، من أصغر مسئول إلى أكبرهم، ولنذكر قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ولنتعلم منه كيفية الشعور والقيام بالمسئولية: "لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها، لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق يا عمر"، فمابالنا والناس غارقة فى الفقر، والعوز، واليأس من اصلاح الأحوال؟! وختمت نصير حديثها بالنصح لأولى الأمر فى مصر، مشددة على أن الله سوف يحاسبهم عما وصلت إليه هذه الأنفس من ضيق ويأس. الانتحار هدم لبنيان الله من جهته أعرب الشيخ فرحات المنجى من علماء الأزهر الشريف للبوابة الإلكترونية ل " الوفد" عن رفضه اعتماد أى تبريرات لإقدام الشباب على حرق أنفسهم وإزهاق أرواحهم، مؤكداً أنه مهما كانت الأسباب التى قد تدفعهم إلى هذا الفعل الشنيع فهى تعتبر كبيرة من الكبائر يحاسب الله عليها، والمنتحر الذى قتل نفسه متعمداً يعتبر خارجاً عن ملة الإسلام ولا يعتبر مؤمنا بالله على الإطلاق، قال:" إزهاق الروح كبيرة من الكبائر فهى حرام شرعاً، وديناً، وعرفاً، لأن الله قد أودع الجسد الإنسانى أمانة عند كل شخص فلا يجوز للإنسان أن يتصرف بسوء فى هذه الأمانة أو يعتدى عليها، وأبسط دليل أن الإنسان الذى جرح نفسه متعمدا يحاسبه الله على هذا الجرح، بجانب أن الإنسان يعتبر بنيان الله وملعون من يهدم هذا البنيان، فالله تعالى قد نهى البشر عن الإساءة لأنفسهم فى الآية الكريمة " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" . وأوضح الشيخ المنجى أن قيام هؤلاء الشباب بحرق أنفسهم قد يكون ابتلاء غير صريح من الله، بأننا قد نكون مخطئين فى حق أنفسنا بسبب الاختيارات غير السليمة للحكام والرؤساء ، فالله يسلط علينا من وليناه إدارة أمورنا ولكن الطريق الذى أرشدنا إليه القرآن للتغيير هو: " إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " والتغيير لا يتحقق بالحرق وازهاق النفس. الانتحار طريق للتعاسة متفقا مع ما سبق يؤكد الدكتور محمود عبد الرازق أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بالجامعات العربية، أن الشريعة الإسلامية حرمت الانتحار بكافة أنواعه لأنه يعتبر كفرا بالله وعدم امتثال لقوله تعالى: " فلا تقتلوا أنفسكم "، مضيفا أن حرق النفس يعتبر طريق التعاسة فى الدنيا والآخرة وأن العذر الوحيد الذى يسقط فعل هذه الكبيرة عن الإنسان هو جهله بالشريعة الإسلامية، أو التوبة النصوح إن نجا منها. وأوضح عبد الرازق أن إقدام بعض الشباب على حرق أنفسهم وإزهاق أرواحهم جاء نتيجة قلة إيمانهم وعدم فهمهم للدين للإسلامى بجانب أن الإعلام المصرى تسبب بما يعرضه على شاشات التليفزيون فى الانحلال الأخلاقى، مضيفا أنه إذا فهم الإنسان أن الله موزع الأرزاق والأقدار فلن يقبل على القيام بهذه الكبيرة أبداً، فالإنسان لابد أن يؤمن بأن الله إذا ابتلاه بضيق الرزق أو الفقر أو الوقوع تحت ظلم الحاكم فهذا اختبار، فيجب عنده التعلق بالله، والأخذ بالأسباب حتى يرفع الله عنه الابتلاء. وعن تقليد الشباب المصري للشاب التونسي الذى أحرق نفسه ففجر ثورة التونسيين، أكد عبد الرازق أن الوضع فى تونس يختلف عن الوضع فى مصر، فالدماء التى سوف تسيل فى مصر أكثر بكثير من الدماء التى سالت فى تونس، نظراً لارتفاع عدد سكان مصر عن تونس مؤكداً أن ما حدث فى تونس لن يغير شيئا من واقع العالم العربى، وأن الامور لن تؤول إلى وضع أفضل مما هو عليه الآن، أضاف:" التغيير يأتى من فهم قيمة الحياة، وليس من التخلص منها عن طريق الانتحار، أما الانتحارفسوف يحول الحياة إلى معركة ودماء ولن تصبح حياة بالمعنى الذى أراده الله حين استخلف الإنسان على الأرض وعلى كل إنسان فهم وإدراك الدورالذى خلقه الله من أجله، فالحاكم أو الرئيس لابد أن يلتزم بواجباته تجاه المحكومين ويراعى حقوقهم وأن يكون أميناً على أموالهم ويتقى الله فيهم، حتى لا تتسبب الضغوط فى انفجار الشعوب كما حدث فى تونس. و فى السياق نفسه أشار الداعية محمد هاشم إلى أن أسباب الانتحار من يأس، وإحباط، وفقر، وشعور الشباب أن الأبواب جميعها مغلّقة فى وجوههم، ليست مبرراً للانتحار، رافضا بذلك الانتحار مهما كانت الضغوط ، داعيا شباب مصر إلى السعى فى العمل وتطوير نفسه حتى يأتى الفرج من عند الله و يجد حلا للمشاكل التى يعانى منها. ومن جهة أخرى أكد هاشم أن القضاء على ظاهرة الانتحار يتطلب قيام الحكومة بمعالجة أسبابه من جذورها وسد الفجوة بين الأغنياء والفقراء فى مصر.