مع غروب الشمس وعلى أضواء الفوانيس وتزيين الحارات الضيقة بمنطقة الحسين ذات الأجواء الروحانية المميزة فى شهر رمضان الكريم، تجد شاباً يقف فى ساحة الحسين لجلب العديد من المواطنين للإفطار على الموائد التى تراصت على ضفتى الحارة بالداخل، مناديًا «فطار على مائدة الرحمن» فكانت مباهج المائدة مهنته هذا الشهر. وفى مشهد آخر ملىء بالحب والمشاركة، ترى آخرين يهتمون بتجهيز الفطور للصائمين، فلا يوجد بحارة الصالحية موقع لقدم من كثرة المقبلين على تلك الحارة والحارات المجاورة. وتجمع الأهل والأصدقاء على مائدة واحدة، منتظرين ساعة رفع أذان المغرب وتملأ السعادة وجوههم ويظهر على أعينهم الحب نتيجة لتلك التجمع، فكانت الجلسة تبدو ممزوجة بالمحبة والتعاون بين الجميع، ولك أن تتخيل ذلك المنظر المفعم بالطاقة الإيجابية. وافترش الكثير من الأسر المختلفة الأرض أمام مسجد الحسين التى أضافت أضواؤه جمالاً ساحرًا على المكان لتناول الإفطار فى أجواء الحسين المميزة، ويقومون بخطف لحظات من الذكريات تكمن فى التقاط صور تذكارية تجمعهم بأصدقائهم وأسرهم، فضلاً عن المطاعم التى امتلأت بالمواطنين فى ذلك الوقت. موائد الإفطار التى تملأ الحارات قبيل أذان المغرب كانت البداية التى التقت بها عدسة «الوفد» العديد من الشباب المتطوع لإفطار المواطنين، فلا يجوز أن يمر عابر دون أن يجلس ليشاركهم الفطور. وحيد الشرقاوى، شاب فى مقتبل حياته متعهد طوال شهر رمضان بالمشاركة فى تجهيز الإفطار للصائمين بإحدى حارات الحسين، فلم تغب عن ذهنه تلك الأجواء الرمضانية التى لم تختلف بمضى السنوات، واختلاف الأجيال. يروى «الشرقاوى»، أن وقت إعداد الطعام يبدأ فى الصباح الباكر من أجل توفير الوقت الكافى لإعداد الطعام، فالطهى على عجل يفقد الطعام نكهته، ثم بعد ذلك يقومون بتجهيز الموائد، ووضع المشروبات الرمضانية على المنضدة. ويستكمل حديثه: بأنه يقوم بجلب المواطنين من ساحة الحسين، قائلاً: «مفيش فرق بين فقير وغنى كل الناس صايمين» مشيرًا إلى أن أطفال الحارة لهم دور فى تجهيز الإفطار للمواطنين فى جو من الألفة التى اعتادوا عليها. محمد أحمد، رجل فى الأربعينيات من عمره يقف فى جانب من «حارة الصالحية» يقوم بتعبئة الطعام فى الأطباق للصائمين، وعلى وجهه ابتسامة لمشاركته الشباب الدؤوب فى تجهيز إفطار المواطنين. وأعرب عدد من المواطنين عن سعادتهم بالإفطار فى ساحة الحسين وتجمع الشعب المصرى العظيم على الأجواء الروحانية التى يبعثها مسجد الحسين، حيث يوجد للحسين أجواء لم يشهدها مكان غيره.