صدق.. ويجب أن تصدق, أن الحقائق إذا كانت واضحة أمام عينيك.. فيمكن أن تفقد القدرة على إبصارها!! قنابل الدخان, والقنابل المسيلة للدموع التى تطلقها أحزاب «الإسلام السياسى» تفقدنا القدرة على رؤية الحقيقة.. فالإخوة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب «المفقوسة» عنها – سلفية وجهادية وجماعات إسلامية – كلها ترتدى ثوب الدفاع عن الديمقراطية.. بل قل إنهم يقاتلون لأجلها, كما لو كانوا هم الذين قدموا للعالم النموذج الديمقراطى.. مع أن الحقيقة تؤكد عداءهم الشديد – فضلا عن رفضهم المتشدد – لها لكننا نصدقهم!!.. وإن سألتنى: لماذا؟!.. فإنني أستطيع أن أجيبك فى كلمات معدودة.. لأن أولئك أدركوا أن غايتهم تبررها الوسيلة.. وذاك منهج «ميكافيللى» الشهير.. وبالتأكيد كلنا نعرف أن «ميكافيللى» لا علاقة له بالإسلام على الإطلاق.. لكنه يمثل عقيدة لكل الذين يتورطون فى ممارسة السياسة.. ويمكنك أن تتأكد من ذلك إذا علمت أن «معاوية بن أبى سفيان» هو القائل: «السياسة نفاق.. والنفاق سيد الأخلاق»!! لن أستهلك وقتا ومساحة فى شرح ما أقصد.. فقط سأذهب إلى الوقائع على الأرض, لأوضح أن جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب المفقوسة عنها.. يقاتلون ضد الديمقراطية والذهاب إلى صناديق الانتخاب فى مصر.. وإن فزعت مما أطرح.. فأرجوك أن تقرأنى بهدوء.. ثم أعط لنفسك فرصة فكر فيما أقول.. وبعدها لك أن تتفق أو تختلف معى. إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب المفقوسة عنها, تريد لمصر أن تستقر وتعيش مناخا ديمقراطيا بالمعنى الحقيقى للكلمة.. فلماذا يفجرون الأزمات واحدة بعد الأخرى.. لماذا يتحالفون مع تيارات سياسية, هى بالضرورة خصم تقليدى وقديم لهم؟!.. ولماذا ينخرط السلفيون الذين أنتجتهم تلك الجماعة, فى ممارسة الديمقراطية بقبول ترشيح المرأة رغم رفضهم ظهور وجهها أو وضع صورتها فى لافتاتهم الإعلانية؟.. ولماذا تذهب الجماعة الإسلامية التى رفعت السلاح فى وجه الدولة والمجتمع, إلى إعلان التوبة عن العنف.. ثم تستدعى ذاكرة الإرهاب الفكرى بفرض الحديث عبر شاشات التليفزيون خلف ستارة!!.. وكيف يمكن لمن يدعى إيمانه بالديمقراطية أن يقهر مذيعة تليفزيونية بفرض ارتدائها «إيشارب» قبل أن تحاوره؟!.. مع أن القاعدة فى الإسلام إذا كانت تفرض الحجاب – وليس النقاب – تفرض أيضا على الرجل أن يغض البصر.. وكيف لى أن أصدق أولئك وهم الذين عاشت رموزهم فى أوروبا, بدعوى الهرب من بطش الأنظمة الديكتاتورية.. فسمحت لهم عواصم الدول الأوروبية بإطلاق اللحية وممارسة شعائر الدين الإسلامى.. لكنهم عاشوا سنوات يتجولون فى الشوارع بين العرايا من نساء الغرب الذين يقولون عنه إنه كافر ومعاد للإسلام.. تطاردنى الأسئلة واحدا بعد الآخر.. واعتقادى الجازم أنهم لا يملكون إجابات. أعود إلى رؤيتى فى أنهم يحاولون بكل ما يملكون, هدم معبد الديمقراطية على مصر.. فهم – جناحهم السلفى – كانوا يرون أن الخروج على الحاكم غير جائز شرعا.. بل وصلوا إلى حد تكفير من يقدم على ذلك.. وضمن المعلومات الثابتة أن جماعة الإخوان المسلمين, تزوجت – عرفيا – بنظام الرئيس المخلوع!! ودليلى على ذلك أنه كان الوحيد بين حكام مصر على مدى اكثر من 70 عاما.. الذى سمح لهم بدخول البرلمان بعد سنوات من تقلده السلطة.. سمح لهم بذلك فجعلهم يتحالفون مع حزب الوفد.. وكسبوا من التجربة مساحة أرض.. وعندما رفض الوفد السماح لهم بالتمدد وكسب المزيد من المساحات.. اعطاهم نظام مبارك الضوء الأخضر لكى يذهبوا إلى التحالف مع حزب العمل الاشتراكى.. فكان أن كسبوا مساحة أكبر من سابقتها.. بعدها تفرغ النظام لقتالهم عندما رفع جناحهم العسكرى السلاح – الجماعة الإسلامية – فى وجهه.. وبعد أن أعلنوا توبتهم عن ممارسة العنف.. ورفعوا الراية البيضاء, سمح لهم بالعودة على استحياء.. فكان أداؤهم السياسى تحت قبة البرلمان فيه قبلة حياة للدكتاتور وعصابته.. ثم استراح «المخلوع» فجعلهم يتمددون عند العام 2005 ليفوزوا بما لم يسبق لهم الفوز به.. حصدوا المقاعد ال 88 فى البرلمان.. مارسوا المعارضة الشكلية, حرصا على مقاعدهم تحت القبة.. ولحظة أن قرر النظام إعدام الديمقراطية بأكملها, نالهم ما نال كل التيارات السياسية.. لكنهم كانوا قد اتقنوا منهج الحزب الوطنى – الساقط – فاتخذوا من رفع الصوت أسلوبا.. وجعلوا الديماجوجية منهجا.. وساروا على درب «ميكافيللى».. وبما أن تلك الخلطة السحرية, أفسحت لهم الطريق.. فكانوا أكثر الرابحين من ثورة 25 يناير.. فهى التى جعلتهم يكشفون القناع.. وبما أنهم أكثر ذكاء من كل الدنيا!!.. تعجلوا النتائج فى وقت كان يفرض عليهم ترتيب المقدمات.. ولحظة أن أدركوا, أن الثمرة حان قطافها.. كشفوا عن وجههم.. فالديمقراطية بمعناها الحقيقى تعنى أنهم أقل بكثير جدا من الحجم الذى يروجون لأنفسهم به - نفس منهج ومنطق الحزب الساقط – وهذا جعلهم يرفعون الصوت دفاعا عن الديمقراطية, ويرفعون السوط لجلد كل من يأمل فى الذهاب إلى الديمقراطية!! وذلك يفسر وضعهم العصا فى العجلة أملا فى إرهاب «الشعب المصرى الشقيق» وجعله يلزم بيته يوم الانتخاب.. فهم الذين استدرجوه وخدعوه يوم استفتاء 19 مارس.. وبمرور الأيام اكتشف هذا «الشعب المصرى العظيم» زيف ما يروجون له.. فأصبح لزاما عليهم منع هذا الشعب من الذهاب إلى صناديق الانتخاب. كيف يحدث ذلك؟.. وكيف يحققون نجاحا تلو الآخر فى ممارسة خديعتهم؟.. تمنعنى المساحة من الإجابة فأؤجلها للأسبوع القادم.