حالة من الجدل المستمر صاحبت مناقشات «قانون ازدراء الأديان»، نظرا لاختلاف وجهات النظر حول بنود القانون، في ظل العقوبات التي نص عليها قانون العقوبات، وخاصة المادة 98 التي تنص على: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج أو التحفيز بالقول أو بالكتابة أو بأي وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الاضرار بالوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي. وقد أيدت الحكومة الإبقاء على نص المادة كما هى وعدم إلغائها، لتزيد من حجم الانقسام حول القانون، وتم إصدار قانون ازدراء الأديان عام 1970، وكانت المادة تتحدث عن ازدراء الفكر الشيوعى، وفى الباب 11 من قانون العقوبات يحدد المشرع الجنح المتعلقة بالأديان في المادتين «160، 161»، ووضع مجموعة من السلوكيات التي جرمها المشرع، ثم أضيفت المادة 171 التى تنص على عدم التعدي بالنشر بكل وسيلة «الصحف والكتب وغيرهما من وسائل النشر على أي دين». وقد ساهم القانون فى اشعال الفتنة داخل البرلمان بين الفريق الذى يطالب بإلغاء المادة، والآخر الذي يري ضرورة تطبيقها، فتقدمت النائبة آمنة نصير، بمقترح «قانون» لإلغاء مادة ازدراء الأديان بقانون العقوبات، وأيد طلبها 99 نائبًا، وهو ما جعل رئيس المجلس الدكتور على عبد العال يحيل المقترح مباشرة إلى لجنة الشئون التشريعية وليس إلى لجنة المقترحات والشكاوى، وفقًا للمتبع في المقترحات التي يتقدم بها الأعضاء، حيث إن تزكية كثير من النواب للطلب ساعد على توفير الوقت وعرض المقترح مباشرة على اللجنة التشريعية التي ستنظر فيه، ثم تعد عنه تقريرًا وترفعه مرة أخرى إلى رئيس المجلس ليعرضه على الجلسة العامة، ويأخذ التصويت النهائي من الأعضاء حول إصداره من عدمه. المقترح أثار خلافًا بين نواب البرلمان، فبعضهم طالب بعدم تغيير المادة ، لأنه من حق أى إنسان التفكير بما يشاء، ولكن دون اساءة إلى ثوابت ودين المجتمع بحجة حرية التعبير، والبعض الآخر تمسك بإلغاء المادة باعتبار أن الدولة تستخدمها كذريعة لحبس أصحاب الفكر. وقد تبنى الاتجاه السلفي بالمجلس والمتمثل فى حزب النور دعوات الابقاء على المادة والتصدي لحذف هذه المادة من القانون، بذريعة ان الغاؤها تهديد للأمن القومي. وفى هذا الصدد، أكد بهاء أبوشقة، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، على أن رفض الحكومة لإلغاء عقوبة ازدراء الاديان ليس ملزم للبرلمان، مشيرا الى ان اللجنة أجلت النظر فى القانون لحين أخد رأى الجهات الدينية المتمثلة فى الأزهر والكنيسة وبحث المسائلة من الناحية القانونية. وتابع «أبوشقة»، أن اللجنة لم تضع تقريرها لأن البحث مازال مستمر حتى نستطيع أن نعد بحثا قانونيا يطرح على اللجنة استعدادا لتقديمه الى رئيس المجلس لعرضه في الجلسة العامة والاقتراع عليه، لافتا إلى أن الاقتراحات الموجودة تتمثل فى عدة نقاط الأول يتمثل فى إلغاء النص كلية باعتباره اصطداما بحرية الرأى، فيما يأتى الثانى فى الابقاء عليه كما هو باعتباره يحمى الأديان السماوية، والأخير يطالب بإدخال بعض التعديلات التي تضمن إلغاء العقوبة والابقاء على الغرامة. وعن الاتجاه المطالب بإلغاء المادة ،أوضح محمد أبو حامد النائب البرلمانى، أن ازدراء الأديان أصبح يستخدم كذريعة لإساءة المفكرين وصاحبي الرأي، مؤكدا ضرورة الغاء المادة او ادخال بعض التعديلات التي تضمن الغاء عقوبة الحبس والابقاء على الغرامة . وأشار أبو حامد ، الى ان نص المادة الحالي يتعارض مع حرية التعبير والعقيدة ، منوها أن المادة قد تستخدم بشكل يسيء الى بعض الطوائف التي لا تمثل أقلية في المجتمع من قبل الاتجاهات المتشددة . وعن الاتجاه المعارض، شدد عاطف مخاليف، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، على ضرورة الابقاء على المادة (98) من قانون العقوبات حتى يتم محاسبة المخطئين والمتجاوزين فى حق النصوص الدينية الواضحة، فيما يخص النصوص الجدلية فيتم التعامل معها من خلال المتخصصين. وأشار «مخاليف» إلى أن معظم المدانين فى قضايا الازدراء يستحقون الاحكام الصادرة عليهم، لما اقترفوه من خطأ فى حق الدين، مطالبًا بضرورة تغليظ العقوبة على المخالفين التى تثبت ضدهم التهمة. وعن رأى الأزهر، شدد عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، على أنهم ضد ازدراء الأديان سواء فى حالة النص على هذا بقانون أو غيره، مشيرًا إلى أن الأزهر دائما ما يسعي الى الوسطية والقاع عن الدين ولذا لابد من تطبيق العقوبة على من يسيء لأى من نصوص الدين. وأكد «شومان»، أن الأزهر يحترم جميع مؤسسات الدولة، وعلى البرلمان المصري أن يكون على قدر المسئولية ولا يستخدم السلطة التشريعية في السماح بالإساءة للأديان.