تسأل "هلا" كيف تختار زوجها في الغربة.. حيث نشأت وتربت في كندا على قيم ومبادىء وأخلاقيات مختلفة عن تلك التي يحكي عنها والدها في بلدها الأصلي مصر، تقول "هلا": منذ تخطيت العشرين من عمري بدأ قلق والدتي يزداد بخصوص زواجي، ولاحظت أنها بدأت ترتبط بكثير من الأسر العربية وتحاول أن تعرفني عليهم، وبالطبع كنت أعرف مغزى هذا التعارف "العثور على عريس مناسب" قبل أن أقع في حب شخص غريب أو أجنبي لا يعرفون "أصله ولا فصله" كما يقولون،.. ومما زاد الطين بله أن أبي كان له وجهة نظر أخرى جعلتني أكثر توترا وهي أنه يريد لي زوجا من بلدي الأصلي وحبذا لو كان شابا من أبناء عمومتي، وهذا ما أرفضه تماما.. فأنا أريد أن أتزوج من يختاره قلبي أيا كان هذا الشخص.. ولابد أن يحترم أهلي رغبتي، فلا يوجد معنى لخوفهم من ارتباطي في الغربة حيث جاءوا بي فتربيت وكبرت، خصوصا وأنني أعرف كيف أختار من يتوافق مع ثقافتي وديني.. ولكن يظل التساؤل الرئيسي والحقيقي الذي يئن له مضجعي.. كيف أختار هذا الشخص من واقع بالفعل مختلف عن مجتمعنا الشرقي.. وأين أجده؟ وفي ردها على هذا السؤال تقول أميرة بدران ،الأخصائية النفسية والمستشارة الاجتماعية: مادمنا نتحدث عن فتيات تربين في الغرب إذن نحن نتكلم عن فتيات يحملن السلوك الاجتماعي والخبرات الحياتية والسياسية والعلمية للمجتمع الغربي، ولكنهن يحيين بمرجعية إسلامية تضبط هذه الحياة بأسرها، فمن السخف أن يتزوجن من المجتمع الشرقي الذي ينتمين إليه لمجرد أن جذورهن من هناك، وتتصورن أن اختلاف التربية والحياة والإدراك والثقافة والسلوك الاجتماعي يمكن تجاوزه أو غض الطرف عنه مقابل أنه مسلم شرقي. فهذا حمق في التفكير ليس له محل من الإعراب . وعلى السائلة أن تعي أن الزواج شراكة بين زوجين بينهما تكافؤ في كل مساحات وتفصيلات الحياة، وبدونه سيتحول من نعمة إلى نقمة بسبب سوء التفكير وسوء التصرف وتخبط الإدراك، وحين نقول تكافؤ لا نعني أبداً التشابه أو التساوي أو النسخ؛ لأنه لا يوجد أحد يشبه أحد تماماً على وجه الأرض ولن يكون. ولكن التكافؤ المقصود والذي يسبب النجاح هو قدر "التقارب" بين الطرفين في كل مساحات الحياة قدر المستطاع، فيكون تقارب فكري، سلوكي، ديني، علمي، نفسي،..الخ، وكلما كان الاختلاف بينهما ليس واسعاً ولا ضخماً كلما كان الزواج أقرب للنجاح، وكلما كانت درجة تدين الطرف الآخر وسلوكياته متقاربة منا.. كلما استقر الزواج ونجح. وعلى الفتاة أن تطمئن أنه سيكون هناك اختلافا ولكنه ليس الاختلاف الكبير الذي يؤدي لعدم التناغم. وتضيف بدران قائلة : يجب أيضا أن يكون هناك درجة من القبول أي الارتياح النفسي للطرف الآخر بجانب نقطة التكافؤ حتى يكون هناك ود ومعنى للعطاء والجهد الذي يتم بذله في الزواج من واجبات ومسئوليات، وأنه لا يكفي أن يكون متديناً أو مثقفاً ولكن الأهم أن تكون درجة تدينه تناسبنا وثقافته تتماشى معنا دون تزييف أو عدم صدق مع النفس. لذا فإن الزواج من غربي مسلم يتكافأ معنا كما شرحنا سيكون ناجحا، والزواج من مغترب تربى في نفس البيئة ويتكافأ معنا سيكون ناجحا أيضا، ولو قررت الفتاة الزواج من شرقي لا يتكافأ معها ستفشل، ولو تزوجت غربي أو مغترب لا يتكافأ معها لن تنجح أيضاً، إذن التكافؤ والقبول والأخلاق التي تتوافق مع شخصية الفتاة هي الفيصل الوحيد والحقيقي والتي على أساسها يتم الاختيار سواء كان شرقيا أو غربيا مسلما أو مغتربا، إلا أن الغربي المسلم والمغترب سيكون أنسب لأنه يعيش نفس المناخ ونفس الثقافة بنفس المرجعية الدينية.