النجاح الحقيقى للفنان لا يقاس بعدد الأدوار التى يقدمها، ولكن بحجم التأثير والانطباع الجيد بعد كل دور يقدمه لدى جمهوره، هى فنانة لم تتقمص يوما النجومية، ولم تعشق حالة الصخب التى تصنعها بعض الفنانات لأنفسهن، فهى لا تعترف إلا بالموهبة والقدرة على اختراق وجدان المشاهد، الفنانة هالة صدقى التى تعتبر نفسها محظوظة بمساعدة الآخرين لها، وترى أن فيلم «الهروب» مع الراحل الكبير أحمد زكى كانت فرصة العمر لها فى السينما، ونجحت فى أن تفرض نفسها على ساحة الدراما من خلال أدوار متنوعة وغنية بالمشاعر والموهبة قدمت أدوار الأرستقراط فى «زيزينيا» والرومانسية فى «أرابيسك» والكوميديا فى «نظرية الجوافة» و«جوز ماما» و«كيد الحموات» و«بنت البلد» و«فى عرض البحر» مع الراحل نور الشريف، وكانت أكثر جرأة فى اختيارها لدور صاحبة كباريه فى «حارة اليهود»، ولكنها تعتبر أن دورها فى مسلسل «ونوس» نقلة نوعية فى مشوارها الفنى الطويل، ودورا مهما وغنيا، حيث تجسد دور الأم الشرقية «انشراح» أمام النجم يحيى الفخرانى والذى يعرض فى رمضان القادم وإخراج شادى الفخرانى، والذى قالت عنه هالة صدقى: رفضت ثلاثة سيناريوهات مهمة ومع نجوم كبار من أجل هذا الدور، وتحدثت هالة صدقى فى حوارها ل«الوفد» عن المسلسل والسينما والسياسة ومصر فى حياتها كعادتها بكثير من الجرأة وكثير من التفاؤل. طلبتِ أن نبدأ الحوار بالحاضر، فحدثينا عن دورك فى مسلسل «ونوس» مع النجم يحيى الفخرانى؟ - دور جديد عليّ تماما وبدون تجميل، عمرى ما قدمته فى حياتى أو سبق تقديمه فى عمل آخر، فهو مكتوب بإبداع شديد وهو خط درامى مهم جدا فى خطوط المباراة التمثيلية الرائعة التى سيستمتع بها المشاهد فى رمضان القادم مع المايسترو يحيى الفخرانى والفنان نبيل الحلفاوى. الدور ليس وحده هو الذى أعتبره نقلة نوعية فى حياتى، بل العمل كله أراه نقلة مختلفة فى نوعية الدراما كأنى وجدت ضالتى بعد دور «حارة اليهود» العام الماضى، ووجدت عملا مختلفا بموضوعية وكل واحد من الجمهور سيجد نفسه من أبطال العمل، وسيجد الأبطال بين أسرته. كيف درست الشخصية لتتمكنى من مجاراة هذه المباراة الفنية؟ - شعرت بشىء من الخوف خاصة أن الدور به جرعة تمثيل ثقيلة، لأننى أول مرة أقدم دورا تراچيديا عكس توقع الناس وهو ما أخافنى، لأن الجمهور تعود منى علي مسحة من الكوميديا فى كل أعمالى، حتى الصعب فيها كنت لا أشعر بمثل هذه الرهبة والخوف، رغم أننى لم أتخوف من أى دور وقادرة على التنوع، وكان علىّ أن أجسد هذا الدور لأتحدى نفسى، ومن أجله رفضت ثلاثة مسلسلات مع نجوم كبار، الدور مغرٍ ولأول مرة يعطى المساحة الحقيقية لدور الأم التى ما زالت مهمشة فى الدراما، رغم أنها أثبتت أنها نصف المجتمع فى أصعب الظروف سواء فى ثورة 25 يناير أو 30 يونية. دور «انشراح» عمود فقرى فى العمل ومثلت المباراة التمثيلية مع «الفخرانى» و«الحلفاوى» وهى بطولة الحكاية وأحد أطراف الصراع فهى أم، نهر من الحنان وجبل من القسوة والصراحة لمصلحة أبنائها، وبه العديد من المفاجآت والعمل يقدم كل المشاركين فى أدوار استثنائية وهو من أجمل ما كتب عبدالرحيم كمال، وأرهن على أن الجمهور سيشاهد تنافسا وأداء أقوى من أداء «برشلونة» فى أقوى مبارياته. وكيف ترين العودة للتعاون مجددا مع «الفخرانى»؟ - «الفخرانى» أعتبره «وش السعد» علىّ، عملت معه أول فيلم سينمائى فى حياتى «نصف أرنب» وأول مسرح فى حياتى «حدوتة قبل النوم» إخراج السيد راضى، وعملت معه فى الدراما «زيزينيا» ثم «ونوس» وهو الآن مثل عادته غول تمثيل، يعطيك مساحة من التألق والإبداع ويمنحك نفس المساحة التى يلعبها وهذه شيمة الفنان الموهوب المتمكن، إضافة الى أن العمل ملىء بالإثارة والتشويق من أول حلقة تجعل الجمهور ينتظر كل يوم ليرى الجديد. أين تجدين نفسك أكثر تألقا فى نوعية الأقدار؟ - أحب الكوميدى «اللايت» والرومانسى وبنت البلد، وقدمت كل هذه النوعيات ونجحت معي، وبصراحة أنا أجدد جزءا من هالة صدقى فى كل دور أقدمه، لكن لم أتخيل نفسى فى هذا الدور الغنى بالمشاعر المتناقضة والتمثيل فهو استفز ما تبقى بداخلى من موهبة وسط فريق عمل معجون تمثيل وموهبة أيضا. بصراحة شديدة هل ترين للحظ دورا يدعم موهبة الفنان؟ - بالتأكيد أنا من الفنانات التى صادفها بعض الحظ، وجدت نجوما محترمين ساعدونى فى البداية وقدمونى خاصة وأنا لا أمتلك الخبرة التى لا تمكن أحدا من الحكم على موهبتى، مثل تحمس محمد صبحى لي في «سنبل بعد المليون» وقدمت بعدها أدوارا مهمة فى مسلسلات مهمة مثل «لا يا ابنتى العزيزة» و«زيزينيا» و«أرابيسك» والحظ خدمنى أيضا بعرض كل هذه الأعمال فى رمضان، وهو أمر خدم موهبتى وعززها لدى الجمهور وصناع الدراما وهذه الأمور فرقت معى كثيرا بصراحة شديدة. وكيف ترين الإنتاج الدرامى فى رمضان القادم؟ - نحن هذا العام نمر بكارثة إنتاجية بسبب الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلد، وبعد إنتاج من 30 الى 40 مسلسلا لم نكمل ال18 مسلسلا هذا العام، ومنها أعمال بدأت تتوقف رغم مبادرات النجوم فى تخفيض أجور وميزانيات، وأصبحت الأزمة أكثر خطورة على مستقبل الصناعة، وأصبح المنتج الذى يكمل عمله «انتحارى» وسط هذه الظروف رغم أنه تاجر فى الأساس، يريد أن يكسب وهناك شركات معينة تريد فرض سيطرتها على صناعة الدراما وتستقطب بعض النجوم أصحاب الجماهيرية وتغريهم بالملايين، لكن هذا لن يستمر طويلا طبعا ولذلك لا بد أن تتدخل الدولة وتعيد الإنتاج الدرامى لديها للنور، لأنها «رمانة الميزان» فى هذه الظروف خاصة أن صناعة الدراما هى صناعة فكر وإبداع وتوجيه فى الأساس، ولا يمكن تركها فى يد قطاع واحد يسيطر على توجهات المجتمع. إذا كانت هناك كارثة إنتاجية فى الدراما فكيف ترين حال السينما؟ - السينما تعيش انتعاشة محدودة مثل الحمل الكاذب، تجد أعراضا دون نتيجة فهى تحتاج لمزيد من الإنتاج وكثير من التجويد حتى تعود لحالتها التى تربينا عليها. وأضافت: اعتذرت عن ثلاثة أفلام، لأن طابعها تجارى فقط ليس فيها شيء من فن السينما ولم يناسبنى شيء منها وهذا يجعلنى أستمر فى الدراما أفضل طبعا، خاصة أننى أحتفظ برصيد محترم مع الجمهور فى السينما ويكفينى عملى فى «الهروب» مع العظيمين الراحلين أحمد زكى وعاطف الطيب، فهو علامة من علامات السينما المصرية تمثيلا وإخراجا وقدمنى للناس وحقق نجوميتى فى السينما. كيف ترين صورة الواقع فى مصر حاليا؟ - حزينة لحملة «التشكيك» التى يقودها بعض المنتفعين وأصحاب الآراء المهزوزة، الذين لا يرون خطورة المرحلة التى يعيشها الوطن والظروف والتحديات الصعبة التى نواجهها، ويتحمل عبئها رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى وشعبه وجيشه وشرطته، فهم أشخاص لا يريدون لهذا البلد أن يستكمل مشوار النجاح الذى بدأه الرئيس بخطى ثابتة وأصبحت «السوشيال ميديا» تحكم آراء المصريين وتلعب بعقول البسطاء منهم، نحن شعب محترم ويحب رئيسه ويثق فيه ويعلم يقينا حجم المؤامرة التى تتعرض لها مصر. وأين دور الفن والمبدعين من الأزمات؟ - نسعى قدر المستطاع لمواجهة ظروف الإنتاج الصعبة، فنحن نتعرض لمؤامرة ومحاولة الاحتلال الفكرى من جهات تعلم أن السيطرة على الإنتاج الدرامى والسينمائى، أهم وأكبر من احتلال الأرض وهذا يحتاج لأن تفيق الدولة من غيبوبتها، وعودتها للتدخل فى حل مشاكل صناعة السينما والدراما ونحن مستعدون للتعاون بكل ما نملك.