ما بين شقى الرحى ما زالت الحكومة تطحن العمال والموظفين، ولا يهمها أن يكون بمصر نحو 14 مليون عامل معظمهم شباب بدون غطاء قانونى وتأمينى، ويعيشون ظروفاً صعبة، تجبرهم على ترك منازلهم مع خيوط الفجر والعودة إليها بعد اختفاء قرص الشمس، لتوفير لقمة عيش تسد رمق الأفواه الجائعة. ورغم البيان الوردى للحكومة الذى مرره مجلس النواب، إلا أن عمال مصر لا يتفاءلون كثيراً بما جاء به ويبدو أنهم كما أكدوا ل«الوفد» سيستمرون كثيراً فى هذه المعاناة داخل مواقع العمل وخارجها، يعانون الأمرين فى المواصلات التى تستهلك طاقاتهم وتستنزف رواتبهم، ويضربون أخماساً فى أسداس من وعود الحكومة التى تبخرت، ومن ضآلة الراتب الذى لا يزيد فى مجمله على 1200 جنيه شهرياً ويلتهم غول الأسعار أى زيادة تطرأ عليه، وهو ما أكدته رشا عبدالستار وهى تحدثنا عن هموم عمال مصر بعد ثورتين عظيمتين تحدث عنهما كل العالم.. وتضيف قائلة: "التحقت بالعمل بعد ثورة 25 يناير ضمن قائمة تشمل 5 آخرين أصبحنا مسئولين عن كل العمل تقريبًا، وذلك مقابل 1200 جنيه أعين بها زوجى الذى كان يعمل فى قطاع السياحة، قبل أن يتعرض لأزمات متتالية انتهت بطرده من عمله، وأصبح راتبى هو كل دخلنا، معنا 3 أطفال اثنان منهم فى مرحلة التعليم الابتدائى والثالث ما زال رضيعًا أودعه حضانة مقابل 200 جنيه شهريًا والباقى ننفق منه على الأسرة، وتصبح المعاناة هى عنوان حياتنا، بدءًا من الخروج من المنزل صباحًا ومشاكل المواصلات، والطرق المزدحمة، حتى أصل لعملى مبكراً وأفوز بكرسى أجلس عليه فى الغرفة المزدحمة ب6 مكاتب، وتتجدد رحلة المعاناة فى الإياب ولكن الحمد لله أننى خرجت للعمل وإلا تسولنا أنا وزوجى والأطفال". ومن الموظفين فى الجهاز الإداري إلى العمال فى الشركات الحكومية المعاناة واحدة، حيث يخرج رامى عبد الستار من منزله ليذهب إلى عمله فى إحدى شركات المقاولات الحكومية، ليحصل فى نهاية الشهر على 1200 جنيه، مشيرًا إلى أنه يدفع منها 600 جنيه إيجارًا شهريًا، بعدها من المفترض أن يعيش هو وزوجته وطفلان بما تبقى من الراتب، ويضيف: "إذا تغيبت عن العمل ليوم أو أكثر يتم خصم البدلات عن الراتب"، ويضيف "نحاسب على هذا اليوم ب5 جنيهات فقط، ولذلك نحاول بقدر الإمكان ألا نتغيب عن العمل، وفى نهاية العام يضيع علينا رصيد الإجازات دون أن نحصل عليه أو على مقابل مادى عنه. ويشير محمد راضى، العامل بنفس الشركة، إلى أنه يحصل على راتب قدره 2000 جنيه شهريًا ومع ذلك لا يكفى شيئًا، فلديه 4 أطفال اثنان منهم فى المرحلة الابتدائية يحصلون على دروس ب275 جنيهًا شهريًا، وإيجار الشقة 450 جنيهًا، بالإضافة إلى المصاريف الشهرية كالمياه والكهرباء التى تزيد كل شهر، وما يبقى من الراتب نأكل به وندعو الله ألا يصاب أى من الأطفال بأى مرض حتى لا نذهب للطبيب ونشترى علاج، وأضاف قائلاً: المرتب لا يكفى 10 أو 15 يومًا فى الشهر بعدها نقضيها سلف، والله وحده يعلم كيف تسير بيوتنا، فالأسعار نار وكل يوم فى الطالع ومرتباتنا مهما زادت لا توازى ارتفاع الأسعار، ولكن ما باليد حيلة، ولا نستطيع العمل فى أى مكان آخر، فالبلد حالها واقف والشباب لا يجدون عملاً فلا نملك سوى الدعاء لله. وتؤكد إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن القوى العاملة بمصر (أى عدد السكان فى سن العمل) يبلغ 27.622 مليون شخص، وتصل قوة العمل بين الذكور 21.166 مليون، فيما تبلغ 6.456 مليون بين الإناث. ويصل عدد المشتغلين بالفعل إلى 24 مليونًا، منهم 19.1 مليون من الذكور مقابل 4.9 مليون للإناث، ووزعت إحصاءات الجهاز المشتغلين جغرافيًا، ليبلغ عددهم فى الحضر 10 ملايين نسمة، وفى الريف بلغ 14 مليون مشتغل. ويبلغ عدد المشتغلين داخل المنشآت الاقتصادية 9.3 مليون، موزعين ما بين مليون بقطاع الأعمال العام بنسبة 11.2% بينما استوعب القطاع الخاص النسبة العظمى من العاملين ويبلغ عددهم 8.3 مليون بنسبة 88.8% من إجمالى عدد المشتغلين داخل المنشآت الاقتصادية، وهو ما يعنى أن عدد المشتغلين خارج منظومة الاقتصاد الرسمى بلغ 14.7 مليون، أى أن أكثر من 50% من عدد المشتغلين فى مصر، وتكشف لغة الأرقام أيضاً أن من يعمل تحت مظلة الحقوق القانونية من خلال عقود العمل بلغ عددهم 6 ملايين من إجمالى العاملين، فيما بلغ عدد من يعمل بعقود عمل خارج المنشأة 1.8% ليبلغ عدد العاملين فى مصر دون غطاء قانونى وبعيد عن معايير العمل اللائق 13.2 مليون من إجمالى حجم المشتغلين فى مصر والبالغ عددهم 24 مليون شخص. متوسط الأجور أما فيما يتعلق بالأجور، فقد فجرت إحصاءات الجهاز مفاجأة حيث ثبت أن متوسط أجور العاملين فى القطاع الحكومى أعلى من غيرها بكثير، فبحسب الإحصاءات سجلت المنشآت التى يعمل بها عشرة عمال فأقل متوسط أجر بلغ 10 آلاف سنويًا بمتوسط شهرى 834 جنيهًا ومتوسط الأجر اليومى 27.8 جنيه، لمتوسط ساعات عمل 47.2 ساعة أسبوعيًا، بينما كان متوسط الأجر بالقطاع العام 58.5 ألف سنويًا بمتوسط شهرى 4833 جنيهًا، أما القطاع الخاص بلغ متوسط الأجر 23 ألف جنيه سنويًا ليبلغ متوسط الأجر الشهرى 1916 جنيهًا، وبهذا يكون متوسط الأجر الشهرى للعامل المصرى بشكل عام 2425 جنيهًا. أما العمالة غير المنتظمة من الصناع أو التجار أو العمال أو المزارعين، التى تعمل خارج إطار عقود العمل الضريبى والتأمينى للدولة، ولا تخضع لرقابة الحكومة ولا تدخل فى حسابات الناتج القومى الإجمالى، أو ما يعرف بالعمالة الفردية، فقد أوضحت الإحصاءات أن عدد المشتغلين بأجر نقدى بلغ نحو 14.7 مليون مشتغل بنسبة 61%، وأصحاب الأعمال نحو 3.3 مليون صاحب عمل بنسبة 13.9%، بينما بلغ عدد المشتغلين ممن يعملون لحسابهم نحو 3.2 مليون شخص بنسبة 13.4%، والمشتغلين لدى الأسر بدون أجر 2.8 مليون عامل بنسبة 11.7%، ويعد الصيد هو النشاط الأكبر الذى ما زال يستحوذ على أكبر نسبة مشاركة للمشتغلين فى الأنشطة الاقتصادية بعدد العاملين 6.5 مليون مشتغل بنسبة 27%، وجاء نشاط التشييد والبناء فى المركز الثانى بعدد 2.7 مليون مشتغل بنسبة 11.4%، يليه نشاط تجارة الجملة والتجزئة بعدد 2.6 مليون مشتغل بنسبة 11.1% من إجمالى المشتغلين محققًا المركز الثالث بين الأنشطة الاقتصادية فى نسبة المشاركة، ثم نشاط الصناعات التحويلية بعدد 2.5 مليون مشتغل بنسبة 10.7%، وكان نشاط العقارات والتأجير أقل الأنشطة من عدد المشتغلين ليبلغ 29 ألفًا بنسبة 0.1% من إجمالى المشتغلين. وتؤكد وزارة القوى العاملة فى بيان رسمى لها، أن العمالة غير المنتظمة تمثل نسبة 55% من إجمالى القوى العاملة على مستوى كل قطاعات العمل الخاص والعام. التأمينات وتكشف إحصاءات الجهاز أن نسبة العمال المشتركين فى التأمينات الاجتماعية لإجمالى العاملين 75.1%، ونسبة العمال المشتركين فى التأمين الصحى 49.9%، أما نسبة العاملين بعقد قانونى فتبلغ 55.1%، والمشتركون فى نقابة عمالية أو مهنية فتبلغ نسبتهم 23.7%، وهو ما يثبت أن هناك عددًا كبيرًا من العمالة المصرية تعمل دون غطاء تأمينى أو نقابى، وأنهم عرضة للتنكيل بهم وشبح البطالة يهددهم فى أى لحظة.