اعتاد المصريون من حكوماتهم المتعاقبة، على سيل من القوانين التى تتغير وتتبدل وفقاً لمستجدات الأمور، أو بطلب من الحاكم إما للقضاء على عوار فى تشريعات سابقة، أو سن قوانين تتواكب مع مستجدات تتعلق بحماية البلاد أو حماية الحاكم نفسه. و من بين هذه القوانين ما أطلق عليه قوانين معيبة أو مخالفة أو يشوبها العوار الدستورى، أو يرفضها الشارع المصرى رفضاً تاماً لأنها تفرض مزيداً من القيود على حياتنا العامة، مما يزيد من عتمة الحياة التى حالت دون أن نلحق بركب التقدم الذى بات شعارا للعديد من الدول التى كان يطلق عليها «نامية» فأصبحت فى تعداد الدول المتقدمة، وتركتنا فى ذيل المرحلة تحت شعار دولة «نائمة». ثورة الشعب على تلك القوانين امتدت لعقود طويلة، وسوف تستمر خلال المرحلة المقبلة، لمواجهة خلل تشريعى يُراد به الضغط على رقاب العباد، من قبل حكومات وأنظمة تهدف فى المقام الأول إلى حماية نفسها ورجالها، بعيداً عن متطلبات شعب تجرع كؤوس العبودية لسنوات عجاف!! باختصار.. نُقدم من خلال هذا الملف عدة نماذج لقوانين هزت عروش الحكومات بسبب انتفاضة الشعب ضدها، ورفضها لأكثر من مرة، ونأمل من حكومة الدكتور شريف إسماعيل، أن تتعامل مع القوانين المُعلقة من باب المصلحة الشعبية فى المقام الأول، أن تُعيد إصلاح ما بها من خلل من باب التشريع للمستقبل بدلاً عن التشريعات المرحلية التى تتنافى جدواها بعبور ما شرعت من أجله.. مصر تحتاج قوانين مستنيرة تعبر بها إلى غدٍ أفضل لشعب يستحق الحياة. «الإرهاب» ولد من رحم الخوف فى 16 أغسطس 2015، وافق الرئيس عبدالفتاح السيسى، على العمل بقانون مكافحة الإرهاب، الذى قدمته رئاسة الوزراء فى يوليو من العام نفسه، بعد إعداده من قبل لجنة الإصلاح التشريعى، التى شكلها «السيسى»، بإشراف من وزارة العدل، فى تداعيات فض اعتصامى النهضة ورابعة العدوية وتزايد العمليات الإرهابية فى سيناء. وتسبب إقرار القرار فى موجة من الغضب من قبل المجتمع الدولى، ونشطاء حقوق الإنسان، الذين وصفوه بأنه قامع للحريات، ويكبح حقوق الشعب، إلا أن آخرين وصفوه بأنه يحمى المجتمع ويعزز الوحدة الوطنية ويمنع ترويج أفكار داعية للعنف بهدف القضاء على الجماعات الإرهابية. ينص القانون على حماية من يقومون على تنفيذ هذا القانون من الجيش والشرطة من أى تبعات قانونية إذا ما استخدموا القوة أثناء تنفيذ هذا القانون، وتغريم كل من يبث أو ينشر معلومات «غير حقيقية» عن العمليات العسكرية بالمخالفة للرواية الرسمية، كما يجيز القبض على الأشخاص فى غير حالة التلبس ودون صدور أمر قضائى من قبل مأمورى الضبط. يسمح القانون لرئيس الجمهورية أو من يفوضه، باتخاذ أى تدابير، بدعوى «المحافظة على الأمن والنظام العام» فى حالة حدوث ما قد يمكن اعتباره خطرًا من أخطار الإرهاب، بما يبيح حظر التجوال أو تكريس حالة الطوارئ غير المعلنة، وهو ما أعده البعض مشابها للقانون الطوارئ. ولم يكن القانون وليد العصر الحالى، وإنما أعلن الرئيس محمد حسنى مبارك، فى يوليو 2005، عن نيته إصداره كبديل لقانون الطوارئ، وبالفعل كلّف الدكتور مفيد شهاب ، وزير الدولة للشؤون القانونية آن ذاك، بدراسة القوانين المتعلقة بالإرهاب عالمياً، وإعداد مشروع قانون لمكافحة الإرهاب يحل محل قانون الطوارئ، وانتهى من صياغته فى ديسمبر 2007، إلا أن البرلمان لم يقره فى 2009، ووافق على تمديد حالة الطوارئ، فى 2010، على أن يقتصر العمل به على مكافحة الإرهاب والمخدرات. قطع الأعمال الباب المفتوح لحيتان الفساد يعتبر هذا القانون البوابة الملكية للفساد فى زمن الرئيس المخلوع مبارك، الذى استمر فى سدة الحكم 30 عاما كانت مع العام 1991، عندما تم إصدار قانون قطاع الأعمال العام رقم 203، حيث رسخ هذا القانون الفساد فى الدولة المصرية. وسبق إقرار هذا القانون توقيع الحكومة اتفاقا مع صندوق النقد الدولى، والبنك الدولى التزمت فيه مصر ببيع القطاع العام المصرى كله، وتحويل جميع الملكيات العامة لملكيات خاصة ورفع الحماية عن الصناعة الوطنية، وتوقف الحكومة عن تمويل الاستثمارات العامة. كان الغرض من هذا القانون هو بيع الشركات التى كانت تتبع الوزارات كل حسب تخصصها، لكنه فى الحقيقة حول البلاد إلى «عزبة» خاصة لعائلة مبارك، وأفراد نظامه ورجال الأعمال، حيث بدأت عمليات بيع القطاع العام، وأصبح هناك 316 شركة قطاع عام تخضع لهذا القانون. وأبرز مواد قانون قطاع الأعمال رقم 203 لسنة 1991، التى كانت تنص على أنه «يجوز بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء تحويل إحدى الهيئات الاقتصادية أو المؤسسات العامة أو شركات القطاع العام المقرر لها أنظمة خاصة إلى شركة قابضة أو شركة تابعة تخضع لأحكام هذا القانون». وحين أصدرت الحكومة قانونا لقطاع الأعمال، أعلنت أنها بصدد بيع الشركات الخاسرة، لكنها لم تلتزم بما قالت واتجهت إلى بيع الشركات الرابحة أيضًا، ويُذكر أنها كانت تنفق جزءًا من حصيلة بيع القطاع العام على الشركات الخاسرة لتجهيزها للبيع. ومع إصدار هذا القانون تم استحداث وزارة قطاع الأعمال فى 1991، وتولاها حينها الدكتور عاطف صدقي، الذى شغل منصب رئيس الوزراء أيضًا، ومعها بدأت عملية الخصخصة، حيث كان هناك 27 شركة قابضة تتبعها 314 شركة تابعة، وفى عام واحد فقط تم بيع 7 شركات. وفى 1996 وصل عدد شركات قطاع الأعمال إلي 16 شركة قابضة يتبعها 247 شركة، حيث تم بيع 67 شركة خلال خمس سنوات. وأعلنت حكومة الدكتور كمال الجنزورى، التى خلفت وزارة عاطف صدقى عن برنامج متكامل لخصخصة القطاع العام ، وجاءت حكومة عاطف عبيد، الذى استكمل برنامج الخصخصة، ومع نهاية فترة تولى عبيد لوزارة قطاع الأعمال 1999 كان عدد الشركات القابضة قد وصل إلى 10 شركات يتبعها 185 شركة، وهو ما يعنى بيع 129 شركة. ولعل أشهر قضايا الفساد التى واجهت عاطف عبيد فى هذا الصدد قيامه ببيع شركة أسمنت أسيوط مقابل مليار و380 مليون جنيه فقط لمستثمر رئيسى فى شركة سيمكس المكسيكية بنسبة 90 % بينما كان العاملون بالشركة 10% فقط. تنظيم الصحافة يفسد العلاقة بين الجماعة الصحفية والحكومة أشعل القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام انقساما حادا بين الجماعة الصحفية، بعد انتهاء اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والمكونة من خمسين عضواً من إعداده، باعتراف رسمى من الحكومة ومتابعة من الرئاسة. اعترض فريق من الصحفيين على القانون لوجود عوار فى صياغته، بينما رحب به آخرون باعتباره منقذا للصحفيين من جميع المشكلات، والبساط السحرى للقضاء على الفوضى الإعلامية. وما زاد من توهج الأزمة وأشعل المعركة بين الحكومة والصحفيين، بيان حكومة شريف إسماعيل، أمام مجلس النواب، بطرح قوانين متعلقة بالمجلس الوطنى للإعلام ونقابة الإعلاميين وقانون الصحافة، مما أعده بعض الصحفيين تلاعبا عليهم. وأعلنت نقابة الصحفيين، رفضها التام لأى مناقشات حول القانون، مؤكدةً أنها لن تقبل بالمحايلة على القانون التى توافقت حوله الجماعة الصحفية والإعلامية، وستبذل قصارى جهدها للتصدى لمحاولات الالتفاف من بعض الجهات على القانون. واستنكرت الجماعة الصحفية تأخر إصدار القانون الموحد، الأمر الذى أدى إلى مطالبة، نقيب الصحفيين يحيى قلاش، خلال اجتماعه مع الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، بضرورة تعجيل إصداره، ولكن رئيس المجلس أكد أن الحكومة لم ترسل نص القانون لطرحه على البرلمان. وبعد ذلك تداولت المواقع تصريحات للمستشار مجدى العجاتي، تُفيد بأن هناك لجنة بوزارة العدل ستراجع القانون الموحد منفردة، بعيداُ عن النقابة واللجنة الوطنية للتشريعات الممثلة لكل الهيئات الصحفية والإعلامية، مما آثار استنكار الجماعة الصحفية، باعتباره خروجا عما تم الاتفاق عليه مع الحكومة، فعاد العجاتى لينفى ما صرح به. اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية ستجتمع منتصف الأسبوع القادم؛ لتحديد مصير القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، حسبما أكد الكاتب الصحفى صلاح عيسى عضو اللجنة الوطنية، فى تصريحات ل»الوفد». وشدد الدكتور محمود علم الدين، عضو اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية، على ضرورة إيضاح وتحديد وإعلان موقف الحكومة من القانون الموحد، فى أقرب وقت ممكن، داعيًا إلى إجراء حوار بين الحكومة والجماعة الصحفية؛ لمناقشة أى نقاط تتعارض عليها الحكومة. "الطوارئ" سيف يهدد رقاب المواطنين لم يكن قانون الطوارئ مجرد أمر أحرج النظام أمام شعبه أو أمام العالم كله فحسب، وإنما أطاح بنظام بأكمله، بعد أن فاض الكيل بالمواطنين، لما منحه للسلطة من إجراءات رادعة، وفرض الرقابة، وإعطاء الشرطة صلاحيات أكثر للقمع والاستبداد والتعذيب. ويُعد قانون الطوارئ نظاما دستوريا استثنائىا تُعلنه البلاد فى حالة الحرب أو الأزمات، وتمنع خلاله الدولة التجمهر والتظاهرات والمسيرات، والاجتماعات، والعمل السياسي، فضلاً عن منح السلطة التنفيذية صلاحيات تفتيش البيوت والقبض على المواطنين دون إذن قضائي، وتمنع التبرعات المالية غير المسجلة. خضع الشعب المصرى لتنفيذ قانون الطوارئ – الذى سُن رقم 162 لسنة 1958- منذ عام 1967، وحتى عام 2011، باستثناء 18 شهراً فى عام 1980 ثم أعيد فرضها بعد اغتيال الرئيس أنور السادات فى أكتوبر 1981م، وكان يجدد كل ثلاث سنوات فى عهد مبارك، وكان يزيد من صلاحيات الشرطة فى سلب الحقوق والحريات، حتى انفجر المواطنون ضده، وأطاحوا بالنظام. وفى عهد مبارك، تسبب قانون الطوارئ فى احتجاز أكثر من 17.000 ألف شخص وقُدر عدد السجناء السياسيين بأكثر من 30.000 سجين. وعلى الرغم من أن البرلمان صادق على مده فى 12 مايو 2010، وأكدت الحكومة أنها ستستهدف من خلال الإرهابيين والمخدرات فحسب، إلا أن ذلك أشعل غضب الشعب، وزاد غضبه، حتى خرج فى تظاهرة ضد ممارسات الشرطة، تحولت إلى ثورة عارمة. وفى 31 مايو 2012، قرر المجلس العسكرى إيقاف العمل نهائيًا بقانون الطوارئ، ثم أعاده الرئيس المؤقت عدلى منصور، فى ظروف استثنائية، عقب فض اعتصامات أنصار جماعة الإخوان. الخدمة المدنية مصيدة حكومية للعاملين في الدولة ضجة كبيرة وجدلًا واسعًا آثاره قانون «الخدمة المدنية» منذ اللحظات الأولى لصدوره بقرار جمهورى من الرئيس عبدالفتاح السيسى، بإصدار هذا القانون الذى يحمل رقم 18 لسنة 2015. محطات عديدة مر بها هذا القانون، البداية كانت مع احتجاجات الموظفين، حيث نظمت النقابات العمالية المستقلة عدة تظاهرات للعاملين بالضرائب وموظفى الجمارك بوزارة المالية ونقابة الأثريين أمام نقابة الصحفيين احتجاجاً على قانون الخدمة المدنية. وجاء رفضهم للقانون بسبب ما نص عليه بفصل العامل بسبب الانقطاع عن العمل دون سابق إنذار، وامكانية توقيع الجزاء عليه تعسفياً، والاحتفاظ بذلك فى ملف خدمته، الأمر الذى يمكن أن يؤثر على تقرير كفاءته والأجرالذى يتقاضاه. وهدد العاملون بالضرائب بالإضراب، فى أغسطس الماضي، باعتبار أن قانون الخدمة المدنية يُجمد حوافز الموظفين ويعرض زياداتهم السنوية إلى انخفاض كبير يتراوح ما بين 75 و80%، لتنحصر الزيادات فى معدل 5% فقط. وحدد العاملون وقتها مطالبهم بإرجاء العمل بالقانون لمدة عام، لحين وضع آلية جديدة لتنفيذه، والعمل على إنشاء هيئة اقتصادية تتولى تحصيل الموارد السيادية للدولة، بعيدًا عن قانون الخدمة المدنية، مع وضع نظام لتحفيز العاملين بتلك المصالح، تعويضاً لهم عما أصابهم من خفض فى دخولهم على أثر تطبيق القانون. وكان العمل بالقانون قد بدأ بالفعل فى يوليو من العام الماضي، باستثناء المواد التى تتطلب تفسير اللائحة بالإضافة إلى عدم تطبيق الشق المالى للقانون فيما يخص الأجور والترقيات اعتبارا من يوليو القادم. واعتمد مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية فى 8 نوفمبر الماضي، بعد أن جرت عليها بعض التعديلات الطفيفة، وضمت اللائحة للقانون نحو 9 أبواب رئيسية، ما بين الأحكام العامة، والوظائف والعلاقة الوظيفية، وتقويم الأداء، والترقية والندب والإعارة والحلول، والأجور والعلاوات، والإجازات، وانتهاء الخدمة، بالإضافة إلى باب الأحكام الختامية. ووقتها أعلنت فوزية حنفي، رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، أن اللائحة ستطبق على جميع الموظفين فى الجهات الحكومية. ورأت أن قانون الخدمة المدنية سيعطى كل موظف حقه حسب مجهوده وإنتاجه والتزامه بواجباته فى العمل، وسيحاسب المقصر والمهمل، سيفرق بين الحاصلين على إجازات بدون مرتب والمنتظمين فى العمل. وفى يناير الماضى رفضت لجنة القوى العاملة فى مجلس النواب، برئاسة صلاح عيسى، قانون الخدمة المدنية، بعد أن أرسلت النقابة العمالية المستقلة، وفداً لتسليم 542 ملفاً يحمل ملاحظات على القانون. وقرر مجلس النواب رفض قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 18 لسنة 2015 بشأن إصدار قانون الخدمة المدنية، فى جلسته العامة فى 20 يناير الماضى، وصوت بالموافقة على رفض القرار بقانون 332، بينما وافق 150، وامتنع 7 نواب، ليعود القانون إلى الحكومة، وتنتصر إرادة الشعب. «ضريبة الدخل» يشعل الصدامات مع الجماهير 11 عامًا على إصدار قانون «ضريبة الدخل»، الذى يحمل رقم 91 لسنة 2005، ويُعد من القوانين التى أثارت جدلاً واسعًا بين فئات الشعب المختلفة، وشهدت صدامات مستمرة مع الحكومات، على مر الأنظمة الحاكمة، وباختلاف الحكومات المتوالية. شهد القانون خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، عدة تعديلات، فأثناء حكومة أحمد نظيف، أصدر الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية، قراراً بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على الدخل رقم 778 لسنة 2010، الأمر الذى أثار جدلا داخل الشارع المصري. وخلال حكم الإخوان، أقر مجلس الشورى تعديلات على قانون ضريبة الدخل، وصدق عليها الرئيس المعزول محمد مرسي، وحمل رقم 11 لسنة 2013، ونص على إعفاء الشريحة الأولى حتى 5 آلاف جنيه سنوياً من الضريبة، أما الشريحة الثانية من 5 آلاف إلى 30 ألفاً بنسبة 10%، والثالثة من 30 ألفاً إلى 45 ألفاً بنسبة 15%، والرابعة من 45 ألفاً إلى 250 ألفاً بنسبة 20%، والخامسة أكثر من 250 ألف جنيه بنسبة 25%، إلا أن تلك التعديدلات ووجهت بإقامة دعاوى قضائية للمطالبة بإلغائها، باعتبار بعض موادها غير دستورية. وأصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، قرارًا جمهوريًا، يحمل رقم 96 لسنة 2015، بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل، بفرض ضريبة إضافية مؤقتة، باعتباره وسيلة مؤقتة لمواجهة عجز الموازنة العامة للدولة، حيث تمت زيادة حد الإعفاء الضريبى إلى 6500 فى السنة بدلا عن 5000. وقوبل القرار باستنكار ورفض شديدين من قبل الشعب، بسبب الأعباء الجديدة التى ستفرض عليه، حتى العاطلين منه، خاصة أنه حمل فى طياته مزايا ومنافع متعددة لرجال الأعمال منها تخفيف عدد إقرارات الضريبة لتُصبح سنوية بعد أنه كانت شهرية. يمنع الاحتجاجات علي مدار 102 سنة قانون التظاهر واحدً من ضمن قوانين عدة ثار ضدها الشعب المصرى معلنًا رفضه لها إلا أن العمل به لا يزال جاريا، بعد إلغائه فى أعقاب ثورة 25 يناير. وهو ليس بدعة العصر، وإنما عرفته مصر منذ آمد طويل، ولجأت له جميع الحكومات بمسميات عديدة فى أوقات شتى، بدايته كانت عندما وضعه الاحتلال البريطانى عقب إعلانه فرض الحماية على مصر عام 1914 تحت مسمى «قانون التجمهر». وحمل هذا القانون رقم 10 لسنة 1914 ونص على «إذا كان التجمهر المؤلف من 5 أشخاص على الأقل من شأنه أن يجعل السلم العام فى خطر، وكان رجال السلطة قد أمروا المتجمهرين بالتفرق، فكل من بلغه الأمر منهم ورفض إطاعته أو لم يعمل به، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 20 جنيها». وفى 30 مايو 1923 أصدر يحيى باشا إبراهيم، رئيس الوزراء حينها قانوناً لتقييد حق التظاهر، وسمى بقانون الاجتماعات العامة والمظاهرات، أصدر ذلك القانون لتحجيم الانتفاضة الشعبية عقب ثورة 1919. وبعد إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، استعان الرئيس جمال عبد الناصر، بقانون التجمهر الصادر فترة الاحتلال البريطاني، وعدّل فقرة العقوبات التى وصلت للأشغال الشاقة المؤبدة، وإبان انتفاضة 1977 فى عهد الرئيس السادات، غلظ هو الآخر عقوبات التظاهر، واعتقل على إثره الكثيرين. وعلى مدار ثلاثة عقود من حكم «مبارك»، كان لقانون التظاهر الكلمة العليا فى قمع الحريات وكبتها، وتم اعتقال الآلاف بتهمة التظاهر، حتى جاءت ثورة 25 يناير لتقضى على نظام مبارك والإطاحة به من سدة الحكم عن طريق التظاهر. وكان من ضمن القرارات الأولى التى اتخذها عصام شرف، الذى جاءت به الثورة إلى منصب رئيس الوزراء أن استدعى قانون التظاهر من جديد. الأمر نفسه فعله الرئيس المعزول محمد مرسي، بعد أن تولى رئاسة الجمهورية فى يونيو 2012، حيث أعلن هشام قنديل رئيس الوزراء فى وقتها عن توصله مع مجلس الشورى لاقرار قانون التظاهر الجديد. وفى أعقاب ثورة 30 يونيو تمت الاستعانة بالقانون ذاته لمواجهة التظاهرات، وهناك عدد من المحبوسين فى السجون المصرية على خلفية هذا القانون، الذى حمل رقم 107 لسنة 2013، وأبرز نصوصه حظر ارتداء الأقنعة أو الأغطية لإخفاء ملامح الوجه، وضرورة الالتزام بالنظام العام وعدم الدعوة إلى تعطيل مصالح المواطنين. وأجاز القانون استخدام الطلقات التحذيرية وقنابل الصوت وطلقات الخرطوش المطاطى وغير المطاطي، فى حال فشل المحاولات السلمية، وعلى مدار وجود هذا القانون على الساحة المصرية تواجدت الأصوات المناهضة له، وطالبوا مرات عدة بإلغائه لكنهم لم يفلحوا ليظل قانون «التظاهر» معمولا به حتى اللحظة.