حلقة جديدة.. يعول عليها الكثيرون، في أن تكون بداية لتحريك المياه الراكدة بين مصر وتركيا، وهي اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، الذي يبدأ أولى فاعلياته صباح غد، الثلاثاء، وترأس دورته الحالية أنقرة، بعد تسليم مصر لها، والتي كانت ترأس دورته السابقة. وغادر إلى مطار القاهرة الدولي، اليوم الإثنين، السفير هشام بدر، مساعد وزير الخارجية لشئون المنظمات الدولية والأمن الدولي، متجهًا على رأس وفد دبلوماسي إلى إسطنبول، في أول زيارة لوفد مصري رسمي لتركيا، منذ تدهور العلاقات المصرية التركية عقب ثورة 30 يونيو. وصرح مساعد وزير الخارجية قبيل مغادرته المطار، بأن زيارة الوفد المصري تأتي للمشاركة في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، مشيرًا إلى أنه سيرأس الوفد نيابة عن وزير الخارجية السفير سامح شكري. وفي مطلع العام الحالي، وجهت الخارجية التركية دعوة إلى مصر لحضور الاجتماع، مشددة على أن مصر هي التي ستحدد ممثلها الذي سيذهب إلى المؤتمر. كما اتجه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد مغادرة القاهرة صباح اليوم، إلى تركيا، في إطار مشاركته في قمة منظمة التعاون الإسلامي، في زيارة تستمر نحو 5 أيام. وانقسم خبراء الشان السياسي، حول الأمر، فالبعض اعتبر أن الاجتماع ليس بالضرورة أن يسفر عن مصالحة بين أنقرة ومصر، لاسيما أن تمثيل الأخيرة منخفض إلى حد ممثل عن الخارجية، والبعض الأخر اعتبر زيارة سلمان إلى مصر ومن ثم تركيا، هي مساعي للمصالحة. الدكتور معتز بالله عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميشجان الأمريكية، رأى أن المصالحة لا تتم في في المؤتمرات الرسمية، ولكن لها إطار وشكل محدد تبرم من خلاله بين الدول. وأشار إلى أن تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان، ستسعى خلال مؤتمر التعاون الإسلامي إلى تجنب المأزق الدبلوماسي، بأن تلتزم بما يقتضيه البروتوكول الدولي، في استقبال ضيوف الدول، وإجراءات التسليم والتسلم لرئاسة المنظمة، دون التقارب العلني مع مصر، حفظًا لماء الوجه. وأشار في مقال له، إلى أن أردوغان بالغ في تعنته، وخطابه السياسي ضد مصر، الأمر الذي جعل من التراجع عن مواقفه السابقة، مكلفًا له داخليًا، وهو الأمر الذي سيجعله يتعامل بزاوية دبلوماسية خالصة. وأوضح، أنه مهما تمسك أردوغان بموقفه في الدفاع عن الإخوان، ومهاجمة النظام الحالي، فإنه سيصطدم عما قريب بواقع أقوى منه، وهو أن التوتر الحادث في المنطقة، سواء بين السعودية وإيران، أو تركيا وروسيا، يتطلب أن يكون للدول العربية رؤية مشتركة، لا يمكن إنجازها إلا بوجود مصري فاعل، وهو ما تدركه تركيا جيدًا، خلال دعوتها لمصر لحضور المؤتمر. وأشار صلاح لبيب، المتخصص في الشأن التركي، إلى أن هناك مؤشرين حول مؤتمر التعاون الإسلامي، الأول هو زيارة الملك سلمان إلى مصر، ومن ثم التوجه مباشر إلى أنقرة بدون فاصل زمني بين الزيارتين، وهو يعد إشارة واضحة على وجود نية لإتمام المصالحة بين البلدين. ولفت إلى أن زيارة سلمان إلى تركيا قبل بدء المؤتمر بيوم، قد تكون ورائها لقاءات مع الرئيس التركي لتقريب وجهات النظر بين البلدين، والتنسيق لشكل مصالحة بينهم، لاسيما أن ممثلي الطرفين سيجتمعان خلال المؤتمر. وأكد على أن حضور الجانب المصري كان ضروري؛ لأنها كانت رئيسة الدورة السابقة، ولابد أن تسلم الدورة الحالية إلى أنقرة، لكن اكتفاء مصر بإرسالة وزير الخارجية سامح شكر ممثل عنها، وعدم ذهاب السيسي بنفسه، هو تمثيل منخفض له دلالة على أن القاهرة قد ترفض المصالحة مع أنقرة. وأشار إلى أن العلاقات بين مصر وتركيا لن تكون في يوم علاقات حميمة، بمعنى تبادل الزيارات والتعاون، ولكنها ستصل إلى مرحلة متوسطة، وانخفاض التوتر عبر وساطة سعودية، ويكون الاكتفاء فيها بالتعاون فقط بشأن الملفات الإقليمية. ومن جانبه، رأى السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن مؤتمر التعاون الإسلامي ليس بالضرورة أن يحرك المياه الراكدة بين مصر وتركيا، لأن تمثيل مصر به دبلوماسي وليس سياسي. وأشار إلى أن المسألة يحددها مدى استجابة القيادة التركية لشروط المصالحة، بعدم التدخل في الشئون الداخلية المصرية، كما أن تركيا معروف عنها دعم الجماعات الإرهابية، ولابد لها من التوقف عن هذا الدور. واستبعد مروان يونس، مستشار التخطيط الدولي والسياسي، فكرة المصالحة بين أنقرةوالقاهرة، مشيرًا إلى أن مشاركة مصر دبلوماسية نابعة من كونها دولة ريادية في المنطقة، وما حدث بين مصر وتركيا هي قطيعة سياسية وليس لها خلفية دبلوماسية، سوى ما نتج بعد ذلك من خفض التمثيل الدبلوماسي للطرفين. ولفت إلى أن المصالحة لا تتم من خلال مشاركات دبلوماسية في مؤتمرات، فهناك مواقف سياسية لابد أن تتزحزح عنها تركيا، بشأن جماعة الإخوان و أسطورة مرسي الرئيس الشرعي، والتدخل في شؤون مصر الداخلية.