رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة للنواب    الذهب يتراجع وسط ارتفاع الدولار وتقييم المتعاملين لموعد خفض الفائدة    بنك مصر يحصد 5 جوائز من مجلة ذا يوربيان البريطانية لعام 2024    عاجل| القوى الوطنية الفلسطينية ترفض جميع أشكال الوصاية على رفح    ضبط 15155 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    مرصد الأزهر :السوشيال ميديا سلاح الدواعش والتنظيمات المتطرفة    ‫الإسكان: إجراء قرعة علنية للمتقدمين لحجز شقق بمشروعات جنة والإسكان المتميز يوم 15 و 16 مايو    محافظ سوهاج يتفقد إجراءات التقدم بطلبات التصالح على مخالفات البناء    فيراري تطلق أيقونتها 12Cilindri الجديدة.. بقوة 830 حصان    اللجنة العامة لمجلس النواب تختار سحر السنباطي رئيساً للمجلس القومي للطفولة والأمومة    المتحدث العسكري الإسرائيلي: أي خلافات مع واشنطن يتم حلها "خلف الأبواب المغلقة"    كييف: روسيا تفقد 477 ألفا و430 جنديا في أوكرانيا منذ بدء الحرب    زعيم كوريا الشمالية يرسل رسالة تهنئة إلى بوتين    "فينيسيوس أمام كين".. التشكيل المتوقع لريال مدريد وبايرن قبل موقعة دوري الأبطال    "لابد من وقفة".. متحدث الزمالك يكشف مفاجأة كارثية بشأن إيقاف القيد    جامعة سوهاج تحصد المركز الخامس في المسابقة القومية للبحوث الاجتماعية بحلوان    أتربة ورمال وتحذير للمواطنين.. الأرصاد: تقلبات جوية وارتفاع الحرارة لمدة 72 ساعة    مصدر بالتعليم: غرف العمليات بالمديريات ترصد حالات الغش وتُطبق القانون    كشف ملابسات مقتل سيدة بالقليوبية.. وضبط مرتكب الواقعة    فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 17.7 مليون جنيه فى أول أسبوع عرض بالسينما    بعد بكائها في "صاحبة السعادة".. طارق الشناوي: "المكان الوحيد لحكاية ياسمين والعوضي مكتب المأذون"    الصحة: علاج 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية خلال 3 أشهر    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة وادى ماجد غرب مطروح اليوم    البورصة المصرية تستهل بارتفاع رأس المال السوقي 20 مليار جنيه    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    شوبير يوجه الشكر لوزير الشباب والرياضة لهذا السبب| تفاصيل    "لم يسبق التعامل بها".. بيان من نادي الكرخ بشأن عقوبة صالح جمعة    تعرف على قيمة المكافآة الخاصة للاعبي الزمالك من أجل التتويج بكأس الكونفدرالية (خاص)    أوقاف الغربية: حظر الدعوة لجمع تبرعات مالية على منابر المساجد    صفحات غش تتداول أسئلة الامتحان الإلكتروني للصف الأول الثانوي    سها جندي: نحرص على تعزيز الانتماء في نفوس أبناء الوطن بالخارج    يقظة.. ودقة.. وبحث علمى    الإفتاء تعلن نتيجة استطلاع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجريا الليلة    مجدي شطة يهرب من على سلالم النيابة بعد ضبطه بمخدرات    بعد إخلاء سبيله.. مجدي شطة تتصدر التريند    «القاهرة الإخبارية»: إصابة شخصين في غارة إسرائيلية غرب رفح الفلسطينية    تقرير: مشرعون أمريكيون يعدون مشروع قانون لمعاقبة مسئولي المحكمة الجنائية الدولية    أسرار في حياة أحمد مظهر.. «دحيح» المدرسة من الفروسية إلى عرش السينما    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    قصور الثقافة تحتفل بعيد العمال في الوادي الجديد    لبلبة و سلمي الشماع أبرز الحضور في ختام مهرجان بردية للسينما    اليوم العالمي للمتاحف، قطاع الفنون التشكيلة يعلن فتح أبواب متاحفه بالمجان    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    "تجميد اتفاقية السلام مع إسرائيل".. بين العدوان المباشر والتهديد الغير مباشر    مواد البناء: أكثر من 20 ألف جنيه تراجعًا بأسعار الحديد و200 جنيه للأسمنت    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    هيئة الدواء تقدم 12 نصيحة لمرضى الربو    تتخلص من ابنها في نهر مليء بالتماسيح.. اعرف التفاصيل    "المحظورات في الحج".. دليل لحجاج بيت الله الحرام في موسم الحج 2024    برج العذراء اليوم الأربعاء.. ماذا يخبئ شهر مايو لملك الأبراج الترابية 2024؟    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    للمقبلين على الزواج.. تعرف على سعر الذهب اليوم    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‮"‬أيام الملكة فريدة بين السياسة والفن‮"‬
نشر في الوفد يوم 12 - 01 - 2011

يغيب اللون الرمادي تماماً‮ عن كثير من باحثينا ومؤرخينا،‮ فالراحلون إما عظماء لا‮ يتكررون،‮ أو سفهاء كانوا سبباً‮ في جميع مشكلاتنا‮. لا تعترف كثير من كتب السير الذاتية والشخصيات الراحلة بالمنطقة‮ " الوسط‮ " ،
‮ والطبيعة البشرية التي تخلط بين الحسن والقبح‮ ،‮ وتحمل الخير والشر معا،‮ ومن هذه الكتب كتاب كبير الحجم‮ تزيد صفحاته علي‮ 400‮ صفحة‮ عن الملكة فريدة للأستاذ سمير فراج حمل عنوانا مبهرا‮ هو‮ " الثائرة علي عرش فاروق‮ "‬،‮ وقد صدرت طبعته الثانية قبل أيام عن دار كنوز للنشر‮ .
في هذا الكتاب‮ يعتبر سمير فراج الملكة فريدة والتي التقاها قبل وفاتها في القاهرة‮ »‬ملاكاً‮ " بشرياً‮« ،‮ تعرضت للظلم الملكي وأهينت وخانها زوجها وتزوج بعدها‮ ،‮ وغابت عنها بناتها ومنعت من السفر من مصر سنوات طويلة واضطرت للعمل رسامة للعيش‮ ،‮ وظلت وحيدة حتي نهايتها في‮ 16‮ أكتوبر‮ 1988‮ .
يحاول سمير فراج أن‮ يصّور لنا الملكة فريدة سيدة عظيمة‮ ،‮ مخلصة‮ ،‮ تعشق مصر وتحترمها وتدفع الملك فاروق نحو الصلاح والطهارة‮ ،‮ وهو ما لم‮ يكن صحيحاً‮ وأتصور أن الكاتب سقط في‮ فخ الكتابة عن مّن أحب‮ ،‮ وهو ما‮ يدفع البحث التاريخي بعيدا عن الحقيقة‮ .
أولي الحكايات التي‮ يبدأ بها الكاتب كتابه القصة التي اعتبرها مختلقة حول علاقة الملكة السابقة برسام بريطاني والتي ذكر أن الأستاذ هيكل كان اول من ذكرها في مجلة المصور عام‮ 1995‮ .
ويكتفي الكاتب بتعليق واحد هو أن القصة كاذبة وغير مقبولة وغير سليمة‮ ،‮ وأنها من اختلاق الملك فاروق ردا علي كشف الملكة فريدة لعلاقته مع الفنانة اليهودية كاميليا‮ ،‮ ولم‮ يتعرض الكاتب لكتابات عديدة‮ غير رواية الأستاذ هيكل التي ذكرت الواقعة‮ ،‮ كما لم‮ يأخذ في اعتباره ما كتب عن الملكة السابقة من حكايات وأوصاف تدل أنها كانت احد اسباب انحراف فاروق خلال السنوات العشر الأخيرة في حكمه‮ .
إن كريم ثابت مثلاً‮ يذكر في مذكراته التي نشرتها قبل سنوات دار الشروق أن الملك فاروق خُدعِّ‮ في زوجته الملكة فريدة كما لم‮ يخدع في أحده وأن الملكة في حقيقتها كانت تختلف كثيرا عن الوجه الملائكي الذي تحمله‮.
مغامرات العشق والخيانات
ويكشف لنا كتاب‮ "‬القاهرة سنوات الحرب‮ 1939‮-‬1945‮ للكاتبة البريطانية ارتميس كوبر أن شكوك الملك فاروق في زوجته لم تكن مختلقة وانما كان لها أساس،‮ ويذكر الكتاب الذي‮ يعتمد علي الوثائق البريطانية للمخابرات البريطانية في تلك الفترة أن رساما بريطانيا‮ يدعي سيمون الويز جاء الي مصر في مارس‮ 1943مع الجيش البريطاني وعرض رسم لوحة فنية للملك فاروق والملكة فريدة‮ مقابل الف جنيه استرليني‮ ،‮ ولما كان الملك فاروق منشغلا فقد تركه ليرسم الملكة فريدة‮ ،‮ واستمر ذلك عدة شهور حتي تسربت حكايات عن لقاء الملكة والرسام في بيت خالتها ناهد‮ يسري‮ ،‮ وطلب الملك فاروق من احمد حسنين ابلاغ‮ السفير البريطاني بضرورة ترحيل سيمون الويز‮ ،‮ وهو ما تم بالفعل وحالت الرقابة البريطانية من وصول رسالة حب كتبها الرسام البريطاني الي الملكة قبل ترحيله الي جنوب افريقيا‮ . والواقعة ثابتة في الوثائق البريطانية التي أفرج عنها قبل عشرين عاما‮ ،‮ لذا لم‮ يكن‮ غريبا أن‮ ينشرها الاستاذ هيكل في كتبه الاخيرة‮ " العروش والجيوش‮ " ،‮ و‮ " الاتصالات السرية بين العرب واسرائيل‮ " .
كذلك لم‮ يناقش مؤلف الكتاب ما ذكره الأستاذ عادل حمودة في كتابه احمد فؤاد آخر ملوك مصر والصادر عن دار سفنكس للنشر أن أمين فهيم سكرتير فاروق أطلّع علي مذكرات الملك السابق وكان فيها فقرات تؤكد أن فريدة علي علاقة بآخر‮ ،‮ وقد شطب‮ "‬فهيم‮ " هذه الفقرات‮ ،‮ ولو كانت القصة مجرد شائعات رددها الملك لوقف هجوم الملكة عليه بسبب علاقاته الغرامية لما أعاد ذكرها بعد تطليقه لها‮ ،‮ وبعد تركه للعرش‮ . كذلك ليس من المنطقي أن‮ يروج رجل متزوج مثل هذه الشائعات عن زوجته‮ ،‮ خاصة إذا كان ذلك الرجل في مكان ومكانة تجعل أي حديث عنه له آثار سياسية سيئة علي شعب بأكمله‮ .
ويحدثنا كتاب‮ " الملكة فريدة‮ " عن مغامرات العشق والخيانات المتكررة للملك الشاب الذي تولي الحكم وعمره‮ 16‮ عاماً‮ بعد وفاة والده الملك فؤاد عام‮ 1963،‮ وللانصاف والتاريخ لم تكن معظم حواديت الغرام التي أحاط فاروق بها نفسه‮ "‬حقيقية‮ " ،‮ وأنما عبّرت عن أزمة نفسية وصحية‮ يعاني منها الملك الشاب‮ . إن الاسم الحقيقي للملكة فريدة هو صافيناز‮ يوسف ذو الفقار وهي ابنة نائب رئيس محكمة الاستئناف بالاسكندرية وهناك أكثر من قصة‮ يوردها المؤلف للحب الذي ربط الاثنين معا والذي انتهي بزواجهما عام‮ 1938‮ . ومما ذكره المؤلف في احدي الروايات أن والد الفتاة القاضي‮ يوسف ذو الفقار كان‮ يعارض زواج ابنته من الملك‮ ،‮ ويتصورأان ذلك قد‮ يسبب لها تعاسة كبيرة‮ ،‮ وهي رواية بعيدة عن المنطق‮ ،‮ خاصة ان معظم الأسر المصرية كانت تتشرف بأي علاقة مصاهرة مع أفراد الأسرة المالكة‮ .
قصة الاسم
ويحدثنا الكتاب عن قصة اختيار اسم الملكة فريدة للفتاة صافيناز ذو الفقار حيث كان الملك فاروق‮ يستحسن حرف الفاء مثل أبيه الذي‮ يعتبره فألاًَ‮ حسناً،‮ وهو ما دفعه الي تسمية جميع أبنائه بحرف الفاء،‮ وقد أراد فاروق ان‮ يكرر ذلك مع صافي ناز بعد خطبتها فطلب مقترحات بأسماء تبدأ بالفاء فعرضوا عليه‮ "‬فردوس‮ " الا انه وجد نطقه صعباً،‮ وعرضوا عليه‮ " فاتنة‮ " واستقر في النهاية علي‮ " فريدة‮ " لأنه اسم عربي سهل النطق،‮ وفي‮ يوم الخميس الموافق‮ 20‮ يناير عام‮ 1938‮ تم عقد القران في قصر القبة بحضور شيخ الجامع الازهر وكبار علماء الدين ورجال الدولة وأفراد الاسرة المالكة‮ . ويحدثنا المؤلف عن بعض الهدايا التي تلقاها الزوجان من الملوك والرؤساء والتي كان من بينها بندقيتي صيد من ملك انجلترا‮ ،‮ وطاقم صيني من صنع معامل‮ " سيفر‮ " الفرنسية وذلك من رئيس جمهورية فرنسا‮ ،‮ وصينية مرصعة بالماس من أمراء الاسرة الملكية وعليها أكواب نقشت بها حروف أفراد الاسرة‮ ،‮ فضلاً‮ عن هدايا شعبية عديدة تلقاها من جمعية المواساة الاسلامية وضباط الجيش وضباط الشرطة ومختلف الطوائف الدينية‮ .
وينقل الكاتب سمير فراج أن الملك فاروق كان ودوداً،‮ لطيفاً،‮ مستقيماً‮ خلال الشهور الأولي‮ للزواج وانه كان‮ ينتظر بشغف أن تلد له زوجته ولي العهد‮ ،‮ وعندما أنجبت فتاة انتابه حزن شديد وشعر أنها المسئولة عن ذلك وبدأ موجات الخلاف مع الملكة‮ ،‮ وهو الذي سيقود في النهاية الي الطلاق‮ .
نساء وخدم وسهر
لقد انشغل المليك الشاب عن الفتاة التي أحبها وتزوجها رغم أنها ليست من الاسرة الملكية‮ ،‮ وبدأ‮ يقضي معظم أوقاته مع الخدم الايطاليين الذي‮ احاط نفسه بهم ورفض مطالب كثير من الساسة والزعماء‮ ،‮ وبعض افراد الاسرة المالكة بطردهم،‮ وقد تعددت سهرات الملك وبدأت علاقاته النسائية التي‮ يذكر المؤلف أنه الملك كان‮ يفخر أن‮ يرويها للملكة فريدة وهو ما كان‮ يغضبها ويدفعها الي الذهاب الي بيت أبيها حتي‮ يتصالحا مرة أخري،‮ ومن أغرب الحكايات أن الملكة فريدة وجدت ذات‮ يوم فتاة فرنسية في حجرة نومها وعندما سألتها عن سبب مجيئها أخبرتها أنها جاءت للترفيه عن الجنود البريطانيين خلال الحرب العالمية‮ ،‮ وأن أحد الاشخاص التقاها في احد البارات وأخبرها أن تأتي لملك البلاد فسرت وذهبت معه علي الفور‮. وواضح من الحكاية أن الملك فاروق كان‮ يريد أن‮ يشعل الغيرة في قلب الملكة فريدة ويجعلها تهتم به بعد أن ساد الجفاء عقب انجابها للاميرة فريال‮ فلجأ لمثل هذه الحيل‮ .
وفي تلك الأثناء سيتعرف الملك فاروق بفنانة‮ يهودية شهيرة هي الفنانة كاميليا‮ ،‮ وسيسافر معها الي قبرص‮ ،‮ وسيحذره النقراشي باشا من مثل ذلك السلوك‮ ،‮ وسيخبره أن كاميليا قد تكون جاسوسة‮ ،‮ كما سيحذره محمد محمود باشا من سهرات الليل في أماكن لا تليق بمليك البلاد‮ ،‮ وسيطالبه كثير من الزعماء بطرد الخدم الايطاليين من قصره‮ ،‮ خاصة بوللي الذي اعتبروه مصدراً‮ للفساد،‮ وسيغفل كل هؤلاء السر في قرب فاروق من بوللي‮ ،‮ وهو الذي كتبه فيما بعد سيد جاد في كتابه‮ " الحرس الحديدي‮ " وهو‮ ان بوللي كان أخاً‮ للملك فاروق‮.‬
المهم أن فاروق سيختار أنتوني بوللي مسئولاً‮ عن نفقات الملكة فريدة وبناتها الثلاث،‮ وهو ما ستعتبره فريدة اهانة بالغة وستدخل في خلاف جديد مع الملك‮ ،‮ وسيسعي الامير محمد علي ولي العهد للصلح بينهما وسينجح مرة وسيفشل بعد ذلك‮ . وسيحذره بعض السياسيين من تطليق فريدة لأن لها شعبية وأن الناس‮ يحبونها‮ ،‮ لكن‮ يبدو أن شكوكه في سلوكها كان أقوي من توازنات سياسية أو‮ غير سياسية وسيتم الطلاق بالفعل بعد حرب فلسطين‮ . وسيتزوج فاروق بعد ذلك بناريمان وسيخلع عن عرشه وعمره‮ 32‮ عاما ثم‮ ينفي الي اوروبا ليبقي هناك حتي‮ يصاب بأزمة قلبية في مارس‮ 1965‮ ويعود ليدفن في القاهرة‮ .
أما الملكة فريدة فستبقي في مصر حتي عام‮ 1963‮ عندما تحصل علي إذن بالسفر الي الخارج وتتجه بقوة الي الفن وترسم كثيراً‮ من الشخصيات الشهيرة وتعيش في لبنان حيث الطبيعة الخلابة والحرية وتنتقل بعد اربع سنوات الي سويسرا وتقيم عدة معارض لها في العواصم الاوروبية المختلفة،‮ وفي عام‮ 1970‮ انتقلت الي العيش في باريس وتوقفت عن الرسم عاما كاملا قضته في زيارة كافة المتاحف التي تضم اللوحات الفنية الشهيرة‮ .
وفي باريس التقت بالدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الاسبق عام‮ 1980‮ عندما كان مستشاراً‮ ثقافياً‮ لسفارتنا هناك‮ ،‮ كما التقت بفاروق حسني الذي كان ملحقا ثقافيا في السفارة وشجعاها علي المشاركة في مختلف معارض اوروبا‮ ،‮ كما تمت دعوتها للمشاركة في معرض الفن بمصر وعادت بالفعل ونظمت معرضا لها في القاهرة تحت اسم‮ " الف رؤية ورؤية‮ " .
فريدة والسادات
والطريف أن الرئيس السادات دعاها للعودة الي مصر حيث وعدها بتوفير شقة علي النيل لها‮ ،‮ وبعد أن عادت لم تجد شيئاً،‮ ومنعها كبرياؤها من ان تطالب بالشقة فسافرت مرة أخري للخارج‮ . ثم عادت بعد ذلك في عهد الرئيس مبارك بعد أن وفرت لها الدولة شقة مناسبة في المعادي‮ ،‮ ولم تمض سنوات قليلة حتي أصيبت بسرطان الدم‮ " اللوكيميا‮ " وتوفيت بعد شهور قليلة في‮ 16‮ اكتوبر عام‮ 1988‮ ،‮ وكانت من أبرز صديقاتها الكاتبة لوتس عبد الركيم‮ ،‮ والدكتورة نعمات أحمد فؤاد‮ .
ولاشك أن ما قدمه الكاتب من معلومات وحكايات تاريخية متنوعة عن حياة الملكة‮ يمثل قيمة ثقافية كبيرة‮ ،‮ الا أن ذلك لا‮ يمنع من تفنيد بعض ما انتهي اليه من أحكام اتصور ان معظمها جانبه الصواب،‮ لقد ذكر المؤلف في خاتمة كتابه أن سيرة فاروق هي أسوأ سيرة لملك حكم مصر وأن النقطة البيضاء الوحيدة في تاريخه كانت زوجته الملكة فريدة،‮ وقال إن الملكة اختارت الطهر والشرف وفضلت ذلك علي الملكية،‮ كما خلص الي ان الملكة فريدة هي أول مواطنة مصرية تمثل الشعب داخل القصور الملكية وأول ثائرة علي عرش فاروق‮ ،‮ ولاشك ان كلا الحكمين‮ يمكن مناقشتهما بهدوء‮ ،‮ ففاروق لم‮ يكن أسوأ ملك حكم مصر لأنه أفضل كثيراً‮ من الخديو توفيق الذي فتح الباب للاحتلال لدخول مصر‮ ،‮ وأفضل كثيراً‮ من أبيه الملك فؤاد الذي اعتدي مراراً‮ علي الدستور،‮ كما ان فاروق كان لديه حس وطني كبير تمثّل في مواجهاته السرية ضد الانجليز وكراهيته الشديدة لهم‮ . كذلك فإن القول بأن فريدة كانت نقطة بيضاء قول مردود لأن سيرتها تحيطها كثير من الشكوك التي ذكرناها سابقاً،‮ ولا‮ يمكن قبول وصفها بأنها‮ " ثائرة علي عرش فاروق‮ " لأنها لم تبد أي تصرف تجاه الملك لأسباب وطنية ولم‮ يعدو الأمر أن‮ يدخل في‮ باب الخلافات الزوجية بين الاثنين،‮ إن الملكة لم تغضب لاعتداء الملك علي الدستور‮ ،‮ او حروبه السرية ضد‮ »‬الوفد‮« الذي كان‮ يمثل الشعب‮ ،‮ كما لم تغضب لتصرفات ديكتاتورية أو قمعية مارسها الملك وإنما كان‮ غضبها شخصياً‮ بحتاً‮. لذا أقترح علي مؤلف الكتاب أن‮ يراجع عنوانه في الطبعات القادمة،‮ اذا شاء الله أن تكون هناك طبعات قادمة لذلك البحث التاريخي المهم‮.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.