قصة كفاح تُحنى لها الرقاب احترامًا، بعد سنوات من العطاء بسخاء دون انتظار المقابل. استطاعت أن تربي ثلاثة أجيال متتالية بداية من الإخوة العشرة مروراً بالأبناء حتى الأحفاد... لتصل لأرذل العمر، فيتم تكريمها وتتوج قصتها بجائزة "الأم المثالية"، إنها السيدة خضرة محمد فرج، الأم المثالية الأولى بمحافظة كفر الشيخ، والثانية على مستوى الجمهورية. بمنتهى الصمود والقوة استطاعت معاندة العراقيل التى واجهتها، وكسر جميع العوائق التى واجهتها في الحياة، لتبدأ رحلة شقائها باعتبارها الأخت الكبرى، وتقوم بتربية أخواتها العشر"خمس بنات وخمس صبيان" بعد أن مرضت والدتها وعجزت عن تلبية طلبات أبنائها. تزوجت خضرة من عوض مسعد سعفان، وانجبت منه 3ابناء "بنتين وولد"ولكن سرعان ما مرض الزوج "بسرطان الدم"، وصارعه حتى توفته المنية عام 1937، تاركاً أرملة خلفه في ريعان شبابها"26 عاماً"، دون أن يترك لها مالاً أو جاه، إلا معاش وظيفته الحكومية، وأطفاله التي كانت أكبرهم سعاد تبلغ 5 سنوات، ومسعد4 سنوات،والصغرى دعاء شهر واحد فقط". وقفت "خضرة" في مهب الريح وحدها بعد وفاة عائل أسرتها، محاولة العبور بأبنائها لبر الأمان، تخشى عليهم من الهواء تحميهم وتحامي عليهم، فكرثت حياتها لأجلهم رافضة الزواج نهائياً، متمسكة بحياتها دون دخول رجل غريب من المحتمل أن يفسد حياتها وحياة أطفالها. ربَّت الأم المثالية أولادها الثلاثة، فأحسنت تربيتهم وفرحت بهم حين وجدت ثمرة كفاحها تحصدها الأولى.. "سعاد" الابنة الكبرى التي تخرجت من كلية التجارة، والآخر مسعد الذي تخرج بتقدير من كلية الهندسة ويعمل الآن في الهيئة العامة للأبنية التعليمية، ودعاء من كلية الآداب.. ثم زوجتهم، ولكن لا تأتي الرياح بما تشتهي الأنفس فكانت الصدمة وما أشد منها صدمة حين تفقد الأم طفلاً لها ، فترحل ابنتها الكبرى "سعاد" أثناء ولادتها لابنها الثالث وتركته وعمره يوما، لتحنو الجدة عليه هو وإخوته وتضمهم في كنفها وتحيط بحضنها الحنون عليهم، لتكمل رسالتها من أخوتها لأبنائها لأحفادها. وروت ابنتها الصغرى "دعاء" قصة كفاح والدتها ل"بوابة الوفد" قائلة: "أمي تعبت علشانا ياما، حرمت نفسها من حاجات كتير من أجلنا، وفرغت حياتها لينا، وعلشان تقدر تذاكر معانا وتابعنا دخلت فصول محو الأمية وبمثابرتها وإصرارها نجحت وأخدت شهادة محو الأمية". وتابعت دعاء قائلة: "أمي مكانتش بس بتعلمنا لحد الشهادة الجامعية بل كانت دائماً بتشجعنا نكمل دراستنا لأعلى الدرجات العلمية، وأنا خلتني أكمل دبلوم تربوي عام وخاص وبتصميمها دلوقتي أنا بجهز للماستر، كما استكملت أمي مسيرتها مع أحفادها الثلاث حتى تخرجت الكبرى في كلية الطب و الآخر في أولى ثانوي وهو متفوق جداً حصل على 99% في الشهادة الإعدادية والأخير والذي توفيت أختي أثناء ولادته الآن في الصف الثاني الابتدائي". كما أكدت الابنة الصغرى، أن والدتها الحاجة خضرة كانت دائما ما يمتحنها القدر في مواقف صعبة وأليمة، وطالما خرجت منها اكثر قوة، لافتة الي أن تربية والدتها لهم ولإحفادها لم تكن عادية بل أحسنت تربيتنا بشكل جعلنا مثال يحتذى به في حسن الخلق و المستوى العلمي". وأضافت عوض، أن والدتها كانت نعم الأخت و أفضل أم، وأحن جدة،وما مرت به في حياتها الكادحة وما ضحت به من أجل أبنائها واحفادها، جعلها كابنة صغرى تحاول أن تسعد والدتها في عيد الأم وتشعرها بأن ما قامت به وما عانته من تعب في حياتها، يستحق التقدير، وذلك بتقديم لقب "الأم المثالية" لها في عيدها، فقدمت قصتها للجهات المسئولة، مؤكدة أنها كانت تثق أن الله لن يخذلها وسوف يتوج تعبها بهذه الهدية البسيطة التى بالتأكيد لا يمكن أن يعوضها ما قامت به في حياتها وما قابلته من أجلهم" .