تحل اليوم الذكرى الرابعة على رحيل رجل السلام ومعلم الأجيال وعبقرى المودة، البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر بلاد المهجر، الذي توفي في مثل هذا اليوم 17 مارس 2012. وتُحيى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذكرى السنوية له اليوم، بدير الأنبا بيشوي، في صحراء وادي النطرون بمحافظة البحيرة بمشاركة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ورهبان الدير، وآلاف من الأقباط من مختلف المحافظات. والبابا شنودة من مواليد 3 أغسطس 1923 بقرية سلام في محافظة أسيوط، واسمه الاصلى هو "نظير جيد روفائيل"، ويعد البابا هو كان أول أسقف للتعليم المسيحي، كما أنه رابع أسقف أو مطران يصبح البابا بعد البابا يوحنا التاسع عشر. ولم يكن فقط رجل دين مسيحي، فإلى جانب الوظيفة الدينية التي يشغلها، كان شاعر وكاتب، وله أكثر من مائة كتاب، ومقالات أسبوعية في جريدة وطني، ومقالات في جريدة الجمهورية وأخبار اليوم وجريدة الأهرام ، بالإضافة إلى مقالات تُنشَر في مجلة الكرازة. والبابا شنودة الثالث هو البابا رقم 117 في تاريخ البطاركة، وأقيم حفل تتويجه للجلوس على كرسي البابوية في الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة في 14 نوفمبر 1971 وظل يتقلد هذا المنصب لمدة تزيد عن اربع عقود حتى وفاته في 2012م. ويذكر أن البابا شنودة التحق بجامعة فؤاد الأول –القاهرة حاليًا- في قسم التاريخ، وبدأ بدراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والتاريخ الحديث وحصل على الليسانس في 1947، وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية، وبعد أن تخرج فيها عمل مدرسا للتاريخ. وعمل لسنوات محررا ورئيسا للتحرير في مجلة "مدارس الأحد، التى عمل كخادمًا فيها، بالإضافة لأنه كان خادما بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم، وخادمًا بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا في منتصف الأربعينات. وبدأ البابا شنودة، حياة الرهبان والوحدة منذ 1956 إلى 1962 في مغارة قريبة من مبنى الدير، وكرس كل وقته للتأمل والصلاة، وبعدها بعام تمت سيامته قسًا، ثم عمل سكرتيرا خاصاً للبابا كيرلس السادس، وفي 1959 رُسِمَ أسقفا للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الاكليريكية في 30 سبتمبر 1962. وجاء اختياره كبابا للكنيسة بعد وفاة البابا كيرلس، وكان أول بطريرك يقوم بإنشاء العديد من الأديرة القبطية خارج جمهورية مصر العربية، وعمل على إعادة تعمير عدد كبير من الأديرة التي اندثرت. وللبابا شنودة عدد من المواقف الوطنية التى لا تنسي، أبرزها تأكيده على أنه لن يغادر مصر تحت أى ظروف حتى لُقب ب "عاشق الوطن والمواطنة"، وأُطلق عليه أيضًا "بابا العرب" لدفاعه عن القضية الفلسطينية ورفضة الذهاب للقدس الا بعد تحريرها. وواجه البابا شنودة أزمات مع الرئيس الراحل أنور السادات، بسبب رفضه لاتفاقية السلام مع إسرائيل، وتقارب السادات مع الإسلام السياسي لمواجهة خصومه اليساريين والناصريين، مما أدى لحدوث فتنة طائفية خلال فترة حكمه. وفي حملة الإفراجات التى تمت المعتقليين الذين قام السادات بحبسهم، حين تولي المخلوع حسني مبارك الحكم، قابل "البابا شنودة" الذي كانت قد حُددت إقامته في وادي النطرون. ولما توفى البابا شنودة الثالث، وضع جثمانه في كامل هيئته الكهنوتية،على كرسي القديس مارمرقس في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لإلقاء نظرة الوداع عليه، ثم تم نقل جثمانه بطائرة عسكرية إلى دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، حيث أوصى بأن يدفن هناك.