تحل الذكرى الرابعة اليوم، على وفاة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذي ولد في 3 أغسطس عام 1923، وكان أول أسقف للتعليم الدين المسيحي قبل أن يصبح البابا، وكان من الكتاب إلى جانب الوظيفة الدينية العظمى التي يشغلها. التحق البابا شنودة، بجامعة فؤاد الأول قسم التاريخ، وبدأ دراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والحديث، وحصل على الليسانس بتقدير ممتاز في عام 1947. وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية، وبعد حصوله على الليسانس بثلاث سنوات تخرج من الكلية الإكليركية، عمل مدرسا للتاريخ، وكان يحب الكتابة خاصة القصائد الشعرية، وعمل لعدة سنوات محررا، ثم رئيسا للتحرير في مجلة مدارس الأحد وفي الوقت نفسه كان يتابع دراساته العليا في علم الآثار القديمة. وكان البابا شنودة الثالث، خادما بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمسرة، وخادما بكنيسة الأنبا انطونيوس بشبرا في منتصف الأربعينات، قال إنه وجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء، ومنذ عام 1956 حتى 1962 عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالي 7 أميال عن مبنى الدير مكرسا فيها كل وقته للتأمل والصلاة. وبعد سنة من رهبنته تمت سيامته قساً، أمضى 10 سنوات في الدير دون أن يغادره، ثم عمل سكرتيرا خاصا للبابا كيرلس السادس في عام 1959، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الإكليريكية، وذلك في 30 سبتمبر 1962. وعقب وفاة البابا كيرلس في الثلاثاء 9 مارس 1971، أجريت انتخابات البابا الجديد في الأربعاء 13 أكتوبر الذي فاز بها البابا "شنودة"، وتم تتويجه للجلوس على كرسي البابوية في الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة في 14 نوفمبر 1971، وأصبح البابا رقم 117 في تاريخ البطاركة. عرف في تاريخ البابا شدة الخلاف الذي كان بينه وبين الرئيس الراحل محمد أنور السادات؛ بسبب رفضه لاتفاقية السلام مع إسرائيل، وقرر عدم الذهاب مع الرئيس "السادات" في زيارته إلى إسرائيل عام 1977، مما صنع حالة عدائية من السادات تجاه البابا. بات الصدام وشيكا بين البابا شنودة والرئيس السادات، بعدما قرر الرئيس الراحل زيارة أمريكا، حيث نظم الأقباط مظاهرة مناهضة ل"السادات" في أمريكا، رفعوا فيها لافتات تصف حال الأقباط بالاضطهاد، "نسبة إلى عدد من الخلافات بين الأقباط والمسلمين وخصوصا أحداث الزاوية الشهيرة في مصر"، فطلب "السادات" من معاونيه أن يتصلوا بالبابا ليوقف هذه المظاهرات، وعندما حدث هذا ظن "السادات" بأن البابا "شنودة" يتحداه، وبناءً عليه أصدرت أجهزة الأمن قرارا للبابا بأن يتوقف عن إلقاء درسه الأسبوعي، الأمر الذي رفضه البابا، ثم قرر تصعيد الأمر إلى أن يصدر قرارا بعدم الاحتفال بالعيد في الكنيسة، وعدم استقبال المسؤولين الرسميين الذين يوفدون للتهنئة. ووصل الأمر إلى ذروته عندما كتب في رسالته التي طافت بكل الكنائس قبيل الاحتفال بالعيد، أن هذه القرارات جاءت "احتجاجا على اضطهاد الأقباط في مصر"، وكانت هذه المرة الوحيدة التي يقر فيه البابا علانية بوجود اضطهاد للأقباط، وأصبحت القطيعة بين "السادات" "والبابا" هي عنوان المشهد، ولذلك عاقب السادات البابا شنودة في أيامه الأخيرة، فأصدر قرارا بالتحفظ على 1531 من الشخصيات العامة المعارضة في سبتمبر عام 1981، لم يكن مصير البابا الاعتقال وإنما كان تحديد الإقامة الجبرية في الدير بوادي النطرون. وأعلن الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس وفاة البابا شنودة الثالث في 17 مارس عام 2012، عن عمر يناهز 89 عاماً، وأضاف في بيان رسمي «المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية يودع لأحضان القديسين معلم الأجيال قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، نياحا لروحه والعزاء للجميع».