شهد التليفزيون المصرى بعد ثورة 25 يناير العديد من الغييرات الغريبة والصفات التى لا يجب أن تتوافر فى تليفزيون وطنى يقوم على الدفاع عن هيبة هذه الدولة ورموزها، فالتليفزيون الذى كان يلتف حوله الشعب بأكمله لسنوات طويلة أصبح طاردًا للمشاهد بالدرجة التى جعلت المشاهدين يذهبون بمحض إرادتهم إلى قنوات أخرى لا يجب أن تقارن بتليفزيون عريق اسمه التليفزيون المصرى. المشاكل بدأت بزيادة الحوافز والعلاوات بدرجة وبصورة غريبة جدًا فى ماسبيرو تحكموا فى القيادات التى تقود المبنى.. من يأتى ومن يرحل ولم يكن من بين مواصفات الاختيار الكفاءة لكن دائما المصلحة هى التى تتحكم فى الشخصية التى يتم اختيارها، ولأن الدولة كانت تعانى من حالة وهن وضعف كانت ترضخ لتلك الوقفات الاحتجاجية التى تطالب بقدوم هذا، ورحيل ذاك، الأزمة وصلت للشاشة نفسها ولم يعد هناك من لديه السيطرة على ما يقدم فشاهدنا مذيعة تخرج بالكفن على الشاشة، ومشاجرات على الهواء سببها الوحيد هو تقليد القنوات الأخرى، فكل مذيعة فى التليفزيون أرادت أن تكون لميس الحديدى، وكل مذيع أراد أن يكون محمود سعد آخر. ونسى أو تناسى الجميع أن ما يقدمه التليفزيون المصرى يجب أن يكون مختلفًا، فالمذيع مذيع، والضيف ضيف، ولا مجال لأن يقوم مقدم البرنامج بإبداء رأيه فى القضية المطروحة، فهذا هو الإعلامى الحقيقى المحايد. أما الإعلامى طبعة 2011 وحتى الآن فلا مكان له على الشاشة المصرية. فهذا الكيان مهمته أن يدافع عن الشعب ويطرح قضاياه أما أن يتحول إلى قاض وجلاد فهذا يعنى أن المسئول الأول عن هذا الجهاز غير مسيطر على المكان وبالتالى رحيله أفضل من بقائه.. ليس من المعقول أن تخرج مقدمة برنامج على النص، وتضرب بتقاليد ماسبيرو عرض الحائط مرتين خلال أشهر قليلة. الأولى تخطت فيها المذيعة كل الحدود، وفوجئنا بعقوبة لا تتفق مع ما فعلته وهو انتقاد الرئيس عبدالفتاح السيسى بشكل غريب وعجيب، حيث كانت العقوبة ايقافًا لفترة محدودة عن الظهور على الهواء.. وإذا بنفس المذيعة تهاجم الرئيس «السيسى» بشكل أكثر شراسة وكأنها تقول للعالم إن هذا الجهاز والكيان الذى يسمى التليفزيون المصرى لا كبير له.. كلنا مع النقد، وكلنا يكتب ويتحدث عن بعض السلبيات التى قد تحدث هنا أو هناك.. لكن ما فعلته هذه المذيعة ليس نقدًا، ولكنه هجوم على شخص الرئيس عبدالفتاح السيسى، وفيه محاولة لطمس ما قدمه هذا الرجل للشعب المصرى من انجازات خلال فترة ولايته الأولى والتى لم يجر منها سوى 21 شهرًا بالتمام والكمال، وخلال تلك الفترة صنع بعض الأمور التى تصل لحد المعجزات ويكفيه فقط قناة السويس الجديدة، ومشاريع لإسكان الشباب، وإنهاء مشكلة الطرق.. كل هذه الانجازات تم شطبها بجرة قلم أو بكلمتين من الأخت المذيعة.. وأنا شخصيًا أرى أن المخطئ هنا ليست هذه المذيعة لكن المخطئ هو السيد عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى سمح لها بالظهور على الهواء مرة أخرى.. لأن مثل هذه النوعية من مقدمى البرامج لا يجب أن تتواجد داخل هذا الكيان من الأساس، وإن وجدت تمنع من الظهور على الهواء، وتقدم برامج مسجلة طالما أنها منفصلة عن الشارع المصرى، وتقدم وجهة نظرها فقط. مسئولية رئيس الاتحاد هى الحفاظ على الشاشة من تسريب أى أخبار مغلوطة من شأنها أن تحدث بلبلة فى البلاد. وأتصور أن من حقه اتخاذ كل الإجراءات لحماية الشاشة المصرية من أى خطر يداهمها. الآن عصام الأمير وضع الدولة المصرية كلها فى حرج بالغ لأن الهجوم على شخص الرئيس «السيسى» كان من إعلامية تنتسب للتليفزيون المصرى.. وأمام هذا الوضع لا يجب علينا أن نلوم القنوات العربية أو الخاصة التى عرضت حلقات باسم يوسف، وأمام هذا الوضع لماذا نلوم كل الذين ذهبوا إلى قناة الشرق الإخوانية، وتفرغوا للهجوم على مصر وقياداتها. الأزمة فى ماسبيرو كما ذكرنا عدم الضبط.. كل من يريد أن يفعل شيئًا يفعله، بدليل أن هناك رؤساء قنوات حتى الآن ورغم مرور سنوات على توليهم المسئولية غير قادرين على تطوير الشاشة خشية أن يدخلوا فى صراع مع المذيعين والمعدين والمخرجين، والضحية كما ذكرنا مرارًا وتكرارًا هو المشاهد المصرى.. رئيس التليفزيون نفسه صرح أكثر من مرة ل«الوفد» بأنه غير قادر على اتخاذ قرارات ضد البرامج الهابطة لأن اللوائح تحد من قراراته.. وهذا أمر بالغ الخطورة.. خاصة أن ميزانية ماسبيرو شهريًا 220 مليون جنيه أى أن الفاتورة التى تدفعها الدولة باهظة جدًا، ولا عائد على المشاهد. لذلك أصبح لزامًا على الدولة أن تعيد منصب وزير الإعلام مرة أخرى، حتى يمكنه السيطرة على الشاشة المصرية، ويضع معايير للمحتوى الإعلامى المصرى. لأنه على ما يبدو أن منصب رئيس الاتحاد وهنا اتحدث عن المنصب وليس الأشخاص لم يعد رادعًا، هم مازالوا يتعاملون مع هذا المنصب على أنه كما كان خلال وجود صفوت الشريف وأنس الفقى حيث كان هذا المنصب أقرب للأمر الشرفى.. وكل الأمور تدار من خلال الوزير.. الآن وبعد إلغاء منصب الوزير مازال الأمر هشًا, بعض المسئولين فى المبنى يتعاملون مع رئيس الاتحاد بقدر من الاستهتار، وبعضهم كان يتواصل مع رئيس الوزراء مباشرة خلال فترة المهندس إبراهيم محلب. لذلك نعود ونكرر فالخطأ ليس خطأ المذيع أو مقدم البرنامج، لأن هناك معايير إعلامية لا تطبق وهناك حالة استخفاف بالشاشة المصرية لا تجد من يوقفها، وهذا الاستهتار وصل إلى مراحل خطيرة جدًا. لا يمكن الصمت أمامها. الأمر الآن أمام رئيس الوزراء لاتخاذ أولاً قرار بشأن منصب رئيس الاتحاد، وضرورة التفكير بجدية فى إعادة وزير الإعلام فى أقرب تشكيل وزارى جديد. وإذا كان البعض يربط بين الديمقراطية وإلغاء المنصب فهذا هراء وحق يراد به باطل. فهناك دول كثيرة بها وزارة للإعلام لأنه منصب ليس ترفيهيًا لكنه ضرورة خاصة فى مثل هذه الظروف التى نعيشها فى مصر.