غزت الأسواق المصرية، خلال السنوات الأخيرة، ملابس فتيات غريبة على المجتمع العربي، وفي مقدمتها "الفيزون" وغيرها من البناطيل الضيقة، ذات الألوان الفاتحة الملفتة. ومع إقبال الفتيات على شراء تلك الأنواع من الملابس باعتبارها "موضة جديدة"، وحرية شخصية، واجهن انتقادات واسعة خاصة خاصة من قبل الشباب الذين اعتبروا ذلك "قلة أدب" –حسب تعبيرهم- في حين رآه رجال الدين أمرا مخالفا للشريعة. وتضاربت آراء علماء الاجتماع بين مؤيد ومعارض حول هذه الملابس، ففي الوقت الذي يرى بعضهم أنه حرية شخصية للفت انتباه الرجال للسيدات، يرى آخرون أنه لا فائدة له ويصفونه ب "التقليد الأعمى". شباب: "دي قلة أدب" قال "أحمد حمدي"، طالب بكلية الإعلام، إن هناك تعدٍ واضح من النساء في ارتداء الملابس الملفتة للانتباه والمثيرة للشباب ومنها ما يطلق عليه "الفيزون" حيث يظهر ملامح الجسد بشكل واضح ما يتسبب في ارتفاع نسب التحرش، مضيفًا "دي قلة أدب". واتفق معه في الرأي "إسلام ابراهيم"، الذي يرى أن البنات يندحرون في زيهم تدريجيًا دون أن يشعر أحد بذلك، قائلا: "كانوا يرتدون الملابس الضيقة شيئا قليلا ثم ارتداء البنطلون ثم تطور بعد ذلك إلى "الفيزون والميني جيب". ورأى إبراهيم أن أي بنت تظهر عورتها يعد تحرش جنسي ضد الرجل، داعيًا الشباب للتطلع للزواج بدلًا من النظر إلى ملابس السيدات التي تثير الانتباه. وأعرب "عبد الرحمن جمال"، عن إستياءه الشديد من ملابس السيدات المثيرة، لافتًا إلى أن الأمر أصبح مستفز للشباب، وواصفًا مرتدي الملابس المثيرة بالباحثين عن التحرش. وأكد "جمال" أنه إذا أقدمت الفتاة على صون عورتها عن طريق ارتداء ملابس محتشمة سوف يساهم ذلك في إعطاء الآخرين نظرة إيجابية ويقلل من حوادث التحرش المنتشرة في مصر. "لابد من تجريمه في الجامعات" هكذا بدأ "إسلام حسن" حديثه مؤكدًا أن ملابس الفتيات أصبحت مستفزة للغاية في ظل تدهور أخلاقي واضح وانتشار لحوادث التحرش وسط المجتمع، الأمر الذي يعطي نظرة سلبية عن المصريين بالخارج. واستطرد"إسلام" حديثه: لا أظن أن للتحرش الجنسي علاقة بما ترتديه المرأة، فهو في الأساس ناتج عن أخلاق الشباب سواء كانت رفيعة أم وضعية. وأوضح إسلام عبد الحفيظ، طالب بجامعة الأزهر، أن قديمًا كانت ترتدي الفتاة ملابس محتشمة، قبل انبهار الفتيات بالموضة الجديدة "الفيزو" التي أثرت بشكل سلبي على سلوك الشباب والفتيات بداخل الجامعات وخارجها. وأرجع إسلام، هذه الظاهرة إلى التقليد الأعمى من الفتيات للفنانات التي تظهر أمام الشاشات التلفزيونية، مضيفا أن ذلك حرية شخصية ولكن لابد من احترام شعور الآخرين. فتيات: ملابسنا حرية شخصية قالت وردة مصطفى، طالبة بجامعة عين شمس، إنه على الشباب أن يعوا أن ليست كل فتاة ترتدي ملابس غير محتشمة، فهي ذو أخلاق سيئة، مؤكدًة أن ذلك قناعة شخصية من الفتاة قد تكون صحيحة أو خاطئة وقابلة للتغيير في يوم ما. وتابعت وردة أن الفتيات يتأذين من التحرش بهن، عكس ما يعتقد بعض الشباب من أنهم يرتدون الملابس المثيرة من أجل إثارة الرجل ودفعه للتحرش، ومضيفه أنه على الفتيات المحجبات عدم القسوة على المتبرجات لأن الحجاب إرضاء لله وليس للناس. واوضحت منى عبده طالبة بجامعة القاهرة، أن الملابس حرية شخصية، فعلى كل فتاة أن ترتدي الزي الذي تراه مناسبًا لها، وليس لأحد التدخل في ذلك إلا زوجها، مؤكدة أن الشباب يقومون بأفعال لا تتناسب مع القيم والأخلاق والمجتمع الشرقي الذي نعيش فيه. وقالت إنجي بدران، طالبة بكلية التربية، إن ملابس الإنسان تعبر عن ثقافة المجتمع في مرحلة ما، مؤكدة أن الزي الحالي يلاقي رفضًا شعبيًا لأنه مخالف لما تعود عليه المصريين خلال عدة سنوات سابقة. ووصفت إنجي "الفيزو" بأنه نوع من التغيير لملابس الفتاة، مؤكده أنه ليس تقليد للغرب ولا يوجد بها انحلال أخلاقي لأنه ليس عري على حد قولها. علماء الدين: الملابس المثيرة جرم قال الدكتور مسموع أبو طالب العميد الأسبق لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، إن السنوات القليلة الماضية شهدت العديد من الملابس الفاضحة التي تتنافي مع قيم ومبادئ الإسلام، مؤكدًا أنه هناك الكثير من الفتيات يحاولون الاشتباه بالغرب الذين لا يوجد لديهم ما يمنعهم من التعري نهائيًا ومشددًا على خطورة ما يحدث بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم "من تشبه بقومً فهو منهم". ودعا "أبو طالب" البنات إلى التمييز بين الملابس التي يمكن ارتداءها وما لا يمكن ارتداءها، مؤكدًا أن التي تسير وراء الموضة هي فاقدة للوعي والإرادة وسريعة الوقوع في الخطايا. وأكد العميد الأسبق لكلية الدراسات، أن الآباء والأمهات عليهم دور كبير في التأثير على أبناءهم وغرس فضائل الإسلام بداخلهم منذ الصغر، داعيًا للتشبه بالصحابة والصالحين. فسر الدكتور أحمد زايد، أستاذ علم الإجتماع، شغف النساء بالموضة بأنه نابع من حس داخلي بقيم الجمال والأشياء الجديدة، لكنه قد يتحول إلى خلل عند رغبة بعض النساء في مواكبة الموضة، واقتناء كل ما هو جديد وعصري، دون أن تمتلك السيولة المادية، وهذه تعرف بالشخصية "النرجسية" التي تحب أن تكون حديث الآخرين. وأضاف "زايد" أن هناك بعض النساء يشعرن بالنقص ويندفعن وراء الموضة بشكل مرضي لتغطيته، فيقضين ساعات طويلة في السوق للتبضع والشراء وتغطية بعض الجوانب في شخصيتها. ورأت الدكتورة سامية خضر، الأخصائية الاجتماعية بجامعة عين شمس، أن التسابق بين الفتيات في مسايرة الموضة على أنه شيء طبيعي بالنسبة لهم كي تشعر بأنها عصرية وتستطيع جذب الآخرين إليها، مؤكدة على أن إرتداء الفتيات أحدث الملابس يشبع حاجات لديهن. وأرجعت خضر سبب انتشار تلك الملابس إلى الغيرة والتنافس بين النساء الذي يدفع المرأة إلى تقليد أخرى تحظى بالإعجاب من الناس، وأحيانًا كثيرة تتجاوز التقليد إلى الابتكار والبحث عن كل ما هو غريب ولافت للنظر أكثر.