أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة مرسى مطروح لانتخابات مجلس النواب 2025    عقب رفع أسعار الوقود.. محافظ الشرقية يعتمد تعريفة الركوب الجديدة    خارجية الاحتلال تزعم: ملتزمون بخطة "ترامب" لكن حماس تنتهك الاتفاق    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب مقاطعة "ايلوكوس نورت" الفلبينية    انطلاق البطولة الدولية لقفز الموانع بوادي الفروسية التابع لوزارة الداخلية    كريم بنزيما يقود اتحاد جدة لاستعادة التوازن أمام الفيحاء في دوري روشن السعودي 2025-2026    إغلاق 8 منشآت تجارية بأسوان لضبط 250 كيلو أغذية فاسدة    زيدان: «نقل الآثار عملية ليست سهلة» وفريق متخصص لنقلها للمتحف المصري الكبير    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    تعرف على الحالة المرورية اليوم الجمعة 17-10-2025    أوربان يعتزم إجراء محادثة هاتفية مع بوتين اليوم    رحيل الفنان أشرف بوزيشن.. صاحب البصمة المميزة في سينما عاطف الطيب ودراما «علاقة مشروعة»    أحمد غنيم يكشف استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير: سيكون مفاجأة    اليوم.. قصور الثقافة تحتفل بتخرج دفعات جديدة من مركز تنمية المواهب بالمنوفية والغربية    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 17اكتوبر 2025فى المنيا.....اعرفها بدقه    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الأزهر الشريف بالقاهرة (بث مباشر)    كريم وليد: صعب أنتقل للزمالك.. كولر مدرب عادل وموسيماني لم يتحمل الضغوط    محمد صلاح يقترب من إنجاز تاريخي أمام مانشستر يونايتد    موعد مباراة الزمالك ضد ديكيداها الصومالي فى كأس الكونفدرالية الأفريقية    قبلة بسنت شوقي لمحمد فراج فى افتتاح مهرجان الجونة تلفت الأنظار.. (صور)    8 قرارات جمهورية مهمة ورسائل حاسمة من السيسي بشأن أضرار سد النهضة الأخيرة    خريطة بأماكن الطرح التكميلي للمرحلة العاشرة من مشروع بيت الوطن    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    طقس اليوم.. خريفي ونشاط رياح وأمطار ببعض المناطق والعظمى بالقاهرة 29 درجة    استشارى تغذية: الثوم على الريق يسبب قرح المعدة    السوبر الأفريقي.. موعد مباراة بيراميدز ونهضة بركان المغربي    جامعة قناة السويس تطلق دورة تدريبية لمواجهة الأزمات والكوارث بالتعاون مع "الكشافة الجوية"    العمل: 2914 فرصة عمل جديدة في 72 شركة تطبق الحد الأدنى للأجور    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 بعد ارتفاع 60 جنيهًا ل عيار 21    معهد بحوث الإلكترونيات يستقبل وفدًا صينيًّا رفيع المستوى لتعزيز الشراكة    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    حقيقة ارتفاع أسعار مواد البناء خلال الفترة المقبلة بسبب إعمار غزة    5 أبراج تحب قضاء الوقت مع الأطفال    مارشال صاحب فيديو كلب الأهرامات يشارك فى مظلات الباراموتور بالأقصر.. فيديو    الطفولة والأمومة ينعى الأطفال ضحايا حادث التروسيكل بأسيوط    إطلاق قافلة زاد العزة ال52 إلى غزة بحمولة 4 آلاف طن مساعدات غذائية    تأسيس لجنة عمل روسية - مغربية بين وزارتى الشؤون الخارجية بالبلدين    باكستان تعلن إحباط هجوم انتحارى وتصفية 4 مسلحين    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين لانتخابات النواب بالأقصر    حمزة نمرة: وفاة والدتي في التاسعة من عمري أورثتني القلق.. وقضيت عاما كاملا أنتظر معجزة لشفائها    أشرف زكي: لا يوجد أي منصب في الدنيا يجعلني أترك النقابة.. والاستقالة لسبب داخلي    ترامب يتحدى بوتين: "آلاف توماهوك بانتظار خصومك".. فما سر هذا الصاروخ الأمريكي الفتاك؟    أطعمة طبيعية تساعد على خفض الكوليسترول في 3 أشهر    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    لو عايز تركز أكتر.. 5 أطعمة هتساعدك بدل القهوة    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في «قباطية» جنوب جنين    «أفضل لاعب في مصر بمركزه».. فاروق جعفر يتغزل ب نجم الأهلي    الداخلية تكشف ملابسات واقعة فيديو «التوك توك» بملابس خادشة للحياء    السيطرة على حريق سيارة ملاكي بميدان الرماية في الهرم    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. كاد المعلم أن يكون رسولاً
نشر في الوفد يوم 08 - 10 - 2011


بقلم: أمينة النقاش
منذ 1 ساعة 31 دقيقة
كنت واحدة من بين من عارضوا فكرة التعدد النقابى في مصر، لأسباب منها مشاهدتى عن قرب لتجارب التعدد النقابي في لبنان ودول المغرب العربي، والتي انتهت بجعل العمل النقابى ساحة لتصفية الحسابات السياسية والجهوية والعقائدية والمذهبية،
بعد أن أباحت القوانين لعدد قليل من الأفراد - مهما كانت ضآلته - الحق فى تشكيل نقابة، فساد نمط الثنائيات النقابية التي أفسحت الطريق لنقابة للأمازيج وأخري للعرب في نفس القرية أو المدينة أو الإقليم، ونقابة للشيعة وأخرى للسنة، وثالثة لليسار وأخرى لليمين، وهكذا وبدلاً أن يثرى هذا التعدد والتنوع فى الحياة النقابية، كان فى واقع الأمر عائقاً أمام فاعليتها، ومصدراً من مصادر التوتر والصراع بين أطرافها، لكنني برغم ذلك تلقيت بفرح غامر نبأ موافقة الإدارة العامة للعمل النقابي بوزارة القوى العاملة والهجرة علي إشهار نقابة المعلمين المستقلة، كممثل ومفاوض وحيد عن جموع المعلمين المصريين، كأول نقابة عمالية، للتفريق بينها وبين نقابة المعلمين التي تأسست عام 1955، وبقيت في العهود الجمهورية الثلاثة، رهينة لتحكم وهيمنة السلطة التنفيذية، إذ أصبح وزير التربية والتعليم على امتداد نحو خمسين عاماً، هو نفسه نقيب المعلمين في خلط فاضح بين صاحب العمل والعامل، وبين الإدارة التي تملك سلطة الثواب والعقاب، وبين النقابة التي تصون المهنة وتطورها وتحمي مصالح أعضائها من تجاوزات الإدارة وتغولها، أو انتقاصها لحقوق هؤلاء الأعضاء. مصدر الفرح، أن فئة المعلمين التي يزيد عددها علي أكثر من مليون فرد، قد أصبحت لها ذراع نقابية مستقلة للدفاع عن حقوقها الاجتماعية والاقتصادية التي طال إهمالها، والعدوان عليها، والاستخفاف بالدور الوطني والتربوى والتثقيفى الذى تقوم به في تنشئة الأجيال، وهو استخفاف تاريخي أشار إليه الدكتور طه حسين في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر»، وهو يتحدث عن أوضاع المعلم الأولي أو الإلزامى الذى يشغل في الحياة الاجتماعية المصرية مركزاً متواضعاً من الناحية المادية، ثم يطلب إليه أن يشيع فى نفوس أبنائنا العزة والكرامة والحرية والاستقامة، ويقول طه حسين: «لا أعرف شراً علي الحياة العقلية في مصر من أن يكون المعلم، كما هو الآن عندنا سيئ الحال منكسر النفس، محدود الأمل، شاعراً أنه يمثل أهون الطبقات علي وزارة المعارف شأناً».
فرحت بنقابة المعلمين المستقلة التي آن لها أن ترفع مظالم طال أمدها، وأصبحت عضواً مؤسساً في الاتحاد العام للنقابات المستقلة الذى يضمها إلي جانب نقابة الضرائب العقارية ونقابة الفنيين الصحيين، وأصحاب المعاشات، لكنني اختلفت مع دعوتها للإضراب العام للمعلمين، الذى رفع شعار: «عام دراسى جديد بلا معلمين». إذ بدت الفصول الدراسية الخاوية من الأساتذة والتلاميذ مع بدء العام الدراسى الجديد مثيرة للألم والغضب، أكثر من التعاطف، ففى مهنة كالتعليم دون غيرها، ينبغى أن تجرى المواءمة بين سير العمل وبين وسائل الاحتجاج التدريجى، بمنهج لا تتصادم فيه الحقوق، حق المعلمين في أوضاع معيشية كريمة، وحق التلاميذ في تلقى العلم، وحق المجتمع في أن تنضبط العلاقة بين مؤسساته وفئاته وأفراده، علي قاعدة الشعور بالواجب والمسئولية، التي تدفع الآخرين إلي احترام الحقوق، كى نبعث في الذهنية المصرية من جديد، نموذج المدرس الصالح صاحب الرسالة، الذى دعا أمير الشعراء أحمد شوقى إلي تبجيله:
«قف للمعلم وفه التبجيلا... كاد المعلم أن يكون رسولاً»
بعث صورة المدرس الصالح، الكفء، صاحب الرسالة، هو إحدي المهمات الأساسية لإصلاح منظومة التعليم في مصر، بعد أن غشيها التباس وتدهور وفقدان للثقة خلال العقود الماضية. هذه الصورة التي تألقت في عقود الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، والتي تمثلت في جيل من المعلمين الآباء، كانوا قناديل لإنارة العقول ونشر جذور الثقافة في القري المصرية، ومد الجامعات المصرية بكثيرين من الرموز والأعلام ممن بروزوا فيما بعد. كان من بين هؤلاء والدي الأديب والشاعر الإقليمى «عبدالمؤمن النقاش»، الذى عمل معلماً إلزامياً، بعد أن حصل علي شهادة «كفاءة المعلمين»، التى أتاحت له أن يدرس بشكل تفصيلي العلوم الشرعية، وفتحت له المجال لدراسة عميقة لتاريخ الأدب العربى والإسلامى . كان والدى - رحمه الله - واحداً من هؤلاء المعلمين الإلزاميين، الذين لم يمنحهم الله غنى ولا ثروة مادية من أي نوع، لكن منحهم القدرة علي التحمل والرضا بالمقسوم، والشغف بالثقافة والمعرفة، والولع بمهنة المعلم. ألف والدى كتاباً بعنوان «شرح مناهج التعليم الإلزامي» أحدث دوياً فى الوسط التعليمى، وامتدحه الكاتب الصحفي محمد فهمي عبداللطيف في إحدي مقالاته بصحيفة «أخبار اليوم» باعتباره كتاباً مهماً، كلفت نسخة الكتاب والدي قرشين، وحين نصحه أحدهم ببيعه بسعر أعلي من ذلك رفض وقال «إن العلم صدقة». ولأن العلم صدقة، فقد كان والدي يجمع أبناء قريته «منية سمنود» - الواقعة علي الشاطئ الشرقى للنيل بالقرب من مدينة المنصورة - لمراجعة الدروس للطلاب مجاناً، ولأنه كان قد تعود أن يصرف ما يأتيه من مال قليل علي تربية الأبناء وشراء الكتب، والابتعاد بمهنته كمربٍ ومعلم عن أن يشوبها أي شائبة تبعدها عن دورها الرسالى الذى كان يقدسه، فقد كان يبيع مكتبته إذا ضاق به الحال، وحين يفتحها الله عليه بعض الشىء، يعود ليملأها بالكتب من جديد، ومع أنه ظل طوال عمره غارقاً في الديون، فقد رفض ككثيرين غيره من الآباء المعلمين، أن يتربح من مهنته، رغم الغبن الوظيفى الذى طاله بسبب انتمائه التاريخي لحزب الوفد، من قبل حكومات الأقلية، التي لم يكن لها من هم، سوي العصف بالسياسات الاجتماعية التي تقررها حكومات الوفد فى وزارة المعارف لصالح المعلمين.
الدور الذى لعبه المعلم الإلزامى في القري المصرية فى النصف الأول من القرن الماضى، لم يلتفت إليه أحد بما يكفى، وكان أبى واحداً من هؤلاء الجنود المجهولين الذين تسلحوا بالعلم والثقافة والموهبة وسط ظروف قاهرة من الفقر والأمية والتخلف فنثروا علمهم وثقافتهم لإنارة العقول، ورفعوا مكانة المعلم إلي مصاف الأنبياء، وعودة هذه المكانة هي مهمة كل الأطراف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.