لعب.. وفن وهندسة. بالمهارة والإشارة.. وليس بالمكافأة و«الشو الإعلامى».. بالكفاح والمعاناة وب«أقل القليل» انتقل من ضيق المحلية إلى رحابة العالمية.. فريق كرة قدم الصم والبكم.. شباب «أحلى من الورد» وعزيمتهم أقوى من كل التحديات التى تقابلهم، هم الفريق الأول عربياً وإفريقياً.. والثالث عالمياً.. لاعبوه يحاربون فى بلدهم من أجل نفقات التدريب وتكاليف المعسكرات. ومعظمهم مثل ملايين غيرهم من الشباب المطحونين يعملون باليومية فى وظائف يستغنى عنهم أصحابها إذا تفرغوا لبطولة.. يحلمون بأن يفوزوا بها ويرفعوا علم مصر، فى رقابهم أمهات وزوجات وأطفال، وفى قلوبهم عشق للعبة الشعبية الأولى فى العالم: الساحرة المستديرة، رغم كل الظروف وعدم مساواتهم بغيرهم من اللاعبين فى المكافآت إلا أنهم أصبحوا منافسين خطرين لأقوى الفرق فى العالم ألمانيا وروسيا وأوكرانيا وتركيا. وهم على موعد مع كأس العالم الذى سيجرى بإيطاليا فى يونية المقبل، ومازالوا يبحثون عن الدعم والتكريم وسط أجواء محيطة من التهميش والظلم، ومدربهم لسان حالهم لقبوه ب«جوهرى الصم» مازالت قضاياهم بل قضايا 6 ملايين أصم حملاً ثقيلاً على كتفه. البداية كما يحكيها كابتن فؤاد عبدالحميد الملقب ب«جوهرى الصم» انطلقت من مركز شباب زينهم، يقول عن طريق أخى الأصم وأصدقائه تواصلت معهم وكانوا يرغبون فى عمل فريق لكرة قدم وأنا أصلاً موظف بوزارة الداخلية وكنت مدرب كرة قدم نادى الداخلية لكنى دخلت عالم الصم من خلال هذه اللعبة الشعبية التى يعشقها الجماهير، وأحببت أن أكون صوتاً لهم ووصلت من مدرب لمدير فنى منتخب مصر، أنقل شكاواهم من كل شىء وأطلب دعمهم، وكنت دائماً أراهم شباباً أكفاء، لهم حقوق لم يحصلوا عليها، وبدأت معهم من الصفر واجهنا عوائق مادية ومشكلات فى الحصول على موافقات للتدريب وبدأت معهم التمرينات ولم يكن هناك دورى أو هيئات مسجلون بها، رغم وجود اتحاد رياضة للمعاقين، كنا نقيم مباريات ودية وكان هناك مجاميع فى كل محافظة نذهب إليهم ونقيم مباريات ودية معهم وكان الهدف الأولى أن يكون لهم دورى معنا كابتن سيد محمد مسعود وهشام شرف وكابتن سامى فؤاد وجمال عبدالرحيم، وهناك وزارة الشباب واتحاد المعاقين وتوصلنا إلى عمل دورى خماسى وكان هناك تخوف من عدم إمكانية نجاحهم، وعام 1996 وبعد معركة وشد وجذب جمعنا الشباب ووزعنا دعوات البطولة وأقمنا أول بطولة فى السيدة زينب «خماسى» وكان كأى ناد كبير به محترفون أرادوا «دورى عام» واستطعنا كسب ثقة الاتحاد فوفرت الملاعب وكانت بطولة مركز شباب زينهم ومركز شباب عين الصيرة وهناك 13 فريقاً تقسم إلى مجموعات وفاز بها مركز شباب زينهم، وأعقبنا ذلك بدورى ممتاز من 10 فرق، واستمرت تدريباتنا ومجهودات الفرق حتى وصلنا إلى دورى درجة أولى وبدأنا نسعى للدعم نظراً لما أبداه اللاعبون من احترافية وأداء مشرف فى اللعب وذهبنا عام 1999 للعب فى البطولة العربية التى أقيمت بالأردن، وتم اختيارى مدرباً لمنتخب مصر للصم وكان كابتن كمال منصور مديراً فنياً وحصلنا على الميدالية البرونزية. وهنا ظهرت نجومية اللاعبين وسجل كابتن شوكت النجار أربعة أهداف من 7 لمنتخبنا مقابل 2 وكتبت الصحافة وقتها النجار خلع مرمى فلسطين. ويستطرد كابتن عبدالحميد قائلاً: رغم كل هذا الأداء المبهر إلا أننا لم نشترك بعدها فى بطولة دولية بحجة النفقات. وماذا عن الاتحاد والدعم الذى يقدمه؟ - لم نشترك فى الاتحاد الدولى للصم حتى عام 2005، وفى عام 2010 انطلقنا للبطولات الدولية، البطولة العربية وفى عام 2011 اشتركنا فى تصفيات البطولة الأفريقية بكينيا، وتأهلنا بفوزنا فى هذه البطولة لكأس العالم، والبطولة الثانية كانت فى جنوب أفريقيا التى تأهلنا خلالها لأولمبياد الصم، وكان أول اشتراك دولى فى عام 2012 فى كأس العالم بتركيا وكان أول اشتراك دولى فى رمضان واللاعبون كانوا صائمين وأبهروا العالم حتى أن رئيس الاتحاد الدولى تساءل فى تعجب واندهاش كيف يلعبون بهذه القوة والمهارة وهم لم يأكلوا أو يشربوا؟! وهنا تحدث كابتن شوكت النجار بإشارات ترجمها تعبيرات وجهه الحماسية ونقل عنه مدربه وأستاذه قائلاً: كانوا مستغربين لأنهم اعتقدوا أننا ضعاف بسبب الصيام لكنهم فوجئوا بأننا حققنا الفوز بالمركز الثانى على مستوى العالم وفى عام 2013 دخلنا أولمبياد الصم وكانت 18 لعبة وحققنا المركز الرابع كما كنا صائمين فى كينيا أيضاً. العالمي وكابتن شوكت حاصل على لقب ثالث هداف العالم بعد أن أحرز خمسة أهداف فى أولمبياد 2013 من بلغاريا. من نجوم منتخب الصم أيضاً كابتن سعيد أنور حارس المرمى الذى انطلق من مركز شباب المعادى ثم زينهم. رغم كل ما حققه ويحققه لاعبو كرة القدم من الصم إلا أن المنتخب لم يلق الترحيب والتكريم اللائق بما يقدمه. كابتن شوكت: رغم كل ما حققناه لم نجد أحداً ينتظرنا في المطار كنوع من التكريم كل ما حصلنا عليه 13 ألف جنيه وهو مبلغ هزيل جدا مقارنة بنا يحصل عليه اللاعبون الآخرون، الوحيد الذي كرمنا ماديا ومعنويا أحد كبار رجال الأعمال، سيطبقون لائحة جديدة وكان المفترض أن كل لاعب يحصل علي 50 ألف جنيه عندما عدنا من بلغاريا فوجئنا بأن الصم ليس لهم حق في هذه المكافأة لأنها للإعاقات الحركية فقط. وهنا استطرد كابتن عبدالحميد قائلا: رغم أن المنتخب يتبع البارالمبية وهي لجميع رياضات ذوي الإعاقة وذلك منذ عهد الوزير الأسبق طاهر أبوزيد. المشكلة أننا علي موعد مع كأس العالم بإيطاليا في شهر يونيو القادم ولا نعلم أي لائحة سيطبقون عليها من المفترض أن تكون اللائحة موحدة كذلك هناك أوليمبياد 2017 بتركيا مطلوب أن يعترفوا بالصم ضمن الإعاقات لأن أي منتخبات ضمن البارالمبية تطبق عليها اللائحة دون استثناء «مكفوفين - حركي - صم» فاللائحة تعرض علي الوزير بينما يفسرها الموظفون ووكلاء الوزارة ولا نعلم علي أي أساس يتم التفريق بين اللاعبين علي أساس إعاقاتهم. فهناك 8 منتخبات في اتحاد البارالمبية المصرية كلهم يشتركون في بطولات ويحققون مراكز وفريق الكرة يحتاج الي دعم مالي لتغطية تكاليف المعسكرات ونحن نقترب من كأس العالم ولن نستطيع جمع المنتخبات في معسكر واحد فالمدرب يعمل طول السنة لاختيار فرقته وأنا كمدرب أختار أفضل العناصر ولا يوجد أموال للإعداد فنضطر لعمل معسكرات مغلقة كثيرا تصل الي العام ونحتاج الي رعاة يمولون هذه التكاليف ونحن نتمتع بميزة عن كل المنتخبات فالشعار يكتب علي التي شيرت في كأس العالم لكن الرعاة لا يهتمون بذوي الإعاقة رغم النجاحات والبطولات التي يحققونها فاللجنة البارالمبية تعطي كل ناد 2000 جنيه فقط تصرف علي المعاقين جميعا بما فيها فريق الصم ولكني بعد ذلك تغير مجلس إدارة البارالمبية، تأخذ 10 آلاف جنيه وذلك المبلغ لا يكفي أيضا فمعظم المباريات تتم خارج القاهرة مما استدعي تقسيم الدوري الي مجموعتين ويترتب علي ذلك اننا نشتري أحيانا الملابس والأحذية الرياضية من جيوبنا فالرعاة لا يهتمون بالمعاقين رغم أننا نحقق نتائج مبهرة وكنا في مركز زينهم بدون ملابس رياضية لمدة 7 سنين علي الرغم من أن منتخب الصم لكرة القدم الذي تجمع لأول مرة عام 1996 وشارك المنتخب في بطولة الأمة العربية وحصل علي المركز الثالث ولم تهتم بنا اللجنة البارالمبية ولم يوافقوا علي مشاركتنا في البطولات الخارجية واكتفوا باهتمامهم بالدوري المحلي فيما تجد المنتخبات الأخري كل الدعم والاهتمام كرفع الأثقال وألعاب القوي ثم عاد النشاط مرة أخري عام 2010. واستطرد كابتن عبدالحميد عندما اخترت مديراً فنيا للمنتخب المصري عام 2004 كانت المباريات مقتصرة علي الودية فقط ثم اشتركنا في بطولة الأمم العربية بالأردن وحصلنا علي المركز الأول ثم الي كينيا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم وحصلنا علي المركز الثاني في تركيا عام 2012، ورغم صدمتنا في عدم الاهتمام بنا لم ننظر وراءنا بل استمر التفوق وحصلنا علي المركز الرابع في أوليمبياد بلغاريا عام 2013. والقصد من ذلك أننا حققنا مراكز عربية وأفريقية وعالمية ومازلنا علي هامش اهتمام المسئولين والرعاة والإعلام فرغم أن قانون كرة القدم واحد فإن معايير التقدير ليست عادلة. عاوزين ربع اللي بيتصرف علي الأسوياء والأصحاء فمنتخب كرة القدم عندما يلعب في الخارج تجد ملاعب مفتوحة وإقامة في فنادق خمس نجوم وهم لم يقدموا ما قدمه منتخب الصم الوحيد في الألعاب الجماعية الذي حقق رابع أوليمبياد رغم أن اللعب واحد والقوانين تطبق علي كل المنتخبات صماً أوغير صم. جعلت نفسك لسان حال فريق كرة قدم الصم فماذا جنيت من وراء ذلك؟ - هدفي الأول أن يصل صوت هؤلاء الشباب لكل المسئولين وينالوا حقهم من التقدير والتكريم ونشر اللعبة ونشجع تكوين فرق في المحافظات وأتحدث عن مشكلاتهم وأطلب الدعم من وزارة الشباب مما يجعلني مستهدف من مجلس إدارات الاتحاد وهذا لم يثنني عن رسالتي لأني أري أن هؤلاء لهم حقوق ولم يأخذوها وفي المقابل أحظي بحبهم واحترامهم فهم يرتاحون لكل من يفهم لغتهم ولذا لم أيأس ووصلت بعدد من الفرق من 13 ناديا عام 1996 الي 48 ناديا وركز شباب وكل الجمعيات أصبحت أندية فيما لا تفتتح النوادي الكبري أبوابها للصم حيث لا يمثلون منها ومعظم الفرق في مراكز شباب ونحن نعمل بأقل المتاح من النفقات والكابتن والمسئولون عن الفريق يحاولون توفير احتياجات اللاعبين قدر المستطاع والوزير مشكورا يعطي الأندية 20 ألف جنيه للعام الثاني رغم أنه كان مصرحا ب35 أصبحت ما بين 15 و20 ألفا وهنا تحدث كابتن سعيد حارس مرمي المنتخب بإشارات تشرح معاناة ليس لاعبي فريق كرة قدم الصم فقط بل 6 ملايين أصم في مصر، قال: نحن جميعا أرباب أسر ولدينا عائلات وأطفال مسئولون عنهم وتقابلنا مشكلات في العمل فمعظم اللاعبين يعملون القطاع الخاص أو باليومية وأحيانا نكون في معسكرات 6 أشهر أو سنة ومنا من يضطر لترك عمله في مقابل 900 جنيه شهريا وكتبنا إلى المحافظين من كافة المحافظات بأن لدينا أبطالاً. نحن والرئيس تحدث أبطال كرة قدم الصم عن مطالبهم وأعربوا عن رغبتهم في مقابلة الرئيس عبدالفتاح السيسي وعرض مشاكلهم علي سيادته وقال كابتن شوكت ثالث هداف عالم كرة قدم الصم: رأيت ذوي الاعاقة بجوار الرئيس في كل المناسبات وأشار وترجم عن كابتن عبدالحميد قائلا: نفسي أكلم الرئيس وأحكي له عن أوجاعنا ونجاحاتنا واتفق معه كابتن سعيد قائلا: لابد أن يصل صوتنا الي رئيس الجمهورية فلنا إنجازات نريد أن نتحدث عنها ولنا هموم لابد أن نحكيها، ولدينا لاعبون عالميون اعترف باحترافيتهم أقوي الفرق ألمانيا، تركيا، بلغاريا، الأردن، وعندما نسافر الي محافظة نحصل علي 25 جنيها «يومية» وكل طموحنا أن نتساوي مع الفرق الأخري ويفتح لنا المحافظون الملاعب والمعسكرات للتدريب ويدعمون الفرق كما نحتاج الدعم الإعلامي فلدينا دوري ممتاز علي مجموعتين علي مستوي المحافظات ودوري درجة أولي ومعروفون علي مستوي العالم.