المستشار «مكى» صاحب الضمير وهواة الشهرة والتهليل! بقلم: حمدى حمادة منذ 1 ساعة 41 دقيقة فى الأيام القادمة تبدأ جلسات الاستماع لمشروع قانون السلطة القضائية بعد أن انتهي المستشار الجليل «أحمد مكي» من إعداد تعديلات هذا المشروع.. وقبل أن أخوض فيما أود أن أبديه لابد أن أقول لكل من اعترض علي المستشار «مكي» بأن هذا الرجل الجليل سليل عائلة وطنية نادت باستقلال «مصر» منذ أكثر من 100 عام.. يكفي أن خال والدته هو الزعيم الوطني «مصطفي كامل» ولن أتحدث عن مواقف الرجل الوطنية لأن «مكي» من كتيبة المدافعين عن استقلال القضاء ولأن هناك أصواتاً تعالت وتمادت في صب غضبها علي الرجل ومن تلك الأصوات من كان عاشقاً للارتماء في أحضان السلطة ومازال ومن كان يتظاهر بالحماس وثبت أنه «خناس» أو قل وسواس.. ولأن للقضاء جلاله وله هيبته يعلم القضاة المحترمين من له المصلحة في الهجوم علي «مكي» ومحاولة النيل من اعتزازه القضائى وهو الرجل صاحب المواقف ووقف ضد ألاعيب النظام السابق وكان من فرسان تيار «الاستقلال» ولم يلجأ إلي أساليب البهتان ولم يجامل أو يحاب السلطة!! وللتذكرة معلوم أن «صبري باشا أبو علم» واحتفالاً بصدور قانون استقلال القضاء رقم 66 لسنة 1943 أي منذ 68 عاماً تحدث عن ضمانات القاضي وقال في خطاب شهير إن كل ما في القانون من ضمانات وما يقوم عليه من دعائم وامتيازات لا يغني عن أمرين أحدهما أمانة في أعناقهم والثاني أمانة في أعناقنا، أما ما هو في أعناقكم فلعلي لا أجد في تحديده وتصويره أبلغ مما قلته عنه في المؤتمر الوفدي عام 1935 ونقلته حرفياً في مذكرتي إلي مجلس الوزراء بعد ثمانية أعوام فخير ضمانات القاضي هي تلك التي يستمدها من قرارة نفسه وخير حصن يلجأ إليه هو ضميره، فقبل أن تفتش عن ضمانات القاضي فتش عن الرجل تحت وسام الدولة فلن يصنع «الوسام» منه قاضياً إن لم يكن له بين جنبيه نفس القاضي وعزة القاضي وكرامة القاضي وغضبة القاضي لسلطانه واستقلاله، هذه الحصانة الذاتية هي العصمة النفسية هي أساس استقلال القضاء، لا تخلقها نصوص ولا تقررها قوانين، إنما تقرر القوانين الضمانات التي تؤكد هذا الحق وتعززه وتسد كل ثغرة قد ينفذ منها السوء إلي استقلال القضاء، بل إن شئت فهي السلاح بيد القوي الأمين يذود به عن استقلاله ويحمي حماه.. أما ما هو في عنق القائمين بوزارة العدل علي تنفيذ هذا القانون، فهو أن ينفذوه بروح المؤمن باستقلالكم كحقيقة من الحقائق، فلا يدعون ثغرة مفتوحة يمكن أن ينفذ منها إلي استقلالكم إلا سدوها، وأن يفسروا القانون دائماً ويطبقوه بهذه الروح، فما كان القانون ليحيط بكل شيء ولا ليحتاط لكل شيء.. هكذا كان العقل القضائى المستنير الذي كان يحدد المصير وبدون تقصير.. وعلي القضاة أن يراعوا الضمير لأن المستشار «مكي» من أصحاب الضمير ولم ولن يكون أبداً من المقصرين.. ومنذ سنوات أهداني الفقيه القانوني أستاذ القانون «محمد كامل عبيد» وهو فقيه بحق وحقيق وليس ممن يلصقون بذواتهم لقب «الفقيه» زوراً وبهتاناً من خلال الاستضافات والحوارات الصحفية والتليفزيونية!! أهداني الرجل دراسة مقارنة عن استقلال القضاء كانت مقدمتها أكثر من رائعة وتضمنت بأن الشعور بالرغبة في العدل كان قائماً في النفس البشرية منذ أقدم عصور التاريخ. والعدل قيمة لا تنطوي علي مجرد عدم إيقاع الضرر بالغير وإعطاء كل حالة فحسب وإنما هي شيء أعمق من ذلك وأكثر.. هي تحقيق التوازن اللازم بين المصالح المتعارضة بغية كفالة نظام مأمول لسكينة المجتمع الإنساني وسلامته وسعياً به صوب الاستقرار والتقدم.. ومن ثم كان العدل عنصراً حركياً ويقتضي السعي الدائب والدءوب والدائم والحثيث نحو معرفة ما يستحقه وكيف يُعطي له.. وإذا كان العدل حقاً مقدساً لكل إنسان.. يستمتع بكرامته منه ويمارس في ظله حياته فإن تأمينه للإنسان في أية أمة هو أعظم آيات حضارتها وعماد مقاييس تقدمها.. وإذا كان تأمين العدل أيضاً في أي أمة هو مسئولية الحكم فيها بل هو ذروة سنامها فإن تحقيقه هو جوهر رسالة القضاء.. فالعدل لا يجىء ولا يتحقق من تلقاء نفسه وليس للإنسان أن يقتضيه لنفسه.. وإنما تحقيق العدل هو واجب الدولة ورسالتها.. ينقطع لفرائضه ويصبر علي مناسكه ويتجرد له القضاء نظاماً شاملاً، متكاملاً، مستقراً، مستقلاً، محايداً وليس به حثيثاً بين الناس.. يا سادة إن تحقيق الاستقلال الحقيقي والأمثل للقضاء يعني في حقيقته أن قضاءنا سوف يرفض الباطل ويأباه ويقول الحق ويتغياه وينشد العدل ويرعاه ويصون الحقوق ويعليها ويذود عن الحريات ويحميها ويحرص علي سيادة القانون ويؤكدها ويدعم الشرعية ويسمو بها وأيضاً هذا الاستقلال يعني أن يكون القضاء في منعه عصياً علي التغيير والتبديل.. عصياً علي التبعية والانصياع.. عصياً علي الإغراء والهوان والتهوين. يا سادة واجب القضاة والتزامهم أن يؤدوا الرسالة في صمت.. بالفطنة واليقظة.. بالعفة والورع.. بالنزاهة والصدق.. غير مستهدفين سوي رضاء الله وراحة الضمير.. مرة أخري أعود وأكرر أن المستشار «أحمد مكي» من أصحاب الضمير وعليه فليصمت معدومو الضمير من هواة الشهرة والتهليل!!