"يا ليتني مت قبل هذا بعشرين عامًا" تلك الكلمات التي قالها خليفة المسلمين علي بن أبي طالب حال رؤيته إرقة دماء العديد من المسلمين بموقعة الجمل 36هجريًا، حيث خرج قبلها بيوم لالقاء خطاب لجموع المسلمين لإطفاء فتيل الحرب الذي اشعلها دعاة الفتنة بمدينة البصرة لوجود خلاف على التأني للقصاص من قتلة الخليفة عثمان بن عفان. وعلي الرغم من مرور اكثر من الف عام علي هذا الحدث إلا أن حكام العصر الحديث لم يتعظوا من حكم الخلافة، فجاء خطاب المعزول حسني مبارك الذي كان يهدف به تهدئة الاوضاع بثورة 25 يناير 2011، بنتيجة عكسية حيث حاول انصار الحزب الحاكم وعدد من الخارجين عن القانون النزول وإراقة دماء المتظاهرين عن طريق هجوم راكبي الجمال والخيول عليهم بالسيوف والاسلحة والكرابيج. موقعة الجمل بالبصرة فى عهد الصحابة: تروى كتب التاريخ ان مواقع الجمل بالإسلام كانت مع بداية عام 36 هجريًا، حيث وقعت فى مدينة البصرة معركةالجمل ونسبت بذلك الأسم لمشاركة السيدة عائشة رضى الله عنها فى المعركة بالذهاب على "هودج حديدى" على ظهر الجمل، اذ وقعت المعركة بين قوات أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب والجيش الذي يقوده كل من الصحابى طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأم المؤمنين عائشة رضى الله عنها. اشتعال فتيل القتال جاء هول الصاعقة على نفوس كبار الصاحبة حال تفاجئهم بتأجيل الإمام على بن أبى طالب خليفة المسلمون بالقصاص لمقتل عثمان بن عفان، اذ لم يكن ذلك فى حسبانهم وبدء من هنا اشتعال فتيل القتال بمعركة الجمل لمعرفة الخليفة قتله عثمان. وكان قد تم مبايعة الإمام علي بن أبي طالب لخلافة المسلمين، وانتقل بعدها للكوفة ليتخذ منها عاصمة للخلافة، ولكن مع سيطرة قتلة عثمان بن عفان على مقاليد الأمور فى المدينة النبوية كان من الصعب القضاء عليهم فى وقتها وكان لابد من التروى لحين اختيار الفرصة المناسبة للقصاص. فيما رفض بعض الصحابة ومن بينهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ومعهم السيدة عائشة رضى الله عنها، التباطؤ في تنفيذ القصاص خصوصًا بعد مضى أربعة أشهر على بيعة علي دون اخذ اى خطوة فى ذلك. واتفق رأيهم على الخروج إلى البصرة ليس بنية القتال ولكن ليلتقوا برجالها، تمهيدًا للقبض على قتلة عثمان لإتمام القصاص. إثارة الفتنة بعد وصول أصحاب الجمل أراد المسلمون جمع الكلمة والقصاص من قتلة عثمان بن عفان، والإتفاق مع خليفة المسلمين علي بن أبي طالب في الألية التي يمكن بها تنفيذ القصاص، ويشترط بعد المكان عن المدينةالمنورة التي صارت معقلًا لقتلة عثمان وأنصارهم. كما قام أحد دعاة الفتنة والمشترك بمقتل عثمان بن عفان، بالتحريض ضد اصحاب الجمل بمدينة البصرة، فقرر عثمان بن حنيف والي البصرة منعهم من دخول المدينة. وعلى الفور بدأ طلحة والزبير ومن بعدها ام المؤمنيين عائشة بالمخاطبة في أنصار المعسكرين، فثبت معها أصحاب الجمل، وإنحازت إليها فرقة اخرى، لكن قام حكيم بن جبلة العبيدى "بسب ام المؤمنيين" وتأجيج الفتنة والدعوة إلى القتال، ومن ثم قتل اصحاب الجمل حكيم العبيدى. توقيع الاتفاق السلمى بعد أن وصل علي بن أبي طالب إلى البصرة، مكث فيها ثلاثة أيام والرسل بينه وبين طلحة والزبير وعائشة، فأرسل القعقاع بن عمرو إليهم لتوقيع الصلح، حيث قرر الفريقين الكف عن القتال والتشاور في أمر قتلة عثمان بن عفان. فيما خطب علي بن ابى طالب، الناس وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأن الله جمعهم بعد نبيه صلى الله عليه وسلم على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان، ثم حدث هذا الحدث الذي جرّه قتلة عثمان. وعلى هذا الصعيد خشي مثيروا الفتنة من الصلح لأنه بموجبة ستتم عملية القصاص عليهم، وقرروا أن ينشبوا الحرب بين الجيشين لإثارة الناس ويثيروا الناس ليوقعوا القتال بينهم، ثم يفروا هاربين بفعلتهم المشينة. بدء القتال: - بات كلا الفريقين فرحين بالإتفاق السلمي الذي تم بن خليفة المسلمين علي بن ابى طالب وام المؤمنين عائشة والزبير، وفي اليوم التالي مع طلوع الفجر، نفذ مثيروا الفتنة خطتهم وباتوا يتشاورن أن يثيروا الحرب، فنهالوا بالسيوف على قرابة ألف رجل، وبعدها ثارت كل طائفة إلى قومهم ليمنعوهم. فثار كل فريق إلى سلاحه، ولبسوا اللأمة، وركبوا الخيول، وكان أمر الله قدرًا مقدرًا، وقامت الحرب على ساق وقدم، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان، فنشبت الحرب. وكان الإمام علي يتألم كثيرًا مما يحدث من إراقة دماء المسلمين، قائلًا" ياليتني متّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة". نتائج المعركة: قتل كل من طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، اذ اصيب طلحة بسهم في ركبته او نحره، وقد حزن أمير المؤمنين علي، كثيرًا لمقتلهم، فحين رآى طلحة مقتولًا جعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: " عزيزٌ عليّ أبا محمد أن أراك مجندلًا تحت نجوم السماء"، وبعدها أمسك السيف بيده وقال" طالما جلّى به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ". موقعة الجمل 2011: اشرقت شمس يوم جديد من أيام ثورة 25 يناير 2011، يوم الأربعاء 2 فبراير، والمتظاهرون يبيتون في ميدان التحرير ثمانية أيام وتسع ليال، رافضين جميع سبل الرحيل حتى بعد خطاب الرئيس الأسبق مبارك الذي حاول فيه تهدئتهم أو محاولة كبار السياسين إقناعهم بالرجوع، إلا أنهم صمموا على عدم الاستسلام قبل الإطاحة بنظام طاغي سلب منهم حقوقهم عنوة، وعاشوا تحت ظل الفساد الذي جعله ينتفضوا ويعلو صوتهم مطالبين "الحرية، والعيش، والعدالة الإجتماعية، والكرامة الإنسانية". أسبابها ومن هنا حاولت بعض الأطراف التى لم يكشف عن هويتها حتى تلك اللحظة إرغام المتظاهرين من إنهاء اعتصامهم باستخدام العنف خاصة بعد فشل خطاب مبارك الذي وصفه البعض بال"العاطفي"مساء الأول من فبراير، ، حيث تعهد بعدم الترشح مجددا في الانتخابات الرئاسية، مؤكدًا أنه لن يغادر منصبه إلا بعد انتهاء فترة حكمه ليسلم البلاد بشكل سلمي، مطالبا المعتصمين بمغادرة ميدان التحرير. وجاء خطاب مبارك بالرفض من قبل المعتصمين بالميدان، مستكرين في رفع شعارهم"الشعب يريد إسقاط النظام"، وباليوم التالي خرج العديد من مؤيديه لتدعيمه ونشبت اشتباكات عنيفة بين المؤيدين والمعارضين. وبمشهد هزلي غير مسبوق فؤجي المتظاهرين بهجوم عدد من البلطجية المأجور بعضهم والبعض الأخر المواليين للنظام يلوحون بالسيوف والعصي والسياط، فسقط الكثيرون جرحى وبعضهم قتلى، وتلك الواقعة معروفة إعلاميًا ب"موقعة الجمل". كما قام عدد من المتظاهرين بضرب الخيول والخيالة محاولين إسقاطهم ونجحوا في إسقاط القليل منهم، ووجدوا مع بعضهم بطاقات للحزب الوطني المنحل. النتائج قدرت الخسائر البشرية بحوالي 11 قتيل و2000 جريح تقريبًا، وكانت تلك الواقعة بمثابة دافع قوي زاد من تمسك المتظاهرين لاستكمال ثورتهم واستحالة الاستسلام، كما كانت سبب في كسب تعاطف الكثير من المصررين الذين لم ينزلوا الميدان، وحركتهم للنزول للاشتراك مع المتظاهرين في التظاهر والاعتصام وتأيد مطالبهم. . المخططون للموقعة برأت المحكمة كل المتهمين في تلك الواقعة وكان ابرزهم النائب السابق عبد الناصر الجابري، ورجل الأعمال محمد أبو العنين، وعائشة عبد الهادي وزيرة القوى العاملة سابقًا، والأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف. حتى أتهم المستشار مرتضى منصور وولده وأكد أنه "مكيدة له" نظرًا لإعلانه في رغبته للترشح للرئاسه وقتها، وشمله الاتهام بالرغم من أنه كان معارضًا لرموز النظام ولكن المحكمة برأته ايضًا. ردود الفعل فيما جاءت ردود الفعل العالمية في صالح المتظاهرين وأدانت عدد من الدول الكبرى تلك الموقعة، ومنها كلا من" الولاياتالمتحدةالأمريكية، إسبانيا، فرنسا، إيطاليا، وألمانيا "مطالبين الرئيس مبارك الاستجابة لمطالب شعبه ووقف العنف. كما صرح السياسي أيمن نور، بأنه سيلاحق النظام المصري وقتها دوليًا لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، فضلًا عن رفض حزب الوفد التحاور مع عمر سليمان نائب الرئيس تنديدًا بما حدث في موقعة الجمل.