المسلمون في الخلافة الراشدة لم تستخلف النبي صلي الله عليه وسلم أحدا, ولم يخلف أحدا بعده. فلما مات اجتمعت الأنصار في شقيفة بني ساعدة وحسموا ترشيحهم لسعد بن عبادة خليفة بعد النبي صلي الله عليه وسلم فسمع بذلك المهاجرون فلحقوا بهم بالسقيفة. ورفضوا تلك البيعة حتي قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير, فرفض المهاجرون هذا التفرق, فبايع أبو بكر أبا عبيدة بن الجراح وعمر بن الخطاب لاختيار أحدهما, فبايع عمر أبا بكر, فتراحم الناس علي مبايعته, وتمت له. وعندما أحس أبو بكر بقرب أجله اختار عمر بن الخطاب يكون خليفة من بعده وكتب بهذا الاستخلاف كتابا. وبعد أن طعن عمر بن الخطاب وظن أنه سيفارق الحياة عهد بالخلافة إلي الستة من أهل الشوري ليكون واحدا منهم, وهم عثمان بن عفان, وعلي بن أبي طالب, وعبد الرحمن بن عوف, والزبير بن العوام, وطلحة بن عبيد الله, وسعد بن أبي وقاص. ولما قتل عثمان انتقلت الخلافة لعلي بن أبي طالب سنة35 ه فقام بعض أكابر الصحابة يطلبون القصاص من قتلة عثمان, وتوقع علي الفتنة فتريث, فغضبت عائشة رضي الله عنها وقام معها جمع كبير في مقدمتهم طلحة والزبير وقالتوا علي فكانت وقعة الجمل سنة36 ه وظفر علي بعد أن كثر قتلي الفريقين. ثم كانت وقعة صفين سنة37 ه, لأن عليا كان قد عزل معاوية عن ولاية الشام يوم ولي الخلافة, فعصاه معاوية, فاقتتلا مائة وعشرة أيام, قتل فيها من الفريقين عدد كبير, وانتهي القتال بتحكيم أبي موسي الأشعري ممثلا للإمام علي وعمرو بن العاص ممثلا لمعاوية فاتفقا سرا علي خلع علي ومعاوية, وأعلن أبو موسي ذلك, وخالفه عمرو فأقر معاوية, فافترق المسلمون ثلاثة أقسام: الأول: بايع لمعاوية وهم أهل الشام. الثاني: حافظ علي بيعته لعلي وهم أهل الكوفة. والثالث: اعتزلهما ونقم علي الإمام علي رضاه بالتحكيم وهم الخوارج. وكانت وقعة النهروان سنة38 ه بين علي وبين من رفض التحكيم, وكانوا قد كفروا عليا, ودعوه إلي التوبة, واجتمعوا جمهرة فقاتلهم, فقتلوا كلهم, وأقام علي بالكوفة دار الخلافة إلي أن قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي غيلة في17 رمضان سنة40 ه المسلمون في الدولة الأموية41 132 ه=661-750 م هذه دولة من نظام جديد في حياة المسلمين. بعد انتهاء عصر الخلافة الراشدة آلت خلافة المسلمين إلي معاوية بن أي سفيان إثر مقتل علي بن أبي طالب, واستحدث الأميون وظيفة الحاجب بعد موقف الخوارج ومؤامرتهم وقتلهم علي بن أبي طالب. وسعي معاوية إلي أخذ البيعة لابنه يزيد دفعا لفتنة محتملة, ثم أصبح هذا المنهج سنة اتبعها كل خلفاء الدولة الأموية. وأدي ذلك إلي وقوع نزاع بين أبناء الأسرة الأموية, فمثلا انتقم سليمان بن عبدالملك من كل من كانوا يؤيدون أخاه الوليد علي خلعه من ولاية العهد, حتي قتل من بينهم اثنان من أعظم قواد الفتوح الإسلامية, هما: محمد بن القاسم الثقفي, وقتيبة بن مسلم. وترتب علي هذا انشقاق في البيت الأموي, فكانت من أسباب إسقاط حكمهم. أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر رابط دائم :