هل حولت وزارة الصحة المصريين إلى فئران تجارب لشركات الأدوية؟.. سؤال طرح نفسه بعد أن صدمت تصريحات الدكتور محيى عبيد نقيب الصيادلة الشارع المصرى، التى أكد فيها أن نقابته أرسلت إنذاراً على يد محضر لوزير الصحة وأعضاء لجنة الفيروسات الكبدية تتهمهم بتحويل المرضى المصابين بفيروس «سى» إلى فئران تجارب لشركات الأدوية العالمية، وأشار نقيب الصيادلة إلى أن الإجراءات التى اتبعتها الوزارة فى الأعوام الماضية أدت إلى انتكاسة 30% من المرضى، حيث إن لجنة الفيروسات الكبدية كانت تشترط على المرضى التوقيع على إقرار بالموافقة على استخدام ما هو متاح للجنة من بيانات أو عينات معملية خاصة للأبحاث المتعلقة بفيروس «سى»، وأشار إلى أن بروتوكولات العلاج التى اعتمدتها الوزارة واللجنة خلال الأعوام الماضية تعد إهداراً للمال العام، وهو ما تطالب النقابة بمحاسبة المسئولين عنه، كما أنه إهدار لصحة المرضى الذين ستتعاون معهم النقابة لعقاب المسئولين المتورطين فى تدهور حالتهم الصحية، حيث سيتولى محامى النقابة القضايا التى سيقومون بإقامتها ضد المسئولين. من ناحية أخرى أكد خبراء الكبد والجهاز الهضمى أن الأدوية التى دخلت مصر حديثا لعلاج فيروس «سى» تم تجريبها فى الخارج وحصلت على كافة الموافقات الدولية، ونتائجها العلاجية مبشرة وبحلول عام 2020 ستكون مصر خالية من فيروس «سى». إنذار حرب علنية تدور رحاها هذه الأيام عبر وسائل الإعلام المختلفة بين نقابة الصيادلة ووزارة الصحة، بدأت الحرب بكادر الصيادلة وانتهت مؤخراً بتصريحات نقيب الصيادلة ووكيل النقابة التى أكدا فيها أن وزارة الصحة ولجنة الفيروسات الكبدية حولوا المصريين إلى فئران تجارب لشركات الدواء العالمية بتجريب الأدوية عليهم وإهدار المال العام فى شراء أدوية أدت إلى تدهور حالة المرضى، ووصل الأمر بتقدم النقابة بإنذار على يد محضر ضد الوزارة ولجنة الفيروسات والتهديد بإقامة دعوى قضائية وحبس المتورطين، وكان الدكتور محيي عبيد نقيب الصيادلة قد أعلن أن 30% من مرضى المصابين بفيروس «سى» قد انتكسوا أثناء العلاج نتيجة استخدام علاج لم يتم تجريبه جيداً، وأوضح الدكتور عبيد ل «الوفد» أن هذه النتائج كانت مع البروتوكول الخاص بالعلاج بالسوفالدى والإنترفيرون معاً، مشيراً إلى أن هذه التركيبة لم تأت بالنتائج المرجوة، مستنداً إلى ما أعلنه الدكتور مجدى الصيرفى عميد معهد الكبد القومى وعضو اللجنة القومية للفيروسات الكبدية فى مؤتمر الجمعية الأمريكية للأمراض الكبدية: أن نسبة الانتكاسات التى حدثت فى جميع المراكز المتخصصة لعلاج حوالى 10 آلاف مريض بفيروس «سى» باستخدام هذا البروتوكول العلاجى وصلت إلى 30%، بينما وصلت نسبة الشفاء إلى 54% ثم انخفضت إلى 45%، وأضاف نقيب الصيادلة أن الشركة المنتجة لعلاج السوفالدى منحت أعضاء لجنة الفيروسات الكبدية مبلغ مليون دولار لإجراء تجارب العلاج باعتبارهم المسئولين عن الأبحاث لدى الشركة الأمريكية، فى حين أنهم كانوا يفاوضون الشركة باسم مصر، وهذه الازدواجية لم يعاقبهم أحد عليها، وأوضح أن هذه اللجنة كلفت الدولة أموالاً طائلة حينما تمت الموافقة على بروتوكولات علاجية بأسعار تتراوح بين 60 ألفاً إلى 120 ألف جنيه للمريض ولم تأت بالنتائج المرجوة منها، وهو ما سيحاسبون عليه من خلال دعوى إهدار المال العام التى أقامتها النقابة ضدهم، وأضاف أن النقابة ستتوجه بمناشدة من خلال الفيس بوك للمرضى المضارين من هذا العلاج عمل توكيل لمحامى النقابة الذى سيقوم برفع دعوى قضائية بالمجان باسم المضارين ضد أعضاء اللجنة والوزارة، لمحاسبتهم على الاستهانة بصحة المواطنين. الفيروس مشاغب وكانت شركة جلياد الأمريكية المنتجة لعقار السوفالدى قد أعلنت نفس النتائج من قبل، وحذرت من مضاعفات الانتكاسة من العلاج بالسوفالدى حيث ثبت أن الفيروس سيتحور مما يخلق نوعاً جديداً من الفيروس الذى سيصعب علاجه إلا بعقاقير أحدث من السوفالدى، مما سيكلف الدولة أعباء مادية إضافية ويزيد من الأعباء التى يتحملها المريض للحصول على العلاج. ورغم هذا فإن لجنة الفيروسات الكبدية رفضت عرض النتائج الكاملة للعلاج بالبروتوكول العلاجى الثنائى والثلاثى، حيث ثبت انتكاسة 30% من المرضى، وعلقت وزارة الصحة واللجنة أسباب الانتكاسة على كاهل الصيادلة بالإشارة إلى أنهم يقومون بصرف بدائل أخرى للمرضى غير المنتج الأمريكى، وهو ما رفضته نقابة الصيادلة ومن هنا بدأت المواجهة. فئران تجارب جدير بالذكر أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالمياً فى الإصابة بفيرروس «سى» حيث يتراوح عدد المرضى المصابين به بين 12 مليوناً إلى 15 مليون مواطن وفقاً للأرقام المعلنة من قبل وزارة الصحة، التى أكدت أن الحالات المرضية الحرجة التى تحتاج إلى العلاج بالسوفالدى تصل إلى 4 ملايين مريض، فى حين ينتظر باقى المرضى إلى أن تسوء حالتهم أكثر حتى يمكنهم الحصول على العلاج، وهذا الوضع السيئ هو ما جعل مصر سوقاً مفتوحة للأدوية التى تعلن عنها الشركات الأجنبية من حين إلى آخر، وهو ما رصده مركز الحق فى الدواء فى تقرير له أكد فيه أن المركز رصد تردد العديد من المصابين بفيروس «سى» على مستشفى يملكه أحد الأطباء بمدينة 6 أكتوبر لتجربة علاج جديد للفيروس مع السوفالدى ويحصلون على وجبة غذائية، وأشار التقرير إلى أن الدواء الجديد يدعى «ديكلانزا» وتمت الموافقة عليه من قبل هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية فى أوائل العام الماضى ولكن لم يتم تجريبه على المرضى فى الخارج بينما يتم تجريبه على المرضى المصريين. آمنة وفعالة ورغم كل هذه الاتهامات فإن خبراء الأمراض الكبدية كان لهم رأى آخر حيث أوضح الدكتور جمال شيحة أستاذ أمراض الكبد بكلية الطب جامعة المنصورة أن أدوية فيروس «سى» الموجودة الآن فى مصر آمنة وفعالة، وبعضها تصل نسبة الشفاء فيه إلى 90% فى حالة الأشخاص الذين لا يعانون من تليف فى الكبد، بينما تصل نسبة الشفاء إلى 75% فى حالة المرضى المصابين بالتليف وهذه النسب جيدة جداً ونستطيع أن نصفها بالساحرة، وأشار إلى أن تغيير الدواء من فترة إلى أخرى يرجع إلى التطور الطبى الذى يحدث فى عالم الأدوية، وحينما يتم اكتشاف أى دواء وتثبت فاعليته يتم استيراده ومن يقول إن تغيير الدواء يعتبر إهداراً للمال العام فهذا كلام لا ينطق به إلا غير المتخصصين. ويلتقط الدكتور أحمد مؤنس أستاذ الكبد والجهاز الهضمى بكلية الطب جامعة عين شمس أطراف الحديث، مشيراً إلى أن كل الأدوية الموجودة فى السوق المصرى معترف بها عالمياً وأقرتها هيئة الأدوية والأغذية العالمية، وبعضها تم تجريبه فى أوروبا وبعضها تبلغ نسبة الشفاء فيه 95% وآثاره الجانبية شبه منعدمة، مشيراً إلى أن البروتوكول العلاجى الأول بالإنترفيرون والريبافيرين كانت نسب الشفاء به تقدر ب 50%، ولذلك منعت التوصيات العالمية العلاج به نظراً لآثاره الجانبية، ولكن العلاجات التى جاءت بعد ذلك زادت نسب الشفاء بها، حيث وصلت نسبة الشفاء بالسوفالدى والريبافيرين إلى 75%، وتصل النسبة فى حالة العلاج بالسوفالدى أوليسيو إلى 90%، أما فى حالة العلاج بالسوفالدى مع الإنترفيرون والريبافيرين فتبلغ نسبة الشفاء به 96% خلال 90 يوماً، أما أحدث الأدوية التى تم إقرارها فهو التاكلانزا، وتتراوح نسبة الشفاء فيه بين 98% و100% وسعره يصل إلى 2000 جنيه، وأشار إلى أن أدوية علاج فيروس «سى» لا يتم استيرادها من الخارج إلا بعد تجريبها فى الدول المصنعة والحصول على موافقة هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية ولا يتم تجريبها على المصريين إلا بعد أن تثبت فاعليتها، وحمل الدكتور مؤنس بشرى للمصريين، مشيراً إلى أنه بحلول عام 2020 ستكون مصر خالية من فيروس «سى».