أقر البرلمان الجديد وبالرغم من اتفاق كل القوى السياسية والائتلافات داخل البرلمان على تمرير القوانين فى فترة ال15 يوما للخروج من أزمة المادة 156 من الدستور، إلا أنه وعلي عكس المتوقع ظهر وعى حقيقي لدى النواب عندما رفضوا قانون الثروة المعدنية غير المعروف لدي كافة المواطنين أو عدم تناوله إعلاميا بخلاف قانون الخدمة المدنية، وهو ما يدل علي ان عدداً كبيراً من النواب يقرأ القوانين، ويدرسها بعناية ويبدى رأيه فيها وفقا للعقل والمنطق، لا وفقا لمبدأ تمرير القوانين وإعادة مناقشتها للخروج من المأزق الدستوري فحسب. هذا ما أكده تقرير حقوقي حول تقييم أداء البرلمان منذ فترة انعقاده حتى صدور التقرير. كان رفض النواب لقانون الخدمة المدنية تلبية حقيقية لنداء الناخبين، وهو ما ظهر من خلال تمسك عدد كبير منهم برفضه رغم المحاولات الكثيرة من الحكومة، بتمريره تجنبا لما سيترتب علي رفضه من آثار تنهك الحكومة وهو ما يؤكد عليه التقرير بأن المجلس يتواصل مع نبض الجماهير علي عكس ما كان في الآونة السابقة. وقال التقرير الحقوقي الصادر عن «ماعت» إنه علي الرغم من تمرير قانون تحصين عقود الدولة، إلا أن 134 نائبا رفضوا هذا القانون، وامتنع 13 عن التصويت وهو ما أدي إلي إحالة ملاحظات أعضاء مجلس النواب إلى اللجنة المختصة بمراجعة القرارات بقوانين لمناقشتها مرة أخري وتعديلها بما يتوافق مع رؤية المجلس. وشهد القانون أعلى نسبة رفض مقارنة بكل القوانين التي مررها البرلمان منذ انعقاده، حيث رفض 134 نائباً، وامتنع 13 نائبًا عن التصويت فيما وافق 328 نائبًا بنسبة 69.5%، ورفض عدد من الأعضاء تمرير هذا القانون لعدم وجود أغلبية كبيرة للموافقة عليه، الا ان رئيس المجلس وطبقا للقانون مرر القانون لاحتياجه الي أغلبية وعدم اشتراط المشرع موافقة ثلثي الأعضاء. وذكر التقرير أنه يصعب حتي الآن تقييم أداء النواب تقييما دقيقا فى الفترة الماضية أو الحكم عليه، خاصة فى ظل مناقشة البرلمان قرارات بقوانين تحتاج إلى التمرير أكثر من المناقشة. كما أن جلسات اللجان أثناء مناقشة القوانين شهدت ثراء كبيرا وبينت ان هناك عددا من النواب قرأوا واستعدوا جيدا وهناك نواب آخرون لم يستعدوا بالشكل الأمثل في حين يوجد ما يقرب من 120 نائباً غير فعال. وأكد التقرير أن المجلس يحتاج خلال الفترة القادمة إلي بعض التعديلات سواء على مستوى إعطاء الكلمة التى نري ان طلبها قبل الجلسة ب24 ساعة غير ملائم لمناقشة القوانين. فضلا عن ضرورة توزيع القرارات أو القوانين المقرر مناقشتها على الأعضاء قبلها ب48 ساعة على الأقل وليس فى نفس الجلسة كما يحدث، إضافة لضرورة وضع برنامج مسبق للجلسات. وأشار التقرير إلي أنه علي الرغم من الاداء الجيد، إلا ان هناك بعض الأمور السلبية التي يجب علي المجلس تداركها في الفترة القادمة حيث لا توجد أي جلسة حدث فيها أزمة تؤكد أن قرار منع البث التليفزيوني كان مناسبا لطبيعة المرحلة في ظل ضعف الأداء الإداري للنواب حيث ظهر المجلس في بعض الأوقات بشكل فوضوي فمثلا عند قيام أحد النواب باعلان رفضه قانونًا يروق لرئيس المجلس الدكتور علي عبد العال، تم طرده من القاعة وهو النائب أحمد طنطاوي، بخلاف المشادة التي حدثت بين رئيس المجلس والوكيل سليمان وهدان بسبب طلب الوكيل الكلمة لزميله النائب المستشار سري صيام. وتوقع التقرير أن تحدث وقائع شد وجذب بين النواب وبعضهم البعض، خصوصًا في ظل مناقشات حول قوانين وأمور عديدة، وتباين آراء النواب الذين يصل عددهم إلي 596 نائبًا، مطالبا بمرور الوقت وانعقاد المزيد من جلسات البرلمان لانتظام أداء النواب وتنظيم مناقشاتهم، وأن حدوث أزمات داخل اللجان أمر طبيعي ويجب علي النواب تقبل الرأي والرأي الآخر، وعدم الاحتجاج على آراء زملائهم، لأنها تصب في النهاية في صالح المواطنين الذين تقوم المناقشات من أجلهم، و يتعين على رئيس المجلس دعوة النواب إلى الالتزام بقواعد المناقشات داخل الجلسات، وعدم الإخلال بنظام الجلسة تحت أي ظرف، كي لا تخرج جلسات البرلمان بصورة سيئة تسيء لمصر في النهاية. وذكر التقرير أنه في الأيام القليلة السابقة وجدت بعض السلبيات داخل البرلمان، منها ترك بعض النواب بطاقات التصويت لزميل آخر ليقوم بدوره بالتصويت نيابة عنهم، وهو خطأ يجب ألا يكرر داخل حرم البرلمان المصري. وكانت السلبية الأخري هي قيام بعض النواب بترك قاعة المجلس أثناء التصويت لاستخراج بطاقات الهوية التي تحمل في الوظيفة «عضو مجلس النواب». وانتهى التقرير إلي أن الفترة التي مضت لا نستطيع من خلالها التقييم الفعلي لأداء البرلمان فهي لم تخرج عن كونها فترة لإقرار بعض القوانين التي صدرت في غياب جهة التشريع الحقيقية وجلسات اجرائية لذا نعتقد انه يجب علينا التريث في الحكم والتقييم مطالبين البرلمانيين برفع قدراتهم المهارية في استخدام الأدوات التي خولها لهم الدستور والقانون واللائحة الداخلية للمجلس في الدفاع عن المواطنين.