أبنائى وبناتى.. إنني أتقاسم معكم الأمل وأنظر في عيونكم اللامعة، فأزداد فخراً وتعتريني قوة لا يدركها إلا الله.. فكيف للمرء أن يقود أمة وينال شرف الوقوف في صدارة صفها دون أن تلهمه وتدعمه لمعة العيون الصادقة ولهفة الأرواح. كانت هذه بعضاً من كلمات خاطب بها الرئيس عبدالفتاح السيسي شباب مصر خلال كلمته التي ألقاها في مستهل الأسبوع الماضى في احتفالية يوم الشباب المصرى، والتي أطلق خلالها مشروع البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة تلك المبادرة التي تسعى لبناء العقل العلمى المصرى وتمكين الشباب من التعلم لإنشاء قاعدة ثمينة من الكفاءات الشابة التي تستطيع ممارسة العمل العام والمشاركة في صنع القرار بتطبيق أحدث نظريات الإدارة والتخطيط العلمى بأساليب حديثة وكفاءة عالية. إبراهيم عمارة، أحد الشباب الذين تم اختيارهم ضمن هذا المشروع.. ليتأكد للجميع أن ذوى الاحتياجات الخاصة شركاء فاعلون في كل خطوة علي طريق تقدم هذا البلد.. فهو وأكثر من شاب من ذوى الإعاقة حرص الرئيس والمسئولون عن المبادرة أن يكونوا ضمن 500 شاب تم اختيارهم كمرحلة أولى ضمن مشروع البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة. إبراهيم عمارة المدرس المساعد بكلية الآداب جامعة طنطا قسم الإعلام لم يقف عند إعاقته وكف بصره، بل كان ومازال ناشطاً في كل مجالات العمل والمعرفة ومدافعاً عن حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة، كما أنه مدرب للكمبيوتر بمركز المكفوفين بجامعة طنطا. وكان معه هذا الحوار: كيف التحقت بمشروع تدريب الشباب على القيادة؟ - أدخلت البيانات الخاصة بي علي الموقع الإلكترونى الخاص بالمشروع PLP بمساعدة زميل لي وكلها بيانات خاصة بي وبمؤهلي العلمى. وماذا كان هدفك من وراء التحاقك بالمشروع؟ - تنمية مهاراتي وإصقال خبراتى في مجال القيادة فبداخلى رغبة كبري لخدمة المجتمع وأسعى لأن أصل لفكرة الدمج بشكل فعلى وأثبت أن ذوي الإعاقة يتمتعون بالقدرة على العمل والإنجاز والمثابرة والعطاء وتحقيق النجاح، كما أن أحد أهدافى في المستقبل أن أكون ضمن الجهاز الإدارى وأحد القيادات الإدارية والتنفيذية بالدولة. وعندما أعلن الرئيس عن المشروع أكد أنه سيتابع البرنامج بنفسه، مؤكداً أن الشباب ستكون لهم مقاعد متقدمة في دوائر صنع القرار وأنا شخصياً مؤمن بأن هذا المشروع سيكون بمثابة بنك للقيادات يوفر فرصة لصناع القرار لاختيار القيادات في مختلف المؤسسات وفقاً لعدة معايير بعيداً عن ثقافة «أهل الثقة» والأقدم. تعني بذلك أننا نعاني في اختيار القيادات والمديرين بالمؤسسات؟ - بالطبع لا توجد معايير تضمن التأهيل لتولى قيادات أو إدارة وليس لدينا ثقافة «التأهيل الإدارى». حتي علي مستوي ذوي الاحتياجات الخاصة نري العجب، فهناك من يتولون مواقع في هذه القضية ليسوا مؤهلين وليسوا من ذوي الإعاقة وغير ملمين بإبعاد ما يعملون فيه. هل تعتقد أن هذا المشروع سيغير من واقع الشباب في مصر؟ - الشباب في بلدنا ظلوا لفترات طويلة بعيدين عن المشهد ومهمشين، بل ومستبعدين من المناصب العليا والقيادية بالدولة، وحتى لو جىء بالقليل منهم يكون ذلك من قبيل الديكور أو المسكنات تجنباً لغضبهم، إنما الوضع الآن تغير وأعتقد أن المجالات ستفتح أمام الشباب لتولى المناصب والمواقع المسئولة عن تأهيل حقيقي. تم الإعلان عن تدريب حوالى 2500 شاب وفتاة خلال أول عام عبر 10 دورات علي أن تكون مدة الدورة 18 شهراً على أن يزيد عدد الدورات لتصل إلى 12 دورة سنوياً.. كما تم توسيع الفئات المشاركة لتشمل المؤهلات فوق المتوسطة بجانب المؤهلات العليا لاكتشاف العديد من الابتكارات والأبحاث التي قدمها طلاب المعاهد.. والسؤال: هل تعتقد أن تأهيل الشباب للقيادة له بعد يتعلق بأنماط التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا فى مؤسسات التعليم. - نحن لدينا ثروة حقيقية في الشباب ولكن هناك مشكلة في أسلوب المؤسسة التعليمية بداية من ثقافة الانتخابات داخل الفصل. فرائد الفصل هو الشخص الذي يكتب أسماء زملائه علي السبورة، ولدينا مشكلة في المقررات الدراسية بالمدارس والكليات حتي تلك التي تدرس الإدارة نفسها تعطي علوماً نظرية وقشوراً وسطحيات، بينما تحتاج الإدارة إلي معارف ومهارات وسلوكيات، فضلاً عن غياب القدوة لدي الشباب لفترة طويلة.. فلا يوجد برنامج حتى في البيوت، هناك نماذج من الآباء لا يعرفون أسس إدارة بيوتهم وتربية أبنائهم. حسن السير والسلوك وعدم اتهامهم بجرائم مخلة بالشرف من الشروط التي تم اختيار الشباب المشاركين بالمشروع علي أساسها.. فما هي من وجهة نظرك الشخصية المؤهلة للإدارة والقيادة في أي موقع؟ - بوجه عام الشخصية القيادية والإدارية الناجحة لابد أن يعرف كيف يفعل ذلك، فالقيادة تحتاج إلى معرفة، فهي علم وله أسس مدروسة بعيدة عن المصالح الشخصية، كذلك إنكار الذات والتواضع، فالقائد والمدير بشكل عام لابد أن يتحدث عن فريق ولديه مهارة العمل في فريق ولا يتحدث كفرد، ثالثاً أن تتوافر لديه القدرة علي التخطيط للمستقبل، فلا يتعامل فقط بأسلوب رد الفعل ولكن يأخذ بزمام المبادرة ويري المستقبل ويخطط له وأن تكون لديه فكرة التطوير وتتوافر لديه القدرة على التطوير ولا يقف عند نقطة وصل إليها. ومن المهم جداً أن يحترم فكرة التقييم والمحاسبة ويعمل بها ليس من باب جلد الذات ولكن لمعرفة مواطن القوة وتعظيمها ومواطن الضعف ويتغلب عليها. اختيار أكثر من شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في المجموعة الأولى لمشروع إعداد الشباب للقيادة.. كيف تراه؟ - الرئيس يقدر ويحترم ذوي الاحتياجات الخاصة وكل خطواته داعمة لفكرة الدمج الذي نحتاجه علي جميع المستويات وهذا حق ذوي الإعاقة فهم بالفعل قادرون علي القيادة والإدارة إذا أتيحت لهم الفرصة. طه حسين نموذج لذلك فلقد شغل منصب وزير المعارف ولم تتكرر بعدها؟ - للأسف التاريخ المصرى وثقافة المصريين يقدمون طه حسين كنموذج نادر ومتفرد.. لكن الصحيح أن هناك الآلاف مثل طه حسين لكن لم تتح لهم الفرصة. هناك أعداد كبيرة من ذوى الاحتياجات إذا أتيحت لهم فرص عادلة ومتكافئة سيكون لهم دور فاعل في المراكز القيادية.. وللحقيقة أن أصحاب القضية لهم ذراع في هذه الأزمة فبعضهم لا يؤمن بقدراته وبعضهم يقدم نفسه بشكل يهين قضية ذوي الإعاقة، وهناك من يستفيد من ذلك والمسألة أنك لو عززت نفسك وقدرت «قدراتك وإمكاناتك» سيعززك المجتمع ويقدرك وهذه القضية تحتاج إلي توعية المجتمع نفسه فلابد أن تلعب كل المؤسسات دورها في هذه المسألة سواء أجهزة الإعلام أو المؤسسات التعليمية حتي الخطاب الديني لابد أن يصحح صورة ذوي الإعاقة. ومن المناسب جداً أن يكون هناك مستشارون علي أعلي مستوي من ذوي الإعاقة يتحدثون عن مشكلاتهم ويعبرون عنها بصدق. ما الخطوة التي لابد أن تكتمل بها فاعلية إعداد الشباب للقيادة؟ - لابد أن يكون في برامج التدريب ما هو عملي وتتاح فرص الاحتكاك بينهم وبين المشكلات كنوع من التدريب العملي لتكون الفرصة أوسع للتعليم بالمعايشة عن طريق التطبيقات العملية ولو بشكل غير رسمى.. أي يتولي الشباب بالفعل إدارات وقيادات وفيم يخص ذوي الإعاقة أكد إبراهيم عمارة ضرورة توافر أساليب التدريب الملائمة لذوي الاحتياجات الخاصة كلغة الإشارة للصم والمحتوي التدريبى بطريقة برايل للمكفوفين وبالطبع توفير أبعاد المساحة والتأهيل. سألت إبراهيم عمارة عن عمله كمدرس مساعد بجامعة طنطا وهل يعتبر من دعائم طموحه القيادى فقال: بالطبع في عملي لا أشعر أن لدي أى إصابات أو إعاقات، فالفكرة أن نتعامل مع مفهوم الإفادة العملية والعلمية والمعلوماتية، فالمتلقى ليست لديه مشكلة أو علاقة بمشكلة لدى وهذه رسالة إلي المجتمع لا تحاسبوا إنساناً علي ظروفه وإنما مدى النفع الذي يحققه للمجتمع. وعلي المجتمع أن يتعامل مع الشخصية علي هذا الأساس قدراته ونفعه وإنتاجه وما يحققه من إفادة لمجتمعه والأشخاص من حوله. وفي هذه القضية يصبح من حق كل إنسان أن يحصل علي فرصة ليثبت كفاءته وقدرته علي الإنجاز والعطاء.. والتميز أيضاً.