أثار حكم محكمة جنح مستأنف مصر القديمة بجنوب القاهرة، أمس الاثنين، بحبس الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إسلام بحيرى، ومقدم برنامج "مع إسلام" على فضائية القاهرة والناس، لمدة عام لاتهامه بازدراء الإسلام، الجدل الشديد والاستنكار من جانب بعض الكتاب والمفكرين والإسلاميون. وأكد الخبراء، في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، أنه هذا الحكم ضد حرية الرآى والتفكير والتعبير الذي ينص عليه الدستور المصري، على حرية الرآى والتعبير، معتبرين أن مواجهة ما يطرحه إسلام البحيري بالسجن، ليس هو الحل، ولكن بأن يتم لرد على الفكر بالفكر والحجة بالبرهان. أعربت فريدة الشوباشي، الكاتبة والصحفية، عن استيائها من قرار الحكم بحبس إسلام البحيري، ووصفته بالأمر المحزن، وأنه بمثابة انتكاسة للفكر وانتصار لأصحاب تكميم الأفواه والجمود، مشيرة إلى أنه لم يفعل يستحق السجن عليه، سوى أنه فكر. وأكدت الشوباشي أن الحبس والقمع والترويع في مواجهة الفكر، هو أضعف حجة، مستشهدة بمقولة الفيلسوف الفرنسي ديكارت "أنا أشك إذا انا موجود"، وهو ما فعله البحيري حين شكك في بعض ما نقله البخاري في أحاديثه. وتابعت الشوباشي، أنه لا يمكن أن نحقق التقدم المنشود، بأخذ الأشياء كملسمات دون أن يحدث الشك فيها من أجل فلترتها، معتبرة أن إسلام البحيري لم يشكك لا في القرءان ولم يسيء للرسول، لكى يتم اتهامه بإزدراء الدين الإسلامي. وأوضحت الشوباشي أن مواجهة ما يطرحه إسلام البحيري بالسجن، ليس هو الحل، ولكن بمواجهة الفكر بالفكر والرد عليه، وأن تكون الحجة في مقابل الحجة، وهو ما لم يحدث. وعلق سامح عيد، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، على هذا الأمر بأنه حكم قضائي في النهاية، لكنه مخالف للدستور، الذي نص على حرية الرآى والفكر. وأوضح عيد أن قضايا الرأى من المفترض ألا يتم السجن على خلفيتها، مشيرًا إلى أن إسلام البحيري لم ينكر إسلامه أو يتطاول عليه كى يتم اتهامه بإزدراء الدين، ولكنه انتقد بعض الكتب الواردة عن رجال دين في عصور سابقة مثل ابن القيم والبخاري،وربما كانت انتقاداته لاذعه بعض الشيء. وأكد عيد تحفظه على حبس البحيري، مشيرًا إلى أن متفق مع مضمون ما ذكره والذي يحتوي على محاربة الفكر الإرهابي، ولكنه يختلف معه في الأسلوب الذي اتبعه في عرض وجهة نظره ورأيه. ودعا عيد إلى تشكيل لجنة، من كبار المفكرين والفلاسفة، للتحقيق في القضايا المتعلقة بإزدراء الأديان، وتكون مساندة للقضاء في عمله، لوضع معايير محددة لتوجيه مثل هذا الاتهام، بدلا من أن تكون الكلمات فضفاضة مثل اثارة الفتنة، على أن يكون رأيها ملزم للمحكمة. وأشار عيد إلى أن حبس البحيري، يضر بما ننادى به من تجديد الخطاب الديني، فلا يمكن أن يتم مواجهة الكتاب والمفكرين بهذه الطريقة، مؤكدًا إذا استمر الوضع بهذا الشكل فإننا سنكون أضعف من أن نواجه الإرهاب. وذكر هشام النجار، المتخصص في الشأن الإسلامي، أن أحكام القضاء لا تعليق عليه، مشيرًا إلى أن مثل هذه القضايا ليس مكانها ساحة القضاء، لأنها مسألة فكرية، وبالتالى فمكانها الطبيعي، هى ساحات الفكر والمناقشة. وأكد النجار أنه من الضروري مواجهة الفكر بالفكر، وأن تدار هذه المسائل بالحوار، وليس بحبس المختلف معنا في الرآى، مشيرًا إلى أن تجديد الخطاب الدينى لا يتم بالطعن في الثوابت، وهدم التراث كلية، وإن كان هناك بعض الامور في التراث التى تحتاج إلى تنقية وفلترة.