تشن عدة حملات استباقية إعلامية لمنع وضع نظام عام، ينظم حركة المجتمع، ويحدد مسئولية الدولة، ويعرف حدود ممارسة الحرية، بما لا يضر المصلحة العامة لعامة الناس. فهناك حملة مستمرة لمنع أي تنظيم لحرية الإعلام، والمطلوب تنظيم حرية الإعلام، في أمرين أساسين، الأول هو نشر الأخبار الكاذبة والشائعات، والثاني هو السب والقذف والتشهير. فحرية الإعلام مطلب مجتمعي أساسي، وشرط ضروري لحماية التحول الديمقراطي، وتحقق مطالب الثورة؛ ولكن الحرية ليس معناها السب والقذف ونشر أخبار كاذبة. لذا فالمطلوب تنظيم حرية الإعلام، حتى تتحمل وسائل الإعلام مسئوليتها الاجتماعية، وتمتنع عن السب والقذف ونشر الأخبار الكاذبة والشائعات. كما أن حرية التظاهر والاحتجاج والاعتصام، تعتبر من أهم منجزات ثورة يناير، لذا فالحفاظ عليها ضرورة أساسية لحماية مسار الثورة، وحماية التحول الديمقراطي؛ ولكن تلك الحرية لا تشمل حرية قطع الطرق وتعطيل مصالح الناس، وعقاب المواطن العادي. فليس من حق من له مطلب يراه عادلا، أن يعرقل مصالح المواطنين، ويعاقب المواطن العادي، حتى تستجيب الدولة له. وقطع الطرق يمس ليس فقط مصالح المواطنين، بل يمس أيضا هيبة القانون. ومع هذا نجد من يحاول حماية تلك الممارسات، ومنع الدولة من التصدي لظاهرة قطع الطرق. فإذا تركت وسائل الإعلام تنشر أخبارا كاذبة، وتتعدى على كرامة الناس، وتركت ظاهرة قطع الطرق، وغيرها من الممارسات التي تضر مصالح الناس، فهذا سيؤدي إلى نشر حالة من الفوضى، التي تؤثر على الحالة العامة للناس، مما يؤدي ضمنا إلى تزايد حالة الاحباط. فنشر الفوضى يمنع احراز أي تقدم، ويمنع تحقيق التغيير والإصلاح المنشود، كما أنه يؤثر سلبا على عامة الناس، ويؤدي إلى نشر حالة من التوتر والقلق تجاه المستقبل. وإذا كان البعض يخشى من تنظيم الحريات، حتى لا تعود القيود مرة أخرى، فإن هذا يتطلب حماية الحقوق والحريات، دون حماية السلوك الذي يتجاوز القانون، ويتعدى على حقوق الآخرين، لأن حماية التعدي على حقوق الآخرين، يجعل عامة الناس تأخذ موقفا سلبيا من تلك الممارسات، بل ويجعلهم رافضين لممارسة تلك الحريات التي تضر بمصالحهم. وهو ما يجعل الرأي العام يطالب بإجراءات متشددة من الدولة، ويشعر بأن التحول الديمقراطي يؤدي إلى الفوضى. وكأن البعض يروج لدولة الاستبداد، عن قصد أو غير قصد. ولكن يبدو أن هناك من يريد بالفعل نشر الفوضى، وربط الثورة بالفوضى، وأيضا ربط التحول الديمقراطي بالفوضى، حتى يتقبل عامة الناس نظاما مقيدا، مما يسمح بعودة رجال النظام السابق إلى الحياة السياسية، وكأنهم الطرف الوحيد القادر على التصدي للفوضى. وهو ما يتطلب من الرئاسة والحكومة، حملة إعلامية مضادة، تحدد كيفية الحفاظ على كل الحريات والحقوق من خلال تشريعات تحمي الحرية وتمنع الفوضى، وتمنع التعدي على حقوق الآخرين. حتى يمكن تحقيق أقصى قدر من الحرية، واستعادة هيبة القانون في آن واحد، تحقيقا للمصلحة العامة، وحماية لحقوق ومصالح المواطنين.