للمهندس خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، والممسك بضراوة بمفاتيح كل ملفاتها المهمة والمحورية من أول مشروع النهضة وصولا للتعاقد مع مذيعي فضائية الجماعة " مصر 25"، خطاب شهير في أحد اللقاءات الإخوانية يدعو بحدة ولوم وربما تهديد إلى عدم التضخيم في الحديث عن دور " كلية طب قصر العيني" في التأسيس الثاني لجماعة الإخوان المسلمين ، وهو الدور الذي تجمع عليه وثائق التاريخ وشهادات صناعه بمن فيهم رجال الأمن الذين تعاملوا مع ملف الجماعة وقت تأسيسها الثاني في سبعينيات القرن الماضي ومن أبرزهم اللواء الرهيب فؤاد علام المتهم من الجماعة بقتل الشهيد كمال السنانيري زوج شقيقة الشهيد سيد قطب. الشاطر خريج هندسة المنصورة أواخر الستينيات شدد على عدم التضخيم من دور طب قصر العيني في السبعينيات بينما تقارير الأمن والإعلام تؤكد أن ثلاثة من أبناء تلك الكلية اضطلعوا بدور ضخم في بناء قواعد شبابية للجماعة بعدما خرج شيوخها من السجون تباعا بدءأ من العام 1972 ، ومن أبرز هؤلاء : عبد المنعم أبو الفتوح، عصام العريان، و حلمي الجزار. مضت الأيام وانشق أبو الفتوح حاملا أفكاره الإصلاحية وذاب الجزار في التنظيم وصار من أبرز رجاله في الحياة العامة الآن، فيما ظل العريان رقما مهما تحيطه دوائر من التساؤل والحاجة لتفسير تحولاته داخل الإخوان، وظل رمزا لما تؤكد الأطراف المختلفة داخل وخارج الجماعة أن الشاطر يتحفظ تجاهه أو يكرهه أحيانا! طوال الثلاثين عاما الماضية عرف العريان بأنه يتبنى نفس الطرح الإصلاحي الذي يتبناه أبو الفتوح غير أن العريان دائما ما تحايل لتفادي غضب صقور الجماعة الذي احترف أبو الفتوح الاشتباك معه ، عبر الانسحاب في اللحظات الأخيرة لكل صراع وهو ما كان يعني انتصار الشاطر الذي صار منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي الرجل القوي داخل تنظيم الإخوان وخازن كل أسراره. في 2005 ومع اشتعال الحراك السياسي في مصر ، والذي كان مساره يؤجج السؤال الشهير " أين الإخوان" ، وبينما بدأ أبو الفتوح خوض أشرس معاركه مع صقور الإخوان كان العريان بعيدا عن البؤرة المباشرة للصراع منشغلا بالحوارات الصحفية والإعلامية تاركا تساؤلا آخر ينمو: متى يدخل الدكتور عصام مكتب الإرشاد. الأخبار الوافدة من مكتب الإرشاد وقتها كانت تؤكد أن المكتب بالكاد يتحمل إزعاج إصلاحي واحد مشاغب هو أبو الفتوح لذا كان حلم دخول العريان شبه مستحيل. في العام 2009 آن الأوان لاتضاح النوايا فيما يتعلق بعصام العريان ودخوله مكتب الإرشاد، توفي عضو المكتب الراحل محمد هلال وكان لابد من خلافته ، أصر كل من الأستاذ مهدي عاطف مرشد الجماعة السابق على تصعيد العريان لكن أغلب أعضاء المكتب رفضوا بشدة بحجة قرب انتخابات الجماعة " يناير 2010 " ومن ثم فلا داعي لتصعيد العريان ومن حقه الترشح في الموعد الطبيعي للانتخابات، بالفعل لم يصعد العريان لكن اللافت وقتها كان موقفه ، فقد التزم الرجل الصمت ولم يتفاعل مع أسئلة الصحفيين ، وفي الانتخابات التالية لمكتب الإرشاد خرج آخر إصلاحي وسند للعريان وغيره : د.محمد حبيب، تلك الانتخابات التى أدارها خيرت الشاطر من محبسه في سجن مزرعة طرة! بعد الانتخابات عكف الدكتور عصام العريان على كتابة المقالات للصحف ومواقع الجماعة الإليكترونية والمواقع الصديقة مثل إسلام اون لاين الذي شهد معركة مثلت جولة أخرى في اختبار مدى تمسك الدكتور عصام العريان بأفكاره الإصلاحية في مواجهة حديدية قبضة الشاطر. ففي فبراير 2010 كتب الدكتور عصام العريان سلسلة مقالات حول الإصلاحات المطلوب إجراؤها في هيكل وفكر الإخوان، لم تمر المقالات بهدوء فقد أثارت حفيظة صقور الإخوان الذين نقلوا للعريان غضبهم من مضمونها فما كان من الرجل إلا أن كتب مقالات أخرى تلاطف الجماعة وتجاملها ! الآن عاد الدكتور عصام العريان وصديقه اللدود المهندس خيرت الشاطر ليكونا بطلي معركة جديدة هادئة ومكتومة حول خلافة العريان للدكتور محمد مرسي في رئاسة حزب " الحرية والعدالة" ، إذ تؤكد الأنباء الواردة من مكتب الإرشاد أن المهندس خيرت الشاطر يقف بقوة ضد تولى العريان منصب رئيس حزب الجماعة، وأن الشاطر هو من يدفع بقوة في اتجاه تولي الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المنحل هذا الموقع. وتعد هذه المعركة محكا جديدا يرى كثير من المرقبين أنه غالبا سيحسم بنفس الآلية : انتصار الشاطر.