التقى الرئيسان باراك أوباما وفلاديمير بوتين في يونيو في قمة "العشرين" في المكسيك. لكنهما فشلا في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا السياسية الرئيسية. بعد اجتماع استمر لمدة ساعة، ظهر زعيما الولاياتالمتحدة والاتحاد الروسي بشكل علني مبديين برودة وتنافرا. كل من أوباما وبوتين يمتلكان رؤية مختلفة جذريا تجاه العالم والقضايا الدولية الكبرى. من الناحية التكتيكية، أوباما، المشغول بإعادة انتخابه، يؤكد أن تحسين العلاقات مع روسيا هو من أكبر إنجازاته الشخصية . بوتين يسعى في الظروف الجديدة لإعادة روسيا لموقع "القوة الكبرى" الثانية التي لا يمكن الاستغناء عنها، والقادرة على تحقيق التوازن مع الولاياتالمتحدة في القضايا العالمية. القضية الرئيسة التي نوقشت في هذا الاجتماع لم تكن مشكلة منظومة الدفاع الصاروخي، بل الوضع في سوريا. بالنسبة لبوتين، السياسة السورية هي عنصر أساسي من استراتيجية روسية طويلة المدى. والقضية ليست حتى في رغبة الكرملين الحد من النفوذ الأمريكي في المنطقة، أوالحفاظ على عقود مبيعات الأسلحة المربحة لسوريا ..إلخ. بالنسبة لبوتين الوضع السوري الحالي - أخطر تحد أمام السياسة الخارجية للدولة الروسية بأكملها. هل تستطيع موسكو الدفاع عن حلفائها المحتملين؟ هل يمكنهم الاعتماد عليها؟ – هذا أهم جانب من جوانب العلاقات بين روسيا البوتينية وحلفائها في رابطة الدول المستقلة، ومنظمة شانغهاى للتعاون، ومستقبل الاتحاد الأوروآسيوي، وخاصة مع بلدان آسيا الوسطى. سياسة موسكو في سوريا تراقب عن كثب في كل من الصين وإيران وباكستان والهند والعديد من دول أميركا اللاتينية. سوريا – حاليا ساحة مجابهة مباشرة بين روسيا وأمريكا في نزاع اقليمي. إن صمدت موسكو فإن قدرتها الائتلافية الخارجية، بالطبع، ستتعزز. في يونيو كذلك بينت موسكو بشكل واضح لحلف الناتو أن أي تدخل عسكري في سوريا دون تفويض من الأممالمتحدة سيعد بمثابة casus belli (سببا للحرب).وكي تؤكد على جدية أقوالها، أجرت قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية سلسلة تجارب إطلاق صواريخ باليستسة بعيدة المدى، من ضمنها صاروخ توبول من قاعدة أستراخان (على ضفاف بحر قزوين) وصاروخ بولافا من غواصة في كامنة في أعماق البحر الأبيض المتوسط (شوهد بوضوح كخط ناري في سماء الشرق الأوسط). اذا كانت سوريا – واحدة من العوامل المزعزعة للعلاقات الأمريكية الروسية، فإن إيران - هي مثال رقم 2. على الرغم من محاولات إدارة أوباما وقف البرنامج النووي الإيراني، فقد فشل الرئيس الأمريكي في الحصول على دعم روسيا -ولو على المستوى اللفظي - ضد طموحات إيران النووية. موسكو تعارض بشدة استخدام القوة العسكرية ضد إيران. بالنسبة لبوتين، غير مقبول على الإطلاق ما تقوم به من واشنطن من دعم علني للمعارضة الداخلية في روسيا. وعلاوة على ذلك، تسعى النخبة الأمريكية إلى إضفاء الشرعية على تقديمها الدعم لأنصارها معارضي بوتين في روسيا. قانون ماغنيتسكي الذي اعتمده الكونغرس الأمريكي ليس فقط يخول حكومة الولاياتالمتحدة حق اتخاذ إجراءات ضد الأشخاص المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، بل ويضفي الشرعية على التدخل المستمر في الشؤون الداخلية الروسية كذلك. ومع ذلك، في لوس كابوس في المكسيك، فضل أوباما عدم انتقاد أوضاع حقوق الإنسان في روسيا، في محاولة للحصول على اتفاق الحد من الأسلحة النووية الأمريكية والروسية. معظم المحللين في روسياوالولاياتالمتحدة يذهبون إلى أن العلاقات الروسية الأمريكية حاليا بدأت تتجه تدريجيا نحو الحرب الباردة.