تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات الحقوق المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    بالصور.. افتتاح مقر حزب الجبهة الوطنية بالقاهرة الجديدة    رئيس جامعة المنيا يتفقد قيد الطلاب الجدد بالجامعة الأهلية    متحدث الزراعة يكشف فوائد مشروع "البتلو" لخفض أسعار اللحوم    لربط التعليم بالصناعة.. تعاون بين "فنون بنها" و"صناع الأثاث" (صور)    الدقهلية.. غلق مطعم شهير بالمنصورة بسبب مخالفة الاشتراطات الصحية    الرئيس اللبناني يجدد رفض بلاده توطين الفلسطينيين في لبنان    سوريا.. مقتل انتحاري إثر تفجير حزام ناسف في حلب    منتخب ألمانيا يتوج بلقب مونديال الشباب لكرة اليد بعد الفوز على إسبانيا في النهائي    كهربا يقترب من العودة للدوري المصري.. الغندور يكشف التفاصيل    تقارير: ليفربول يوافق على رحيل كوناتي إلى ريال مدريد    "خنقتها بحتة قماش عشان شاكك فيها".. ليلة مقتل ربة منزل على يد زوجها في عين شمس    تامر أمين: حادث سيارة الفتيات بالواحات يكشف عن أزمة أخلاقية عميقة في المجتمع    إنقاذ سيدة حاولت إلقاء نفسها أمام القطار بمحطة مترو الدقى    بحضور نجوم الفن.. 18 صورة من عزاء تيمور تيمور    طموح ونرجسي.. مميزات وعيوب برج الجدي    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    أمينة الفتوى توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    تقديم 4 ملايين خدمة صحية مجانية بالإسكندرية ضمن «100 يوم صحة» (صور)    حلوى المولد النبوي.. طريقة عمل النوجا في المنزل بسهولة    مصور واقعة "مطاردة فتيات الواحات" يكشف كواليس لم ترصدها كاميرا هاتفه    الهباش: قرار وقف الحرب بيد الإدارة الأمريكية وإسرائيل تهدد استقرار المنطقة    4 ملايين خدمة صحية مجانية لأهالى الإسكندرية ضمن حملة 100 يوم صحة    صور | «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف بالأردن في مجالات الزراعة    الرئيس.. من «جمهورية الخوف» إلى «وطن الاستقرار»    وزيرا خارجية السعودية والإمارات يبحثان هاتفيا المستجدات الإقليمية    تحصين 41.829 من رؤوس الماشية ضد الحمى القلاعية بالإسماعيلية    بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم الأحد 17-8-2025 وعيار 21 الآن في الصاغة    إغلاق 8 مراكز غير مرخصة لعلاج الإدمان والطب النفسي بالجيزة (تفاصيل)    جولات تفقدية لرئيس مياه الشرب والصرف بأسوان لمتابعة المحطات والروافع في ظل ارتفاع الحرارة    عبد اللطيف منيع يعود للقاهرة بعد معسكر مكثف بالصين استعدادًا لبطولة العالم المقبلة    «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر أغسطس 2025    التشكيل الرسمي لمواجهة تشيلسي وكريستال بالاس في الدوري الإنجليزي    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    توجيهات حاسمة من السيسي لوزيري الداخلية والاتصالات    الثقافة تعلن إطلاق المؤتمر الوطني حول الذكاء الاصطناعي والإبداع    وزير السياحة: ضوابط جديدة للمكاتب الصحية بالفنادق.. وافتتاح تاريخي للمتحف المصري الكبير نوفمبر المقبل    رجيم صحي سريع لإنقاص الوزن 10 كيلو في شهر بدون حرمان    اللواء محمد إبراهيم الدويري: أوهام «إسرائيل الكبرى» لن تتحقق وتصريحات نتنياهو تدق ناقوس الخطر عربياً    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    توافد الفنانين وأحباء تيمور تيمور على مسجد المشير طنطاوي لتشييع جثمانه| صور    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    مقتل 3 وإصابة 8 آخرين في إطلاق نار بحي بروكلين بولاية نيويورك الأمريكية    قبل انطلاق الدوري.. الزمالك يدعم صفوفه في الكرة النسائية بعدة صفقات جديدة    مصطفى محمد يتصدر غلاف "ليكيب" قبل مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان    متحدث الأوقاف: 998 قافلة دعوية تستهدف الشباب فى مراكزهم لتصحيح المفاهيم    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امتحان الثورة: الدولة المدنية ام الموقف من الديمقراطية؟
نشر في التغيير يوم 12 - 07 - 2012

أحد أهم أبعاد حركة الثورة العربية أنها تعكس حالة اغتراب عربية واسعة النطاق عن الدولة. ثارت الشعوب العربية، وتثور، من أجل وضع حد لسيطرة الأقليات السياسية والاجتماعية والطائفية، من أجل إطاحة احتكار القلة للسلطة والثروة، من أجل كرامتها المهدورة، داخل بلادها وخارجها، ومن أجل أن تعيد بلادها إلى الموقع الذي تستحقه على مسرح التاريخ. ولكن الشعوب ثارت أيضاً لأنها باتت مثقلة بشعور لا يمكن التحرر منه بأن شئياً ما ليس صواباً في علاقة الدولة بالشعب، وأن هذا الخلل لم يعد ممكناً السكوت عليه. مستقبل الدولة، إذن، هو سؤال هام من أسئلة الثورة العربية، سواء في الدول التي أدت فيها الثورة إلى اقتلاع جهاز الدولة من جذوره، كما هو الحال في ليبيا، وربما سيكون عليه الأمر في سورية، أو الدول التي تنتظر فيها الشعوب عملية إصلاح شاملة وعميقة لجهاز الدولة، كما هو الحال في تونس ومصر.
ولإعادة بناء علاقة الدولة، بما في ذلك موقع ودور وبنية نظام الحكم، بالشعب، لابد أن تنتهي الثورة إلى محطة دستورية، إلى الوثيقة التي أصبحت الأساس الذي تستند إليه الدولة الحديثة، منذ وضع الدستور الأميركي في القرن الثامن عشر، وتعارفت الشعوب على أن الدستور هو الوثيقة المرجعية لاجتماعها السياسي.
بيد أن ما يثير سؤال الدولة في المجال العربي بهذه الحدة لم يكن حدث الثورة وحسب. فلو كانت الثورة ضد الاستبداد وحكم الأقليات هي القوة الدافعة الوحيدة لطرح مسألة الدولة، لاقتصر الجدل على إعادة التوازن الدستوري بين منظومتي الحقوق والواجبات، وإعادة توزيع المسؤوليات بين دوائر الحكم المختلفة، وتعزيز أنظمة الرقابة القضائية والحقوقية. ولكن الجدل، كما تنبىء حالة الانقسام والاستقطاب في دول مثل تونس ومصر وليبيا، وحالة التوجس والترقب الملموسة بين قوى المعارضة السورية، يدور حول الهوية الأولية للدولة، حول ماهيتها من حيث هي التعبير التجريدي الأكثر علواً للاجتماع السياسي.
والسبب خلف هذا الجدل، كما يبدو، يتعلق بأحد أبرز نتائج حركة الثورة العربية: صعود القوى الإسلامية السياسية. ففي أغلب الدول العربية، وحتى اندلاع حركة الثورة، لم يكن ينظر إلى القوى الإسلامية السياسية باعتبارها شريكاً أصيلاً في الحياة السياسية أو بديلاً جاداً للحكم والسلطة. خلال شهور فقط من اندلاع حركة الثورة، انقلبت الخارطة السياسية كلية رأساً على عقب. في بلدان، فازت أحزاب بخلفية إسلامية سياسية بالانتخابات، وأصبحت الشريك الأكبر في نظام الحكم، وفي بلدان أخرى، احتلت مثل هذه الاحزاب موقعاً رئيسياً في الساحة السياسية. ما الذي تريده هذه الأحزاب؟ ما الذي تسعى إلى تحقيقه على صعيد ماهية الدولة وطبيعة الحكم؟
هذه هي الخلفية التي أضفت على جدل الدولة كل هذه الحدة، وأدت إلى ولادة المصطلح العربي الفريد: الدولة المدنية. للوهلة الأولى، توحي الإشارة التوكيدية إلى مدنية الدولة بأنها النقيض للدولة العسكرية، سيما أن السياق العربي التاريخي الحديث شهد سيطرة عسكرية طويلة، سافرة أو مضمرة، على مقدرات الدولة وقرارها. ولكن الحقيقة أن رفض السيطرة العسكرية على الدولة ليس الهدف الرئيسي لابتكار مصطلح الدولة المدنية، وربما لم يكن هدفاً أصلاً. الهدف هو التمايز عن، والتعبير عن المخاوف من، ورفض الدولة الدينية، التي يبدو لدى دوائر عربية متعددة أن شبحها يهدد المستقبل الذي تعد بها حركة الثورة العربية. فأي مصداقية يحملها مصطلح الدولة المدنية؟ وهل ثمة خطر يمثله تصور القوى الإسلامية السياسية للدولة؟
هذه الدولة، التي يدور حولها الجدل، لم تولد في العالم العربي ولا في المجال العربي الإسلامي. ولدت الدولة كما نعرفها اليوم في القارة الأوروبية، وفي أوروبا الغربية على وجه، وتعرف عليها العالم بعد ذلك، إما مختاراً، في سعي الأمم الأخرى لاكتساب القوة والوقوف أمام التحدي الغربي، أو مجبراً، بقوة الإدارات الاستعمارية. تعرف هذه الدولة في أوساط دارسي العلوم الاجتماعية والسياسة والتاريخ بالدولة الحديثة، وعندما يؤخذ التزامن بين ولادة الدولة الحديثة والقوميات في الاعتبار، تعرف باسم الدولة القومية، أو الدولة الأمة. وقد تطورت هذه الدولة في سياق أوروبي غربي أولاً، وفي سياق من متغيرات علاقات التجارة والاقتصاد والسياسة على المستوى العالمي. والدولة الحديثة هي بالتعريف دولة غير دينية، ليس فقط لأن تطورها واكب حركة علمنة شاملة في المجتمعات الأوروبية، وأن ملامحها الأولى تبلورت في أعقاب حروب الثلاثين عاماً ذات الخلفية الدينية (1618 1648)، وحسب، ولكن لأنها أشرت أيضاً إلى أن التراجع الحثيث لدور الكنيسة ورجال الدين، منذ القرن السادس عشر، لم يعد قابلاً للنكوص. لم تكن الدولة الحديثة في البدء دولة ديمقراطية ولا حتى تمثيلية؛ بل أن البدايات الفرنسية والبروسية (الألمانية)، شهدت تعزيزاً لسلطة الملكية الاستبدادية. ولم تكن الدولة الحديثة دائماً دولة غير عسكرية، فمنذ القرن الثامن عشر، أعيد تنظيم الدولة البروسية بصورة شاملة على أساس مركزية الجيش.
منذ الثورة الفرنسية، وخلال القرن التاسع عشر الطويل، تحول قضية الصراع على الدولة من السعي إلى تحريرها من السلطة الدينية وتوكيد سيادتها داخل حدود معترف بها من الدول الأخرى، إلى مسألتي الدستور والحقوق، حقوق المواطنة والتجمع والتنظيم والمعتقد الديني وحرية الاعتراض. والحقيقة، أن فكرة الدستور في البداية لم يقصد بها تقييد مؤسسة الدولة والفصل بين مجال الحكم ومجال المجتمع والمواطنة، بل جعل آلة الدولة أكثر كفاءة، بتحديد سلطات كل من مؤسساتها وعقلنة العلاقة بينها. ولكن المتغيرات الاجتماعية والثقافية الكبرى التي ولدتها حركة التصنيع، من انتشار المؤسسات التعليمية الجماعية، وتضخم المدن، واتساع نطاق الطباعة والنشر، وتحسن وسائل الاتصال، لم يؤد إلى ولادة الفكرة القومية وحسب، بل وعززت من قوة حركات الاحتجاج المطلبية، سواء حركات الحقوق الاجتماعية أو الحقوق السياسية. وربما ما كانت الحركات المطلبية السياسية لتنطلق بدون التطورات الموازية، والفائقة، في إمكانيات الدولة ذاتها وقدرتها على التحكم والسيطرة، التي وفرتها التقنية الحديثة وتطور وسائل الإحصاء وحفظ السجلات وإدارة الشؤون العامة. خلال القرن التاسع عشر، أصبحت هيمنة الدولة واقعاً ملموساً، وثارت بالتالي حركات الاحتجاج المطالبة بالحفاظ على حقوق المجتمع وبمشاركة المواطن الفرد في قرار الدولة. إن شهد القرنان السابع عشر والثامن عشر ولادة فكرة الدولة المركزية، السيدة على شعبها وحدودها، الحرة من سيطرة الكنيسة ورجال الدين، فقد شهد القرن التاسع عشر تبلور أفكار الدستورية والديمقراطية والفصل بين السلطات. ولكن ذلك لا يعني أن المسيرة الديمقراطية حققت انتصاراً سريعاً. وكما نعرف اليوم، فإن موجات التحول الديمقراطي توالت طوال القرن العشرين، إلى أن وصلت إلى المجال العربي مؤخراً.
ولدت الدولة الحديثة في المجال العربي الإسلامي في القرن التاسع عشر، بداية من القاهرة واسطنبول وتونس. وكما كان هدف الدولة الحديثة الأولي في المجال الأوروبي، استعار رجال الدولة العرب والمسلمون النموذج الجديد للدولة من أجل تعظيم الموارد وتعزيز المقدرات ورفع مستوى الكفاءة. تدريجياً، ولكن خلال فترة قصيرة نسبياً، أصبحت الدولة أكثر مركزية، وأكثر تدخلاً وهيمنة وسيطرة، وأكثر عقلانية، من جهة التراتبية الوظيفية وتوزيع السلطات، وأكثر تعالياً من جهة التجرد المؤسسي والانفصال عن المجتمع. وبالرغم من أن الدولة الحديثة ولدت معارضة واسعة النطاق من فئات المجتمع المختلفة، التي رأت الدولة الجديدة تجسيداً للاستبداد، فإن مسألة الدين لم تتسبب في حروب هائلة كتلك التي شهدتها القارة الأوروبية. لم تكن هناك كنيسة إسلامية لتخوض معركة الدفاع عن مصالحها، وبالرغم من تفاوت آراء العلماء المسلمين حول بعض التطورات في جسم الدولة، فسرعان ما تعايش أغلبهم مع الوضع الجديد. ولكن ذلك لا يعني أن الدين لم يستدع في التدافع الذي شهدته أغلب بلدان العالم الإسلامي حول الدولة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. الحقيقة، أن مفهوم 'العودة إلى حكم الشريعة' أو 'تطبيق الشريعة' ولد أصلاً في تلك المرحلة. ولكن الذين رفعوا شعار العودة إلى الشريعة كانوا من المعارضين السياسيين، رجال دولة سابقين أو مثقفين، ولم يكونوا من العلماء؛ وكان دافعهم إلى رفع هذا الشعار بسيط: فقد لاحظ هؤلاء مركزية الدولة الجديدة وتحكمها وسيطرتها، وتصوروا أن التحرر من هذه الدولة لن يتحقق إلا بالعودة إلى النظام التقليدي، عندما كانت الدولة محدودة السلطات وغير مهيمنة، ووصفوا هذا النظام بحكم الشريعة.
خلال العقود القليلة التالية، وبظهور قوى الإسلام السياسي في النصف الأول من القرن العشرين، تغيرت أولويات المناخ الفكري العربي - الإسلامي. تراجع الجدل حول طبيعة الدولة الجديدة، التي أصبحت أمراً واقعاً ومقبولاً، وتقدمت مسائل الغزو الغربي، السيطرة الاستعمارية، والخطر الذي يتهدد الهوية الإسلامية. لم يختف شعار العودة إلى الشريعة، ولكنه تحول من أداة نقد ومعارضة لطبيعة الدولة الحديثة، إلى دعوة إلى أسلمة هذه الدولة، إلى منحها سلاح تطبيق القوانين الإسلامية، إلى جانب أسلحة السيطرة والتحكم التي تمتلكها. ولكن، وبغض النظر عن هذا التوجه غير الصحي في الفكر الإسلامي السياسي الحديث، فالمسألة الهامة أن أحداً لم يعد يجادل في أمر الدولة الواقع: أن مؤسسة الدولة هي الدولة في صيغتها الحديثة، الدولة القومية أو الدولة الأمة، الدولة المركزية ذات السيادة، مصدر القوانين وشرعية هذه القوانين، الجهة التي يفترض أن تتطلب ويقدم لها ولاء المواطن، المؤسسة الوحيدة التي تتمتع بشرعية امتلاك أجهزة العنف، والمؤسسة التي تتحكم في شؤون المجال العام، من تعليم وصحة ومواصلات وتجارة واقتصاد ..إلخ. هذه الدولة، التي هي الدولة الفرنسية والأسبانية والصينية والمصرية، باختلاف درجات ديمقراطيتها، لم تعد موضع خلاف بين العرب والمسلمين، ليبراليين كانوا أو إسلاميين، قوميين كانوا أو وطنيين، منذ بدايات القرن العشرين.
بهذا المعنى يبدو الجدل حول مدنية الدولة مصطنعاً إلى حد كبير، أو تجلياً لبعض الجهل في أحسن الأحوال. الامتحان الحقيقي لحركة الثورة العربية ليس الموقف من الجدل العبثي حول المدنية، بل الموقف من الديمقراطية والحريات والسيطرة العسكرية، الموقف من كرامة الإنسان العربي ومتطلبات الحياة الكريمة، والموقف من موقع العرب ودورهم في العالم المعاصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.