ينتظر الكثير من أولياء الامور موسم الصيف للتخلص من أعباء المذاكرة والدروس الخصوصية، ولكن سرعان ما تتبدد أمنياتهم في الشعور بالراحة بسبب كثرة أوقات الفراغ التي غالبا ما تكون بين اللعب واللهو و التي قد توقع الأطفال في المشاكل، بسبب سوء استغلال الكثير من الأسر لفترة الاجازة الصيفية. إن استغلال الاجازة الصيفية يقع في المقام الأول على كاهل الأم شأنه شأن الأمور الأخرى التى تقع على عاتق ربة المنزل، فتقول المهندسة هبة حسين – أم لأربعة أطفال- : الإجازة الصيفية تمثل ضغطاً عصبياً ومادياً واجتماعياً على الآباء والأمهات، لدرجة أنني أصبحت أتمنى أن تظل المدارس مفتوحة طوال العام وبلا إجازة، بسبب انشغال بالي طوال فترة تواجدي في العمل عليهم، وبشأن خوفي من أن يلحقوا بأنفسهم الضرر وهم بالمنزل دون رقيب أو مربية". وتؤيدها في الرأي نسرين إبراهيم مسئولة العلاقات العامة وأم لطفلين بقولها: "على الرغم مما أعانيه في أيام الدراسة من توصيل لأطفالي يوميا إلى المدرسة وإلى أماكن الدروس الخصوصية، بشكل يجعلني أتمنى أن يمر العام الدراسي سريعا، الا أن فرحتي بقدوم الاجازة الصيفية تنتهي سريعا وبعد مرور أيام منها، بسبب خوفي من جلوس أبنائي بمفردهم بالمنزل أمام شاشة التلفاز والكمبيوتر، وخوفي عليهم مما يتلقونه عبر هذه الأجهزة " وكذلك تقول مريم إبراهيم، ربة منزل، وأم لثلاثة أطفال "أنها تحبذ شهور الدراسة أكثر من الصيف، فالمدرسة تقضي على أكثر من نصف المشكلات التي يواجهها الآباء مع الأبناء، فنحن مع بداية الإجازة التي يفترض أنها وقت للاستمتاع والمرح والتنزه لكل أفراد الأسرة ، نبدأ مرحلة جديدة مع الأبناء كلها عدم التزام وسهر لأوقات متأخرة، وبالتالي استيقاظ في منتصف النهار، ومشاغبة وخلافات وأصوات عالية وإهمال". الأنشطة العائلية وحول دور الأم في استغلال الاجازة الصيفية وتحملها لهذه المسئولية يقول د . إبراهيم قرفال، عميد كلية التربية والعلوم الأساسية أن دور الأم ليس سهلاً، ويحتاج إلى كثير من التضحيات، وأنها تحتاج إلى نوع من التدريب التأهيلي لهذه الوظيفة الفطرية . وأضاف : ليست كل أم مؤهلة لحمل هذا اللقب، خاصة أن مفهوم العائلة الكبيرة التي تضم الجد والجدة وكل الأحفاد لم يعد موجوداً بل انتشرت العائلة الصغيرة التي تضم الأب والأم والأبناء فقط، لتختفي القدوة التي كانت تعتمد عليها البنت في تعلم فن التعامل مع أولادها . وأكد قرفال أنه مع حلول فصل الصيف تصبح الأم مسئولة بشكل كامل عن الأبناء طوال اليوم ليلاً ونهاراً، وهذا من وجهة نظرها يحرمها من أشياء تراها جزءاً من حياتها الخاصة، وهنا تسعى لوجود من يشاركها في هذه المسئولية، لذلك نجد معظم الأمهات يبحثن عن معسكرات وأنشطة كثيرة لشغل أوقات فراغ الأبناء . وأشار إلى أنه من المهم أن تشعر الأم بالراحة والاستجمام لأنها إنسان طبيعي يحتاج إلى وقت من الترويح عن النفس لكن يجب ألا يتم هذا على حساب الأولاد، حتى ولو كانت عاملة، فعليها أن توفق بين الوظيفتين حتى تنجح كموظفة وإنسانة خلقت لتكون أم . وقال إن هناك العديد من الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف، وهو المشاركة في الأنشطة العائلية، التي يشترك بها كل أفراد الأسرة، وهي من الممكن أن تحصل على إجازتها السنوية في توقيت إجازة الأبناء، وعلى كل أم أن تعي جيداً أن أكثر إنسان يحتاج إليها هو هذا الابن . التخطيط للأجازة وحول التخطيط للاجازة وتقديم أفكار مقترحة للاستغلال هذه الفترة تقول سعاد البشر أستاذ مساعد في كلية التربية الأساسية أن الاستفادة من أوقات الفراغ التي يعيشها الطفل خلال الإجازة الصيفية أمر ضروري ولتحقيق أفضل أنواع الاستفادة لابد من التخطيط الجيد والمسبق لهذه الإجازة ولشغل وقت الطفل بكل ما هو مفيد له ولمستقبله. فحياة الطفل، تقول البشر، يجب أن تكون عامرة بالأمور المهمة والمفيدة فهناك سنوات تعلم يكتسب فيها الطفل الخبرات الأكاديمية والاجتماعية وهذه الخبرات تكون إما عن طريق سنوات الدراسة أو من خلال اللعب والتعاطي مع الآخرين وكلما كانت البيئة التي ينشأ فيها الطفل صالحة كانت هذه المكتسبات مفيدة وتعمل على ترسيخ القيم وتساهم في بناء الشخصية لتنتج شخصا واعيا صالحا لأهله ولمجتمعه. وتقول البشر أنه في العطلة الصيفية يتوقف الطفل عن التعلم الأكاديمي وعن ملء وقته في إنجاز الواجبات المدرسية الأمر الذي يجعل عنده وقت فراغ كبير، لذا لابد من التفكير في كيفية الاستعاضة عن هذه الأمور بشيء يكون له نفس القدر من الفائدة، وهنا يكون دور الأهل الذين تقع عليهم مسؤولية التخطيط المسبق والبناء، فهناك آباء يعتبرون أن وقت الإجازة يجب أن يكون استمرارية لوقت المدرسة وعلى الطفل أن يقضي وقته بالتعلم وآخرون يعتبرون أن اللعب العشوائي هو الحل الأمثل لقضاء إجازة مسلية ومنهم من يظن أن التفكير في قضاء الإجازة لا يحتاج إلى تخطيط ويتركون الأمور تسير كيفما اتفق بحجة أنهم عندما كانوا صغارا لم يكن هناك من يخطط لهم إجازاتهم وهنا تكمن المشكلة فما يضيع به الأطفال وقتهم اليوم لم يكن موجودا أصلا في أيام طفولة الآباء كما أن كل الظروف الحياتية والاجتماعية في تغير مستمر لذا لابد من التنبه لهذا الأمر والتعاطي معه بحكمة. وتؤكد البشر أن الطفل يجب ألا يمضي وقته في شيء محدد كالدراسة أو اللعب أو النوم بل يجب أن يشغل وقته بأشياء متنوعة ومفيدة كالتسجيل في النوادي الصيفية أو اللجان التطوعية التي تجعل هذا الطفل منتجا خلال الإجازة وذلك لأن أي وقت لا يشغل بالخير يشغل بالشر وهذا الأمر ينطبق على الأطفال أيضا حيث يجب أن يتم سد أوقات الفراغ بما يسد حاجات هذا الطفل ومن بين هذه الحاجات حاجة الطفل لقضاء وقت مع والدته وهذا الأمر حتما يمكن تحقيقه خلال العطلة الصيفية حيث يكون لدى الوالدة متسع من الوقت تقضيه مع أطفالها كأن تقرأ لهم قصة وتفتح معهم مجالا للنقاش وبذلك تكون أيضا قد حققت التواصل العاطفي معهم وغالبا ما يكون هذا الأمر صعبا خلال السنة الدراسية لانشغال الأبناء وذويهم بالواجبات المدرسية، كما يمكن أن تقوم الأم مع أبنائها بزيارات عائلية ما يعزز صلة الأرحام. ومن بين النشاطات التي يحبذ القيام بها خلال العطلة الصيفية القيام بجولة للأطفال على المستشفيات ودور الرعاية حيث ينخرطون بعمل الخير والعمل التطوعي وهي أمور قد لا يتعرفون عليها في يومياتهم، كما يجب أن تكون كل ساعات الفراغ مليئة بالتعلم والعبادة وكل ما يعود عليهم بالنفع حتى وإن كان ذلك على حساب راحة الأهل وذلك لأنهم بدورهم يحصدون ما يزرعون في أبنائهم.