أهلاً بالأجازة، إن هذه المقولة تحمل بين طياتها الكثير والكثير على محيط الأسرة، فالأم تقولها لأنها بداية الإزعاج بالمنزل بعد هدوء دام عدة أشهر، والأبناء يقولونها للراحة من الاستذكار والنهوض مبكراً من النوم. ولكن عزيزتي الأم، وعزيزي الأب: هل فكرنا بالفعل في جدول أعمال لهؤلاء الصغار للاستفادة من الأجازة الصيفية على خير وجه؟ لأن عدم الاستفادة من هذه الأجازة بصورة إيجابية للأبناء سيعمل على تطبعهم خلال الأجازة بسلوكيات غير مرغوب فيها من خلال الأسرة أو المجتمع، وعلى سبيل المثال: الاستيقاظ المتأخر من النوم والسهر حتى الصباح. وفي هذا يخبرنا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" (رواه البخاري). فلا بد من شغل وقت الفراغ، والاستفادة من الصحة والعافية في الأمور المفيدة والبرامج النافعة، مثل الحرص على اكتساب المهارات, والعمل على زيادة الخبرات، وتنمية القدرات, وتقوية العلاقات، وتعلم اللغات وإتقان التعامل مع الحاسب الآلي (الكمبيوتر) , والاجتهاد في تحصيل الأرزاق, والالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن، و الاشتراك بالنوادي الصيفية أو بمراكز الشباب, أو المدارس الرياضية ككرة القدم مثلا, والمشاركة في الأعمال التطوعية, أو السفر مع الأهل والأقارب والأصدقاء . والآن نستعرض بعض الأمور المهمة للأبناء من وجهة نظري للاستفادة من الأجازة الصيفية: على المستوى الديني: في خلال العام الدراسي نهتم دائما بحفظ القرآن الكريم للأبناء، والأجازة الصيفية تكون فرصة عظيمة لنصنع لهم جدولا زمنيا لحفظ القرآن الكريم، وذلك بالتعاون مع الجيران والمسجد الموجود بالحي، مع الاهتمام بتجميع الأولاد في المستوى العمري نفسه، وتجميع البنات أيضا، حتي يتسني لهم حفظ الآيات القرآنية المناسبة لهم، فالأطفال الصغار لا يناسبهم حفظ الآيات الطويلة في البداية؛ لأنها تعمل على تشتتهم وعدم تركيزهم ثم العمر الأكبر فالأكبر. ومن الأفضل أن يكون هذا التعليم من خلال الأبناء الأكبر سنا ممن هم بالجامعة والثانوي، لأن بهذا نعلمهم مبدأ الثواب والصبر وبالأخص الصبر على تعليم الصغار، وأيضاً عمل مسابقات وهدايا شهرية للحافظين للأجزاء والسور الجديدة في القرآن، وبهذا نكون شغلنا وقت فراغ الشباب والأطفال بشكل صحي وديني جيد. على المستوي الترفيهي: دائما نتذكر الأجازة بالسفر وقضاء وقت على الشاطئ لترفيه المباح، فترتيب وقت لقضاء جزء من الأجازة على الشواطئ الساحلية للترفيه عن الأبناء وعن النفس، واختيار الشواطئ الجميلة التي تكون بها التزام بالنواحي الشرعية مع البعد عن الأمور المستجدة والتي تخالف ديننا الحنيف. على المستوى العائلي: صلة الرحم حيث إنه في أيام الدراسية لا يوجد الوقت الكافي للتزاور، فتنمية هذه الصلة بهم، من ود للأقارب والتزاور معهم؛ لتنمية الروابط الأسرية وتعليمهم أن هذه الزيارات لها ثواب عظيم عند الله، ولها فوائد في تقوية الصلات، وتفعيل العلاقات، فمن تربي علي شيء شاب عليه. حيث إن الأبناء كالزرع يرتوي وينمو في وجود بيئة صالحة وتربة جيدة للزراعة. على المستوى الأسري: يجب أن يساعد الأبناء من فتيات وفتيان الأم في أعمال المنزل، وألا نفرق بين ولد وفتاة فالرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام كان يساعد أهل بيته. وهذا يساعد الأم علي تعليمهم كيف يهتمون بأمورهم الشخصية، ويوفر صحتها وجهدها اليومي المتواصل. على المستوى الرياضي: الرياضة من الأمور المهمة في حياة الأبناء؛ لأنها تفرغ طاقاتهم، وتعلمهم مهارات جديدة، كما تنمي بهم التعاون الجماعي المخطط، وكيفية التعامل مع الناس على اختلاف طبائعهم وشخصياتهم وسلوكياتهم، كما تعمل على شغل فكر الأبناء طوال الأجازة بشيء مفيد. وفي هذا أوصانا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال: "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل ".