الأحرار الاشتراكيين ل صدى البلد: الحركة المدنية تتخذ اتجاها معاكسا لمفهوم استقرار الدولة    معركة موازية على «السوشيال ميديا» بعد القصف الذي تعرضت له مدينة رفح    الأوقاف: افتتاح 21 مسجدًا الجمعة المقبلة    غدا، محافظة القاهرة تبدأ فتح باب تلقى طلبات التصالح في مخالفات البناء    وزارة السياحة والآثار تشارك في سوق السفر العربي بالإمارات    بعد غد.. انطلاق مؤتمر "إعلام القاهرة" حول التغيرات المناخية    شبكة القطار السريع.. كيف تغطي جميع أنحاء الجمهورية؟    المقاومة تطلق رشقات صاروخية على مستوطنات إسرائيلية فى غلاف غزة    المقاومة في العراق تستهدف بالطيران المسيّر قاعدة "يوهنتن" الإسرائيلية    مدينة برازيلية تغرق تحت مياه الفيضان    كريم شحاتة: تقدمت باستقالتي من البنك الأهلي حفاظا على كرامتي    بيان رسمي من نادي الزمالك بشأن أخطاء الحكام ضد الأبيض في الدوري الممتاز    تعرف على أسباب خروج «ديانج» من حسابات «كولر»    أخبار مصر اليوم: السيسي يدعو كل الأطراف للوصول إلى اتفاق هدنة بغزة.. قرار جديد بشأن طلبات التصالح في مخالفات البناء    الخميس.. إيزيس الدولي لمسرح المرأة يعلن تفاصيل دورته الثانية    اهم عادات أبناء الإسماعيلية في شم النسيم حرق "اللمبي" وقضاء اليوم في الحدائق    ليلى علوي تحتفل بشم النسيم مع إبنها خالد | صورة    محمد عدوية: أشكر الشركة المتحدة لرعايتها حفلات «ليالي مصر» ودعمها للفن    هل يجب تغطية قَدَم المرأة في الصلاة؟.. الإفتاء توضح    أدعية استقبال شهر ذي القعدة.. رددها عند رؤية الهلال    لذيذة وطعمها هايل.. تورتة الفانيليا    إزالة 164 إعلاناً مخالفاً خلال حملة مكبرة في كفر الشيخ    تفاصيل التجهيز للدورة الثانية لمهرجان الغردقة.. وعرض فيلمين لأول مرة ل "عمر الشريف"    التيار الإصلاحى الحر: اقتحام الاحتلال ل"رفح الفلسطينية" جريمة حرب    غارة إسرائيلية تدمر منزلا في عيتا الشعب جنوب لبنان    قدم تعازيه لأسرة غريق.. محافظ أسوان يناشد الأهالي عدم السباحة بالمناطق الخطرة    تناولها بعد الفسيخ والرنج، أفضل مشروبات عشبية لراحة معدتك    ضحايا احتفالات شم النسيم.. مصرع طفل غرقًا في ترعة الإسماعيلية    موعد إجازة عيد الأضحى 1445 للطلاب والبنوك والقطاعين الحكومي والخاص بالسعودية    أرخص موبايل في السوق الفئة المتوسطة.. مواصفات حلوة وسعر كويس    بعد فوز ليفربول على توتنهام بفضل «صلاح».. جماهير «الريدز» تتغنى بالفرعون المصري    قبل عرضه في مهرجان كان.. الكشف عن البوستر الرسمي لفيلم "شرق 12"    زيادة في أسعار كتاكيت البيّاض 300% خلال أبريل الماضي وتوقعات بارتفاع سعر المنتج النهائي    طلاب جامعة دمياط يتفقدون الأنشطة البحثية بمركز التنمية المستدامة بمطروح    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    صانع الدساتير يرحل بعد مسيرة حافلة، وفاة الفقيه الدستوري إبراهيم درويش    مائدة إفطار البابا تواضروس    صحة الإسماعيلية.. توعية المواطنين بتمارين يومية لمواجهة قصور القلب    عضو ب«الشيوخ» يحذر من اجتياح رفح الفلسطينية: مصر جاهزة لكل السيناريوهات    رفع الرايات الحمراء.. إنقاذ 10 حالات من الغرق بشاطئ بورسعيد    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    برلماني يحذر من اجتياح جيش الاحتلال لرفح: تهديد بجريمة إبادة جماعية جديدة    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    في العام الحالي.. نظام أسئلة الثانوية العامة المقالية.. «التعليم» توضح    نانسي عجرم توجه رسالة إلى محمد عبده بعد إصابته بالسرطان.. ماذا قالت ؟    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب إقامة والده معها في الإسكندرية    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    طارق السيد: لا أتوقع انتقال فتوح وزيزو للأهلي    تعليق ناري ل عمرو الدردير بشأن هزيمة الزمالك من سموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة لم أستطع النوم .. مبارك في طرة .. يالله!
نشر في التغيير يوم 08 - 06 - 2012

تذكرت ليلة 1 مارس 2007، حين اعتقلت بعد شكوى كيدية من أحد القساوسة، قدمها مباشرة لرئاسة الجمهورية، بسبب نشاطي في مقاومة التنصير وقتها. بعد أقل من 24 ساعة فقط من تقديم الشكوى، تم اعتقالي أنا وصديق عمري حسام أبو البخاري والأستاذ علي الريس، وعدد من أعلام مقاومة التنصير وقتها. ظللنا شهرا كاملا في سلخانات أمن الدولة. ويوم 1 مارس، وضعت الكلابشات في يديّ، وتم اقتيادي وحيدا لسجن طرة.
على بوابة السجن، خلعت الجينز والهاف كول والكوتشي، ولبست الخيش الأبيض. وكتب على ملفي جملة «إيداع بمعرفة الجهاز»، وعلمت فيما بعد أن المقصود بالجهاز هو جهاز أمن الدولة. وأن أي تعامل معي يتم بتعليمات من الجهاز وبأوامر مباشرة من الضابط أحمد شوقي، ضابط أمن الدولة بالسجن فقط.
والله، كان يقترب مني المخبرون ويسالونني همسا: إنت عملت إيه؟
وعندما كنت أجيبهم أنني ناظرت أحد القساوسة في معرض الكتاب وأفحمته، كانوا ينظرون إليّ بعين الشك .. فالإجراءات الأمنية المتبعة معي كانت صارمة وقاسية لدرجة أن ضباط السجن كانوا يتعجبون منها. فعلى سبيل المثال، تم إيداعي زنزانة انفرادية طولها متران وعرضها متر ونصف، في ممر مفصول عن باقي الزنانين الأخرى بباب حديدي مصمت، وهذا الممر مغلق بثلاث أبواب من الجهة الأخرى، وتمّ إخلاء جميع الزنازين الموجودة بالممر بحيث أكون وحيدا تماما.
ممنوع خروجي من الزنزانة تماما بأي حال. ظل باب الزنزانة مغلقا عليّ قرابة ثلاثة أشهر لا أرى فيها وجه إنسان أو أسمع صوتا سوى صوت الشاويش، وهو يناولني من شباك الباب صحنا من الفول وبعض أرغفة كل صباح.
وحين وردت إشارة من جهاز أمن الدولة بإخضاعي للفحص الطبي، وعلى عكس كل المسجونيين، كان طبيب السجن يضطر للانتظار حتى الساعة الثالثة عصراً، حيث تنتهي ساعة الفسحة لباقي المسجونين، ويتم إغلاق الأبواب على الجميع. ثم يحضر مخبر وشاويش إلى زنزانتي، ويصطحبوني لطبيب السجن. كان الطبيب في سجن الاستقبال طبيب مدني منتدب من مصلحة السجون، ولم يكن طبيبا عسكريا، لهذا كانت فيه بقية من آدمية. كانت التعليمات صارمة للجميع ممنوع أن أترك بمفردي حتى أثناء توقيع الكشف عليّ. كان الطبيب يحاول اقتناص أي غفلة من الحارس ليسألني عن سبب هذه الاجراءات الامنية المشددة حولي.
منعت من زيارة أهلي، ومنعت من رؤية الشمس، ومنعت من سماع أو مشاهدة أي مخلوق لمدة ثلاثة أشهر. كنت أقضى وقتي بين المصحف والصلاة والنوم فقط.
في أحد الأيام، كان اللواء سمير سلام، مدير ملصحة السجون الجديد وقتها، يتفقد سجن الاستقبال، وفجأة نظر إلى زنزانتي وقال: «أفتح هنا». والله العظيم فزع حين رآني بمفردي، وقال: أنت لوحدك هنا؟
قلت: نعم يا افندم؟
قال لي: منذ متى؟ قلت من ساعة ما جيت يعني قرابة 3 شهور.
قال: انت جيت في إيه؟ قلت: والله ما اعرف، أنا لقيت قسيس بيتكلم مع شباب مسلمين في معرض الكتاب، فتدخلت في الحوار، ودار ما يشبه المناظرة بيني وبينه، وبعدها قُبض عليّ وجابوني هنا.
تقدم اللواء عمر الفرماوي، وكان يشغل وقتها منصب مدير مباحث مصلحة السجون قبل أن يتم تعيينه مديرا لأمن 6 أكتوبر ويصبح متهما رئيسا في قضية مبارك والعادلي، تقدم الفرماوي لكيس معلق بجوار باب الزنزانة فيه بعض الأدوية. ورفع شريط دواء في وجوه الضباط وقال: «ده بياخد دينترا»، وهو دواء شهير للقلب.
انزعج اللواء سمير سلام، وقال: «لا لا لا ده ما ينفعش يقعد لوحده». مال أحد الضباط على أذنه، وهمس له: «يا أفندم ده تبع الجهاز». هز سمير سلام رأسه، وقال: طب ناقصك حاجة؟ قلت— بتهكم—الحمد لله يا أفندم، وأنا حأعوز أكتر من كده إيه؟
أغلق باب الزنزانة وأنا أضحك من قلبي. وفي اليوم التالي، أسرّ لي الشاويش أن مدير المصلحة قال لضابط أمن الدولة: «يا أحمد بيه، ده ممكن يموت وساعتها أنا اللي حتحاسب عنه والتقرير بيقول أنه شخصية معروفة .. لو عايز تعزله حطه لوحده بس يكون جنب ناس بحيث لو تعب وللا حصل له حاجة الناس تنبهنا».
وقد كان. فتم نقلي بعد يومين من عنبر «ج» لزنزانة انفرادية أخرى بعنبر «د» كان فيه بعض المتهمين بتفجيرات سيناء والأزهر، وسمح لي بالخروج ساعة يوميا للتريض. لكنهم رفضوا السماح لأهلي بزيارتي حتى أعلنت إضرابا عن الطعام لعدة أيام. وساءت حالتي وتم استدعاء اللواء عمر الفرماوي مرة أخرى وضابط مجهول من أمن الدولة. وتعهدوا بالسماح لأهلي بزيارتي مرتين في الشهر.
في قلب هذه المحنة، رزقني الله منحا عديدة. فأدركت قيمة القرآن وأثره في الإنسان، وأدركت نعمة قيام الليلة والصلة المباشرة بالله، وأدركت قيمة الدعاء ومدى فاعليته. كانت تمر عليّ لحظات في زنزانتي الانفرادية أتعجب وأسجد شكرا لله على هذه السعة والطمأنينة التي أجدها في صدري رغم وضعي البائس.
تذكرت كل هذا وأنا أقرأ عن أول ليلة لمبارك في زنزانته الفارهة التي لا تبعد كثيرا عن زنزانتي الانفرادية القديمة. هل كنت أتصور وأنا في لحظاتي العصيبة هناك والشيطان يحاول أن يزرع اليأس والخور والحزن في قلبي أن مبارك بعد خمس سنوات سيكون في زنزانة مجاورة!
كما أني الآن لا أدري ما يحدثه الله تعالى بعد خمس سنوات من الآن. لكنني أدري جيدا أن المستقبل للإسلام، وأن الله تعالى قال: «كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ». رضيت بالله رباً وبالاسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.