الإسلام مكون ثقافي وحضاري جامع لكل مكونات الوطن العربي والإسلامي بكل قطاعات البشرية والطائفية، ومركزية قضية " التوحيد" حاضرة ببعدها التحرري في الإسلام والمسيحية واليهودية، التحرر من الاستبداد السياسي والاجتماعي والاقتصادي. والشرائع السماوية الثلاث( الإسلام-المسيحية-اليهودية) تنتمي لدين واحد وهو دين "التوحيد" ملة إبراهيم، ومن ثم فقضية التوحيد مركزيتها هو تحرير الإنسان من عبودية البشر والآلهة وأنصاف الآلهة، وفي الآية الكريمة :" قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء. بيننا وبينكم. ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً، "ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا من دون الله" هي بيان سياسي معبر عن مكون عقائدي منبعه التوحيد. والاستسلام الكامل لله وعبوديته تستلزم ممانعة ومقاومة كبيرة لتجلي معنى الاستبداد في"البشر" ومعانيه واسقاطاته وتنزيلاته، فلا مستبد للأمر إلا الله، ولا متحكم في البشر إلا هو. لم يأت الإسلام ليخلص العالم من الذنوب والمعاصي وفقط، وإنما أتى ليخلص "الإنسان" من الأصنام والأرباب البشرية وأنصاف الآلهة، وهنا يتجلى المفهوم الأعظم إسلامياً " التوحيد"، حيث يكسر العلاقات "المستحدثة" و"المصطنعة" والغير طبيعية بين عبد ورب بشري " المستبد"، ويجعل العلاقات في إطار الندية والمساواة والإخاء، وفي قضية التحرير؛ لا يعني الإسلام بشكل الإنسان ولونه ودينه ومكانته بل هو الإنسان وفقط، الإسلام ينحاز للإنسانية، غير ملتفت لتفصيلاتها الفرعية الأدنى ( اللون-الجنس- العرق-الهوية-الجبهوية-المناطقية-الطائفة-الدين). وهنا تنعدم كل معانٍ ترتبط بهذه العلاقة الشاذة؛ مثل "القهر" والإذلال" و"الاستبداد" و"السلطوية" و"المنًّة" و"الاحتكار" وتظهر معاني "العدل" و"المشاركة" و"المساواة" و"الأخوة". التحرير المتكئ على بعد إسلامي-إنساني يخلوا من أية أبعاد تعاقدية نفعية يمكن كسبها من جهد ومال الشعوب التي حررها، وساهم في تقويض استبداد أذلها، أو طغيان أنهكها، الإسلام يحرر ويكتفي، يحرر لإنها الطريقة الوحيدة لكي يتعرف هؤلاء على طريقهم لله-التوحيد-فإن عرفوه فقد عرفوه، وإن لم يعرفوه فلا إكراه ولا مذلة.