لاشك أن ظروف الحياة فى غزة صعبة للغاية فى ظل الحصار الصهيوني المفروض منذ عدة سنوات على قطاع غزة بأكمله، فالمعابر أغلقت، وفرص العمل تضاءلت، ولقمة العيش أصبحت حُلم الكثيرين من عائلات القطاع الفقيرة. عائلة المواطن "جمعة محمد أحمد مسعود" (40 عاماً) تسكن فى مخيم جباليا شمال القطاع فى بيت مستأجر متواضع للغاية، وتتكون من 11 فرداً، معظمهم من الأطفال، يفتقدون أدنى مقومات الحياة من مأكل وملبس، وعلاج ومصروف للأطفال الصغار. حيث تمكث العائلة فى مخيم جباليا، ويظهر الأب وعليه علامات الحزن والضعف بادية على وجهه، فهو عاجز عن أن يعيل أسرته، خجلٌ من أطفاله الصغار الذين يبادرونه بأسئلة كثيرة وعبارات مثيرة للشفقة تخلع قلب الأب الحزين "... معاك مصروف اليوم إلنا يا بابا؟ ... بابا .. حنان صاحبتي اشترت أواعي جديدة .. بابا وين بدنا نروح إذا ما اقدرنا ندفع أجار البيت الشهر هادا". يقول الأب جمعة: "عائلتي تعيش ظروفاً صعبة للغاية، ونفتقد للكثير من الأشياء الضرورية لسير الحياة بشكل طبيعي، فأنا غير قادر على إعالة أسرتي المكونة من 11 فرداً، لأنى عاطل عن العمل، وعاجز عنه لأني مريض بالغضروف، ووضعى الصحي صعب". ويضيف: "لقد أصبحت أهرب من أبنائى الصغار خوفاً من أسئلتهم، وطلباتهم الصغيرة، حتى مصروفهم المدرسي أصبح حلماً لهم، لكي يستطيعوا شراء حلوى أو ساندويتش وهم فى المدرسة، ينظرون إلى باقى زملائهم الذين يشترون ما طاب". أما الأم فبدا على وجهها علامات الأسى والحسرة والحزن فقالت: "9 من أبنائي ينامون فى غرفة واحدة، البنين والبنات مع بعضهم البعض- لضيق البيت- وعدم وجود غرف أخرى، وسنغادر البيت لعدم مقدرتنا على دفع "500 شيكل" ثمن إيجار البيت". وتواصل أم أمير شرح معاناة عائلتها، وتشير إلى المطبخ فتقول: "ها هو مطبخنا، لا يوجد ثلاجة .. ولا يوجد غسالة .. أعاني كثيرا من الإرهاق بسبب الغسيل اليدوي المتواصل، وأعانى أيضاً كثيراً من بكاء الأطفال المتواصل بسبب طلباتهم البسيطة التى لا أستطيع أن ألبيها لهم". ويكمل أمير "18 عاماً" شرح معاناة عائلته فيقول: "أبي مريض ومصاب بالغضروف ولا يقوى على العمل، وأخي الصغير محمود ابن الثلاث سنوات قمنا بإجراء عملية له في الخصيتين ويحتاج إلى مصاريف العلاج، وأنا طالب في الثانوية العامة .. كيف لي أن أواصل دراستي في هذا الجو الكئيب والمحزن، أنا غير قادر على شراء أي ملزمة أو كتاب للدراسة". وتقاطع أشجان "6 سنوات" حديث أخيها فتقول: "احنا ما بناخذ مصروف من البابا، أنا ما بشتري فى المدرسة، بظلي قاعدة لحالى فى الفسحة". أما سمر "12 عاماً" و التى خانتها دموعها فتقول: "إحنا بدنا نعيش زي الناس، بدي أحس إنى عايشة بكرامتي، ألبس زي صحباتي واشتري زيهن، الآن كل همنا لقمة العيش، رغيف الخبز صار حلمنا فى هذا البيت". وتتابع مأساتها فتقول: "أنا بدي أقول حاجة وحدة، بطالب كل المسئولين والجمعيات، إنهم ينظروا لحالنا ويساعدونا، إحنا بنموت كل يوم مائة مرة، والله الفقر أصعب حاجة فى الحياة". تستمر معاناة عائلة مسعود فى ظل الأوضاع المأساوية التى تعيشها العائلة منذ فترة طويلة، فهم الآن قد يغادروا البيت ، ليصبحوا بلا مأوى كونهم عجزوا عن دفع إيجار البيت، فمن يخفف جراحهم الغائرة، ويمسح دموعَ الأطفال، وصراخ المحتاجين، وأنين المكتوين بنار الفقر، فلا فراش يكفيهم، ولا طعام يقتاتون به، ولا ثلاجة ولا غسالة تعينهم على الحياة، ولا علاج لأبيهم وأخيهم