يطلقون عليه في الغرب "فن الشوارع" أو الغرافيتي، ويعرفه المصريون بالرسم والكتابة على الجدران وهو فن يحمل ضمنياً معنى الاحتجاج والسخط ، ويدعو الآخرين أن يشهدوا معك على سخطك ، ويقفون على أسبابه. الأشخاص الذين يتقنون هذا الفن ويحترفون الرسم على الجدران بطريقة فنية يطلقون على أنفسهم لقب "فنانين"، في حين تصفهم الشرطة "بالعصابات"، ومع انتشار ظاهرة الغرافيتي عالميا، تزايد الجدل حول تصنيفها بين الفن والفوضى. فالغرافيتي إذا أقدم وسيلة للتعبير استخدمها البشر، وقد أضاء لعلماء الآثار جوانب عديدة من حياة الشعوب الغابرة. بهذا المنطق يبرر رسامو الغرافيتي لأنفسهم "احتلال" المساحات العامة بألوانهم ونقوشهم، "لعل أجيال المستقبل ستتعرّف إلى حياتنا الحالية من خلال هذه الرسوم" كما يقول أحدهم. وفي مصر ذاع صيت الشاب محمود عبد الرازق عفيفي في القاهرة، ونظيره جمال الدولي في الأسكندرية ، أما الأول فكان يطلق على نفسه أديب الشباب، وكان يعتبر حوائط شوارع القاهرة كتابه المجاني - قبل استخدام الإنترنت- والذى يطل منه على القراء في كل مكان، وتضمنت كتاباته ايحاءات سياسية ونوادر لاذعة منها" كلينتون برئ..والبقعة التى على قميص مونيكا تخصني"..! ثقافة الحرافيش: يعتبر الشاب المصري محمود عبد الرازق عفيفي أحد الغرافيتين المغمورين ودائما ما كان يلقب نفسه بأديب الشباب واشتهر هذا اللقب أكثر من الأديب نفسه وأكثر من مؤلفاته بطريق العبارات الإعلانية على جدران القاهرة في تسعينيات القرن العشرين، والتي كان يعلن فيها عن اسمه ولقبه وعناوين مؤلفاته - التي عُدت صادمة ومبتذلة في وقتها. تلك العبارات الدعائية هي أكثر ما قُرِئَ من تأليفه لوجودها في مناطق حيوية من القاهرة ومحطات المواصلات العامة، ومجاري مترو هليوبوليس. وكانت إلى جانب الترويج لمؤلفاته تضم مناشدات إلى الرئيس المخلوع والمسؤولين من التجاهل والتهميش الذي يدّعي أنه تعرض له في حين أنه - حسب وصفه - أديب متميز. ولا تخلو العبارات التي يكتبها "أديب الشباب " من بعض التجاوزات في أحيان كثيرة، دون سبب واضح، فقد فوجئ طلبة الجامعة الأمريكية ذات صباح وقد تضمن الحائط المواجه للجامعه سبابا لا يمكن نشره.. عندما كتب "أديب الشباب " "كل بنات الجامعة الأمريكية (...) و(...) ويجب ان يقرأوا كتبي". ثورة الغرافيت: واقتحم الغرافيت الثورة المصرية منذ بدايتها، ويقول محمد سعيد -وهو أحد المتظاهرين بالإسكندرية- إنه لا يخلو شارع أو ميدان بالإسكندرية من شعارات الثورة, مضيفا أن الكتابة على الجدران ليست تخريبا أو تعدّيا على ممتلكات الغير, لكنها تسجيل نادر لهذه المناسبة التاريخية الفريدة وشاهد على الثورة. وأكد سعيد أن الكتابة والرسم على الجدران أو الغرافيت ظاهرة لم يألفها المواطنون, وهي توثيق لمرحلة مهمة من عمر الحياة السياسية في مصر. أما فى الأسكندرية وفي نهاية عقد الثمانينيات انتشرت على حوائط وجدران المدينة الساحلية مجموعة من العبارات المكتوبة بخط جميل والممهورة بتوقيع غرافيتي مشاكس هو " جمال الدولى" . كانت أغلب هذه العبارات لها هذا الجانب السياسى الساخر ، بل واليائس أيضاً من الأوضاع التى وصلت إليها مصر قبل خلع الرئيس مبارك، عبارات من قبيل" متر الوطن بكام" و" مهرجان بواقى الوطن" ، و" جمال الدولى مرشحاً لرئاسة الجمهورية". !