رغم أن فن الخط العربي الرفيع ورسوم الجرافيتي، عالمان مختلفان تمامًا، إلا أن الفنان الفرنسي، التونسي الأصل، المُكني باسم "السيد" نجح في المزج بينهما بهدف تقريب وجهات النظر والترويج للتسامح.
واستخدم السيد، 31 عامًا، فن الجرافتي المختلط الذي يطلق عليه اسم "كاليغرافتي" في تزيين أطول مئذنة في تونس، التابعة لمسجد جارا، بجنوب شرق مدينة قابس.
وتُعتبر المئذنة أكبر جدارية، يوظف فيها الفنان الفرنسي فن الرسم على الجدران في البلاد، ويبلغ ارتفاعها 47 مترًا، وعرضها عشرة أمتار.
استلهم السيد مشروعه من واقع الخلافات الحالية بين الجهات الدينية ومجتمع الفن في تونس، ليقدم عملاً فنيًا للعامة، من وحي تخصصه ليجمع بين فن الرسم على الجدران "غرافيتي" وجماليات الخط العربي.
وتشهد تونس عودة قوية للجماعات الإسلامية المتشددة، منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، عام 2011.
وأطلقت الخلافات بين الجهتين في تونس جدالاً حول حدود حرية الفن في مهد ربيع الثورة العربية، والانتقال إلى الديمقراطية.
ويقول السيد: "إن هدف رسوماته جعل الفن مشهدًا مرئيًا يعكس التغيرات الثقافية والسياسية والدعوة للتسامح"، مضيفًا: "هدفي هو التقريب بين الناس، لهذا اخترت آية من القرآن.. أنا معجب بفن الغرافيتي؛ لأنه يتيح الفن للجميع، وأنا في الحقيقة أحب "دمقرطة" الفن."
وأوضح الفنان، الذي ولد وترعرع في فرنسا، ويقيم في مدينة مونتريال الكندية حاليًا: "إن الثورة أتاحت للجميع حق التمتع بالفن، الذي كان حكرًا من قبل على الطبقة البورجوازية"، مضيفًا: "الثورة دفعت الناس للإبداع لأنها كسرت حاجز الخوف وزادت مساحة الحرية"...وتابع: "إذا رسمت لوحة فنية كبيرة على جدار فهي للجميع."
وحول كنية "السيد" التي يحملها، قال الفنان التونسي إنه اختار اللقب كتوقيع لرسوماته بعد قراءته الرواية الفرنسية "لو سيد" Le Cid، وشرح: "معلمتي قالت إن أصل الكلمة عربي ومعناها السيد، أو الرجل، وكنت عندها أبلغ من العمر 16 عامًا، فقررت حينها أن أطلق على نفسي اسم السيد."