خرجت جريدة "التجديد" المقرّبة من حزب العدالة والتنمية الإسلامي عن صمت استمر أكثر من أسبوع لتعلن أن الأمور على ما يرام بخصوص تشكيل الحكومة المغربية الجديدة. وذلك في رد على ما سبق للصحافة المكتوبة والإلكترونية المغربية أن أعلنت عنه من وجود شرخ في التحالف الحزبي الحاكم الجديد في المغرب ما بين المكونين الأساسيين، حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل الذي يقود الحكومة لأول مرة في تاريخه، وحزب الاستقلال الذي يحمل الرقام اثنين في التحالف. فالإسلاميون خرجوا عن صمتهم وردوا أنهم سعوا لإرضاء الجميع خلال المشاورات بما فيهم "الاستقلال". ووفق ما نقلته "التجديد" عن عبدالإله بن كيران، رئيس الحكومة المكلف، فإنه لا يعلم تاريخ الإعلان عن الحكومة الجديدة، وأن الأمور تسير بشكل عادي في تشكيل الحكومة الجديدة. وأوضح المسؤول الحكومي المغربي أن حزب الاستقلال كانت له رغبة في أن يتحمل للمرة الثالثة على التوالي مسؤولية وزارة التجهيز والنقل، إلا أن الحسم لم يتم في الأمر بشكل نهائي لا بالسلب ولا الإيجاب وذلك منذ البداية، مضيفاً أنه خلال المشاورات تم التوصل إلى أنه جرى الاتفاق على مقايضة منصب رئاسة مجلس النواب الغرفة الأولى في البرلمان الذي آل لحزب الاستقلال بحقيبتين وزاريتين، وحصول العدالة والتنمية على حقيبة النقل والتجهيز جاء بغية الحصول على وزارة تنتمي إلى ما يسمى بالإنتاجي. وفي الوقت الذي يلتزم فيه حزب العدالة والتنمية الإسلامي الصمت، تختلط الأخبار الصحيحة بالإشاعات، وتتحدث الصحف المغربية كل يوم عن تركيبة للحكومة وعن أسماء وزراء يتغيرون كل يوم، بينما تحاول الصحافة الإلكترونية أن تستبق الأمور بنشر كل جديد يتم تداوله بخصوص موضوع تشكيل الحكومة الجديدة، فوفق التسريبات التي حصلت عليها "العربية"، فالحكومة تنصّب خلال الأيام القليلة المقبلة من قبل العاهل المغربي محمد السادس في حفل رسمي وفق التقاليد المعمول بها. وفي حديث ل"العربية"، نفى رضا بنخلدون، البرلماني والقيادي في حزب العدالة والتنمية، جميع الأخبار المتواترة في الصحف المغربية عن خروج حزب العدالة والتنمية الإسلامي للمعارضة، أو وجود أية مشاكل بين حجري الزاوية في التحالف الحزبي المشكل للحكومة، مشدداً على أن كل الأمور جار العمل عليها من أجل حلّ الإشكاليات البسيطة التي وصفها بالتقنية والتي تعترض الحكومة الجديدة، معلناً أنها سترى النور في الأيام القليلة المقبلة. وعندما سألت "العربية" نور الدين مضيان، القيادي في حزب الاستقلال رئيس كتلة الحزب في البرلمان، أجاب بالنفي القاطع حيال وجود خلافات كبيرة الحجم مع حزب العدالة والتنمية، واصفاً العلاقة بالجيدة، والخلافات البسيطة في الرؤية يتم العمل على تجاوزها بكل سهولة في إطار عام تشاوري بين الحزبين قبل الإعلان النهائي عن الحكومة الجديدة. وتجابه تطمينات كل من قيادة العدالة والتنمية الإسلامي والاستقلال المحافظ قراءات للمحللين بأن هنالك شيئاً ما قد لا يكون طبيعياً، خاصة مع قيام العاهل المغربي في سابقة من نوعها بإعفاء 11 وزيراً من حكومة تصريف الأعمال لرئيس الحكومة عباس الفاسي، بالإضافة إلى فتح اعتمادات مالية لصرف نصف مليون موظف في الإدارات الحكومية المغربية برسم شهر يناير 2012، ما يشير إلى إمكانية تأخر الإعلان عن حكومة الإسلاميين، وهو ما يجد تفنيداً متواصلاً له من قبل العدالة والتنمية الإسلامي. وعقب التنصيب الرسمي للحكومة الجديدة فإن رئيس الحكومة ملزم بأن يدلي بتصريح حكومي أمام أعضاء البرلمان بغرفتيه، مجلس النواب والمستشارين في جلسة واحدة، يقرأ خلالها مشروعه للعمل الحكومي خلال السنوات الخمس المقبلة، ويلي التقديم تصويت من أعضاء مجلس النواب الغرفة العليا في البرلمان على المشروع ليدخل حيز التنفيذ، ويتوجب على رئيس الحكومة الحصول على الأغلبية المطلقة من النواب لتحصل حكومته على التزكية النهائية بموجب الدستور المغربي الجديد. ويعلق المغاربة آمالاً واسعة على عبدالإله بن كيران رئيس الحكومة المقبلة، من أجل إخراج البلاد من الركود الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال خفض رواتب كبار الموظفين الذين يتقاضى بعضهم أكثر من 50 ألف دولار أمريكي، فيما يبلغ الحد الأدنى للأجور في المغرب 300 دولار شهرياً فقط، في مرحلة يتواصل فيها الاحتجاج السلمي في الشارع الذي لم يغير من سقف مطالبه بتحقيق إسقاط للفساد والاستبداد وبالتغيير في البلاد، ما يجعل - وفق المراقبين - الحكومة الجديدة التي يقودها الإسلاميون في مواجهة تحديات لن تكون سهلة، خاصة أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي رفع شعاراً انتخابياً يؤكد هزيمة الاستبداد والفساد، الأمر الذي سيجعل عبدالإله بن كيران وفريق عمله تحت مجهر الرأي العام المغربي الذي بقدر الآمال التي يتحدث عنها اليوم بقدر الغضب الذي قد يبدأ في التعبير عنه لاحقاً في السنوات الخمس المقبلة.