القبض والبسط هي لغة حوار أمير الكويت مع مطالب المعارضة ، وكما يروض الأمير صقوره التىى تطير بعيداً منتشية بالحرية ثم تعود إلى قبضته مختارة فعل مع المعارضة، وفيما يعد الربيع أجمل فصول العام إلا أنه أصبح كابوساً يهدد ما تبقى من الأنظمة العربية، وفيما يبدو أن رياح الربيع بدأت تهب على الكويت دولة الخليج الغنية بالنفط. ومثل الصقر الذى يتمرد على ذراع حامله نجح الشباب في تنظيم حملات منسقة ومظاهرات حاشدة اجبرت الحكومة علي تقديم استقالتها وسط دعوات مطالبة باجراء المزيد من الاصلاحات. حراك المعارضة أطاح برئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الاحمد الصباح وهو عضو بارز في أسرة آل الصباح، وهي الحكومة السابعة التي تولي تشكيلها خلال فترة 5 سنوات. وعلق النائب المعارض فيصل المسلم علي حسابه في تويتر على الإستقالة قائلاً:"تعد اولي ثمار الديمقراطية والحرية بعد المظاهرات التي نظمها الشباب ضد الفساد". شعرة معاوية: حرصت المعارضة على الحفاظ على شعرة معاوية مع البلاط الأميري، وسارعت بنفي الربط بين حملتها ضد الفساد وبين الربيع العربي الذي خلع 4 وزراء، مؤكدة انها لا تستهدف الامير او الاسرة الحاكمة التي تحكم البلاد. وهو ما أشاع حالة من الإرتياح وأعطى للأمير مبرراً قوياً لقبول إقالة رئيس الوزراء وحل مجلس الأمة . وتكرر حل الحكومة وحل البرلمان مرات كثيرة فى العقدين الأخيرين، وتأمل المعارضة تعديل نص في الدستور يحتم تولى أحد أبناء الأسرة الحاكمة منصب رئيس الوزراء، هذا النص الذى جعل الأمر لا يعدو كونه "نفخ في قربة مقطوعة" ، حيث تحل الحكومة ثم تعود برئاسة نفس الشخص حتى يموت أو يمرض مرضا مقعدا أو يتولى الإمارة. الحل هو الحل: وغالباً ما يتعرض مجلس الأمة للحل هو والحكومة كحل للخروج من أزمة الصراع بين النواب والحكومة، فالمجلس غالبا ما يحاسب الحكومة لكون معظم النواب فى المجلس من المعارضة ومن ثم لا يجد أمير الكويت حلا سوى أن يحل أحدهما أو يحلهما معا . ويري كثير من المراقبين أن الحل في تغيير الدستور الذى يحتم تولى أولاد الأسرة المالكة رئاسة الوزارة وأحيانا ولاة أو محافظين أو وزراء أو غير ذلك مما يجعل الشعب بعيدا عن أى صورة من صور الحكم حتى ولو كان تمثيلا نيابيا كما فى حالة الكويت. وهو ما دفع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لإصدار مرسوم بحل مجلس الأمة، في خطوة كانت منتظرة على ضوء الخلافات الداخلية التي أدت لاستقالة حكومة رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح، والتي امتدت آثارها لتشمل اتهام جهات إقليمية بالتدخل في الشؤون الداخلية. وجاء في نص المرسوم: "بعد الاطلاع على الدستور وعلى المادة 107 منه.. إزاء ما آلت إليه الأمور وأدت إلى تعثر مسيرة الانجاز وتهديد المصالح العليا للبلاد مما يستوجب العودة إلى الأمة لاختيار ممثليها لتجاوز العقبات القائمة وتحقيق المصلحة الوطنية." وأضاف: "وبناء على عرض رئيس مجلس الوزراء. وبعد موافقة مجلس الوزراء. يحل مجلس الأمة." يشار إلى أن الكويت تعيش منذ أشهر أزمة سياسية تفاقمت مع الكشف عن قضية ما بات يعرف ب"التحويلات المليونية" التي اتهمت فيها المعارضة جهات حكومية بتحويل أموال إلى نواب في البرلمان لكسب دعمهم. وقد دفعت الأزمة السياسية وما رافقها من اعتصامات في الشارع واقتحام للبرلمان، رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح إلى تقديم استقالته في 28 نوفمبر ، ليقبلها الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، ويعود لتكليف وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة، الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح، بتشكيل الحكومة الجديدة. دول الجوار: وتخلل النزاع الداخلي توجيه اتهامات سياسية إلى دول الجوار، ما دفع وزير شؤون الديوان الأميري الكويتي، الشيخ علي جراح الصباح، إلى دعوة وسائل الإعلام في بلاده للتوقف عن "الزج بأسماء بعض الدول الخليجية الشقيقة أو مسؤوليها" في القضايا الداخلية، وذلك على خلفية الأزمة السياسة الداخلية التي جرى فيها التجاذب حول المملكة العربية السعودية ودولة قطر. وكانت بعض الشخصيات الكويتية ووسائل الإعلام المحلية قد قامت في الفترة الماضية بتوجيه أصابع الاتهام إلى دول خليجية بالتدخل في الوضع الكويتي، وإن كانت هذه المزاعم قد ظلت دون دليل يذكر. وجرى في هذا السياق اتهام بعض القوى للملكة العربية السعودية بالوقوف خلف خطوة عناصر معارضة باقتحام البرلمان في 17 نوفمبر الماضي. وبعد ذلك، قامت إحدى الصحف الكويتية بنشر خبر يشير إلى تسلم شخص يدعى "مسلم" مبلغ 200 مليون ريال قطري من رئيس وزراء قطر، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، الأمر الذي أثار غضب النائب المعارض، مسلم البراك، الذي اعتبر أن القصد من الخبر هو الإساءة إليه، ووعد بتحرك على الصعيد القانوني. ذهب ناصر وجاء جابر: وقد حمل تعيين امير الكويت رئيسا جديدا للوزراء دلالات عديدة منها ان الشيخ جابر المبارك الصباح هو اول رئيس للوزراء من خارج فرعي سالم وجابر اللذين اعتاد الكويتيون ان يكون منهما رئيس الوزراء. وتفسر الدوائر الكويتية هذا الاختيار انه اتى كحل لصراع داخل العائلة الحاكمة بين اقطاب وجد حكماء العائلة انهم اساءوا لصورة العائلة واتحادها امام الشعب الكويتي. وبدا الصراع واضحا بين ناصر المحمد واحمد الفهد. وتشير المصادر الى ان اختيار الشيخ جابر اتى لانفتاحه وعلاقاته الطيبة مع العديد من اطراف المجتمع الكويتي، فهو يتمتع بصلات قوية مع القبائل لأن اخواله من قبيلة سبيع، وايضا لديه حضور على المستوى الشعبي لليبراليته وانفتاحه على جميع التيارات السياسية. وتعتقد المصادر ان امير الكويت بتعيينه الشيخ جابر اراد ان يتلافى جميع الاشكالات التي وقع فيها رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد والذي حمل عهده هزات كبيرة لعلاقة ال صباح بالشعب الكويتي واصبحت العائلة طرفا في نزاعات غريبة على المجتمع الكويتي.