أكدت تقارير غربية أن الموجة الثانية من الثورة التى أرادت قوى علمانية وليبرالية تدشينها بتصعيد الدكتور محمد البرادعي لقيادة حكومة انقاذ وطني باءت بالفشل، وقالت التقارير أنه على مدار اثني عشر يوما تجمع عشرات الآلاف من المصريين بميدان التحرير مطالبين المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين و حكومة إنقاذ وطني يجلس البرادعي على رأسها. واضاف تقرير نشرته فورين أفيرز :"أن استجابة قوات الأمن المصرية كانت بقتل 40 شخصا على الأقل و أكثر من ألف جريح "، وتابع:"و استدعى هذا المشهد العنيف الأيام الأولى للانتفاضة الشعبية في يناير و فبراير و التي أنهت حكم مبارك"، موضحا:"لكن الثورة الثانية بها مشكلة رئيسية و هي انه طالما المصريون يتجنبون ميدان التحرير فهي إلى حد ما يسهل تجاهلها". وقال أن الاعتصام بدأ 18 نوفمبر يوم ان قاد الإسلاميون مظاهرة ضخمة انتهت بانصرافهم مساء ذلك اليوم مخلفين ورائهم اسر الشهداء و مصابي الثورة الذين بقوا في الميدان. و عندما حاولت قوات الأمن فض الاعتصام بالقوة تحرك ألاف النشطاء من الشباب لتبدأ معركة للسيطرة على الميدان . وبسبب تصاعد العنف ضد المحتجين انهالت الآلاف على ميدان التحرير . و أدى الشغب الدامي الى قبول المجلس العسكري لاستقالة الحكومة ووعد بتسليم السلطة في يوليه 2012. غير أن الثورة الثانية فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي و هو حكومة إنقاذ وطني بصلاحيات مطلقة و بقيادة البرادعي. فشل الثورة الثانية : و بحسب فورين أفيرز فقد فشلت الثورة الثانية لأنه و منذ أن دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم 24 نوفمبر فإن الحياة تسير بشكل طبيعي في القاهرة فعلى بعد خطوات قليلة من مدخل الميدان المحلات مفتوحة و المشاة يتحركون وإذا عبرت ضفاف النيل للجهة للأخرى فمقاهي الزمالك تعمل حتى الثانية صباحا و الأسواق مليئة بالناس في إمبابة و كذلك المطاعم في المهندسين ,و في الأيام الأخيرة خرج حشود من القاهريين في طوابير طويلة للتصويت بعدد فاق التوقعات . الاحتجاج الأخير في الميدان لم يلفت أنظار الناس إليه , لقد أصبحوا و بشكل لافت في ظل المشهد و الذي يتضاءل بسرعة . لم يكن المشهد كذلك أثناء الثورة الأولى حيث مئات الآلاف من المتظاهرين يتدفقون إلى الشوارع , الشرطة كانت تستخدم كل أدواتها لتقمع المظاهرات لكن عبثا , انتشر البلطجية في الشوارع مع انسحاب قوات الأمن و ظهرت اللجان الشعبية و بدأت الأمور تخرج عن سيطرة نظام مبارك مع تزايد الأعداد بالميدان. من يتعظ: وأضاف التقرير أن المجلس العسكري لم يستفد مما حدث مع مبارك لكن الفرق الواضح بين ثورة يناير و الثورة الثانية تجعلنا نقول ان المجلس العسكري قد تعلم على الأقل درسا واحدا من سقوط الديكتاتور السابق وهو : إذا اردت أن تنهي تمردا فامنعه من تعطيل مصالح الناس العادية. و في هذا السياق فقد أوجدوا حدودا بين العمل الثوري في ميدان التحرير و حياة الناس العادية . و الخطوة الثانية الأكثر تعقيدا هي أن المجلس العسكري يجب أن يخاطب الرأي العام المصري الأوسع . يجب أن يقنع الناس أن راحتهم اليومية و استقرارهم أهم من الفوضى. وللمجلس العسكري ميزتان في كفاحه لكسب الرأي العام : الأولى وهو الدعم الواسع الذي يلقاه بصفته الجيش المصري الذي يحمي البلد و الذي خاض حروبا من اجل مصر كحرب أكتوبر 1973 وفي خطاب المشير طنطاوي استخدم هذا السلاح عندما قال:" نحن القوات المسلحة تعودنا على مجابهة الصعاب و تدربنا على التحمل و الصبر حتى نحقق أهدافنا بالتخطيط و العزيمة و قدمنا التضحيات من أجل مصر " هذا النوع من الخطاب يجد صداه في مصر. و الميزة الثانية هي التحكم في الإعلام الرسمي الذي يستخدم في لوم المحتجين على حالة عدم الاستقرار التي تعيشها مصر. فمثلا عنوان الأهرام الرئيسي لتغطية أحداث جمعة الفرصة الأخير كان " الفرصة الأخيرة : الاستقرار او الفوضى " و كانت العناوين الرئيسة ليوم السبت " خطر الانقسام " بعدما ظهر مؤيدو المجلس العسكري أو الذين أطلقوا على أنفسهم الأغلبية الصامتة في مقابل المحتجين. انقسام الشعب: وفي الواقع، وإن صعب قياس نجاح حملة المجلس العسكري ضد المحتجين فان عددا من المصريين عبروا عن استيائهم وإحباطهم من الاحتجاجات المتصاعدة معللين ذلك بأن هؤلاء المحتجون إما خائفون من الانتخابات و يريدون تعطيلها أو أنهم يسعون لمصالحهم الشخصية متناسين معاناة الناس. ومع كل هذا لا نستطيع القول ان الجيش سيستريح بسهولة. فبينما القوى السياسية المنظمة جيدا بما فيها الاخوان المسلمون و المجموعات السلفية بقيت بعيدة عن هذه الجولة من التظاهرات فمن الصعب أن نقول أنهم فعلوا ذلك لأنهم يؤيدون المجلس العسكري. دعوه يقود: علي العكس من ذلك فان هذه القوى الإسلامية ترى أن يقود المجلس العسكري الفترة الانتقالية حتى تتم الانتخابات و لكن عندما تأتي الانتخابات بتلك القوى فسيحاولون ترجمة سيطرتهم الشرعية الى سلطة تحكم بشكل سريع. لهذا السبب هذه القوى و على عكس القوى العلمانية الأخرى عارضت المجلس العسكري عندما أراد سن مبادئ فوق دستورية ملزمة و التي تجعل المجلس العسكري سلطة فوق سلطتهم . كما دعا كمال الهلباوي المتحدث باسم الإخوان المسلمون بتقليص دور المجلس العسكري بعد الانتخابات. هكذا إذا كان المجلس العسكري ينوي البقاء في السلطة فإنه بلا شك سيواجه القوى المنتخبة من البرلمان ذات الأغلبية و التي قد تدفع بجولة جديدة من المظاهرات إلى ما وراء محيط ميدان التحرير . وحتى الآن فإن المجلس العسكري يلعب بأوراقه جيدا . فلقد بدأت الانتخابات البرلمانية الاثنين و خلفت مشاعر ايجابية حتى داخل ميدان التحرير حيث انكمشت الأعداد. و لكن إذا أدت الانتخابات إلى العنف أو لم يفي المجلس العسكري بوعده بتسليم السلطة في يوليه فإن خطر اندلاع مظاهرات حاشدة للإسلاميين كبير بثورة ثالثة سيشعر بالتأكيد بها من في الزمالك و ما حولها.