مع كل عيد أو مناسبة سعيدة تهل بشائرها على الأسرة، يسارع كل الآباء لشراء ملابس جديدة لأبنائهم؛ ليدخلوا عليهم البهجة ولتغمرهم الفرحة، وليكون الأبناء في أبهى صورة، لكن قليل من الآباء من يجعل من تلك المناسبة موقفا تربويا يستفيدون منه في تنمية قدرات أبنائهم، وغرس العديد من المعاني الإيجابية والجوانب المضيئة في شخصياتهم. وظائف تربوية فاصطحاب الأبناء عند شراء الملابس الخاصة بهم، وترك الحرية لهم ليختاروا ما يرغبون، إذا لم تكن في ذلك مخالفة شرعية، وفي حدود ما تسمح به الإمكانات المادية، ولا يعود على صحتهم بالضرر، يمكن أن يحقق الأباء من خلاله - إن أحسنوا استثماره - العديد من الفوائد التربوية، ومنها: - اكتساب الثقة بالنفس: ترك الفرصة للطفل ليختار بنفسه ما يشاء من ملابس، يحمل بين طياته رسالة مفادها أننا نقدرك ونحترم اختيارك، وهذه الطريقة في التعامل مع الطفل تزيد من تقديره لذاته، فينشأ واثقا بنفسه. - القدرة على اتخاذ القرار: حين يُمنح الطفل حرية الاختيار لملابسه، دون أن يمارس الوالدان عليه أي لون من ألوان الضغوط أو الإكراه، فإن ذلك يطرح أمامه العديد من البدائل، ومطلوب منه أن يفاضل بينها، ويختار منها ما يناسبه ويحقق له النفع والسعادة، وفي هذا تطوير لقدراته على اتخاذ القرارات، ومن المهم أن يشجعه الوالدان على ذلك، حتى ولو خالف ذلك ما يرونه أفضل. - تحمل المسئولية: كذلك في اصطحاب الأبناء لشراء الملابس وترك الحرية لهم لاختيار ما يشاءون، فيه تدريب لهم على تحمل مسئولية اختياراتهم، فعندما يختار ملابس معينة، ثم يجد بعد ذلك أنها غير مناسبة أو أنها لا تلقى قبولا من أصدقائه أوغيرهم، فإنه سيتعلم تحمل مسئولية هذا الاختيار، ولن يلقي باللوم على غيره، مادام لم يجبره أحد على ذلك. - تقريب المسافات النفسية: فشراء الملابس الجديدة خبرة نفسية سارة ومحببة للأطفال، وحين يشارك الآباء أبناءهم في تفاصيل هذه الخبرة، فإن ذلك يقرب المسافات بينهم، ويعمق حب الأبناء لأبائهم. - الانتفاع الأمثل: فالطفل حين يختار ملابسه بنفسه، ووفقا لرغبته، فإن ذلك سيكون مدعاة لحرصه على ارتدائها بشكل منتظم، بينما إكراهه أو الضغط عليه لشراء ملابس معينة يفضلها الوالدان، يجعله رافضا لها، معرضا عن ارتدائها، وربما يتركها حبيسة خزانة الملابس، لا ترى النور إلا نادرا. - تنمية الأذواق: فترك الحرية للأبناء لاختيار ملابسهم، مع توجيه النصح لهم، يكوّن لديهم على المدى البعيد ذوقا عاليا وقدرة على اختيار الملابس المناسبة والألوان المتناسقة. - تعلم الحياة: خروج الطفل من بيته وذهابه مع والديه إلى الأسواق والمحال التجارية، يعلمه الكثير من أمور الحياة، فيتعلم كيف يتواصل مع الآخرين، ويتعلم المفاضلة بين الأشياء، ويستشعر قيمة المال في الحياة وأهمية الحفاظ عليه، ويتعود الاختيار في حدود الإمكانات المادية المتاحة، ويتعلم الاستغناء عن أشياء يفضلها لغلو ثمنها، ويتعلم خبرة البيع والشراء.. إلخ. - تدريب للوالدين: وفي هذا الموقف أيضا تدريب للوالدين على احترام اختيارات الأبناء، حتى ولو لم تكن متوافقة مع ما يرونه أفضل، فكثيرا ما يحدث عند شراء الملابس أن يقع اختيار الأبناء على ما لا يعجب الآباء، وعلى الآباء هنا أن يتقبلوا ذلك بصدر رحب، وأن يعتبروا ذلك تدريبا لهم على قبول اختيارات الأبناء المخالفة لاختياراتهم، مع تقديم النصح والإرشاد لهم، لكن في النهاية يترك الأمر للأبناء مادام الأمر في حدود التفضيلات الشخصية الآمنة.