كشفت ثورة يناير النقاب عن الفساد الذي غرقت فيه عائلة الرئيس المخلوع حسني مبارك حتى الركب، وأثيرت العديد من الأسئلة حول نفوذ لقب سيدة مصر الأولي، والدور الذي لعبته سوزان ثابت صالح المزدوجة الجنسية، والتى ولدت لأب مصري وأم بريطانية كانت تعمل ممرضة، ولازالت تحمل إلى الآن جواز سفر بريطاني، وهو الدور الذي لا يقوم على أسس دستورية أو قانونية، وانما منحها سلطات "شفهية" مكتسبة عبر الزوج المخلوع، فعاثت هي وأولادها في البلاد حتى اكثروا فيها الفساد. السيدة الأولى هو لقب يطلق على زوجة حاكم كل بلد أثناء فترة حكمة، وأطلق لأول مرة سنة 1849 عندما نادى الرئيس الأمريكي زكاري تايلور اسم السيدة الأولى على دولي ماديسون في جنازتها، لكن بعض البلدان مثل بريطانيا لا يستعمل فيها لقب السيدة الأولى. ولم تكن سيدة مصر الأخيرة أو "ماما سوزان" – كما كانت تحب أن تنادي- نشازاً أو حالة فردية من بين الذين حملوا هذا اللقب واتسم عهدهم بالفساد، بل ربما جرى استنساخ فسادها من زوجة رئيس الأرجنتين الأسبق خوان بيرون-إيفا- التي أدارت هي الأخري العديد من المشاريع الخيرية على غرار ما كانت تقوم به سوزان ، وكانت تحب التقاط الصور مع الأطفال..! وهو الأمر الذى شجع عراب الدعاية والإعلان في عصر المخلوع العقيد صفوت الشريف الشهير في دنيا المخابرات باسم "موافي" ، والمتهم في قضايا قتل وفساد مالي ودعارة، فقام بتسخير نصف برامج الإذاعة و التلفزيون لسيدة مصر الأخيرة أم الوريث القادم ، حتى اكتسبت "ماما سوزان" قلوب أطفال وفقراء مصر الذين رأوا كيف كانت "تشحت" عليهم في القارات السبع، ومن جهودها "المباركة" تدشين مستشفي سرطان الأطفال بأموال المصريين، ومكتبة الأسكندرية بأموال الأوروبيين، ومكتبات الطفل المتنقلة بأموال الدولة، ورفع سن الزواج وحظر الختان واستبعاد كل محجبة من تولي وظيفة مرموقة في عهدها. الحال الذى جعل المتحلقين من حولها تأخذهم "الدروشة" ويصفونها ب (الشريفة سوزان) ووصل الأمر أن قامت وزيرة القوى العاملة والهجرة بتقبيل كف مولاتها سيدة مصر الأخيرة علناً أمام الكاميرات، لينكشف المستور بعد خلع زوجها في يناير عام 2011 أنها كانت تختلس الملايين وتجلس على جبل من مليارات الدولارات من أموال تلك المشاريع الخيرية التي تشرف عليها، فضلا عن الأثار الفرعونية التى كانت تعشق بيعها بنفسها فور اكتشاف مقبرة جديدة، وسط حرص شديد من وزير الثقافة المخلوع فاروق حسني وذراعه اليمني زاهي حواس أن تكون "رجل" سوزان أول من تطأ عتبة المقبرة حتى تعُم البركة، وهذا ما جعلها تؤمن بمواهبها وتردد في نفسها المقولة الخالدة " إدي الشعب على قفاه قبل ما يفوق من عماه"..! نطبق عليها الحجر من جهتها رفضت المحللة والكاتبة الصحافية زينب مكي إلغاء لقب سيدة مصر الأولي بعد الثورة، ودعت إلى الحجر على زوجة الرئيس القادم حتى لا تعمل في "البيزنس" ومنعها من التربح بتقديم اقرار للذمة المالية مع المراقبة الدائمة لعمليات الانفاق التى تقوم بها. وقالت مكي ل"التغيير" : يبقي اللقب عادي ولكن ينحصر عملها في النشاط الاجتماعي فقط"، واضافت:" يجب ان يحجر عليها في كافة الانشطة الأخري المالية والتجارية على وجه الخصوص". واوضحت:" لو ألغينا اللقب سنواجه عاصفة من النقد في الداخل والخارج وستتهم الثورة بانتهاك دور المرأة والعودة بها للخلف"، وتابعت:" أقترح أن تكون الرقابة عليها من جهة مجلس الشعب عن طريق لجنة تعين لذلك كما هو الحال في الكونجرس الأمريكي". وأضافت:" لقد تم التحقيق مع زوجة اوباما على خلفية تقديمها هدية لزوجة الرئيس الفرنسي كارلا ساركوزي حينما كانت تزورها في البيت الأبيض"، واضافت:" كان سؤال المحققين الرئيسي هو هل الهدية من مالها الخاص أم من خزينة أمريكا". وشددت:" نحن في غني ان نتهم بعد الغاء هذا اللقب بالإساءة للمرأة التى لعبت دورا مهما في ثورة يناير وقدمت إبنها وزوجها واخيها وابيها شهداء". ودعت مكي الى تقاسم زوجة الرئيس القادم اللقب مع سيدات مصر الأخريات ، بحيث تحصل عليه كل عام إمرأة مصرية تكون لعبت دورا مهما في مجالها، لكنها قالت:" ولا اظن أن أي زوجة رئيس قادم ستتنازل عن اللقب لأي إمرأة ". السيد الأول ..! من جهتها طالبت الدكتورة المصرية نوال السعداوي بإلغاء لقب السيدة الأولى من القاموس الإعلامي والسياسي، مؤكدة أنه لابد من وضع قانون أو نص دستورى صريح يجرم اشتغال زوجة الرئيس وأبناءه بالسياسة. وقالت السعداوى: "لا بد أن لا تتدخل الزوجة في وظيفة زوجها ولاتتخذ من زوجها وسيلة للعمل والشهرة، والمكسب المادى"، موضحة أن لقب السيدة الأولى زائف ولا يعكس الحقيقة، متسائلة "ماذا سيكون لقب الزوج في حالة فوز زوجته بمنصب رئاسة الجمهورية، هل سيطلقون عليه "السيد الأول". وكانت زوجة المخلوع، قد حملت لقب سيدة مصر الأولى مدة 30 عاماً، أدارت خلالها العديد من المشاريع التى كان ظاهرها خيري وباطنها جمع الأموال، وتتضمن المركز القومي للطفولة والأمومة واللجنة القومية للمرأة وجمعية الرعاية المتكاملة وجمعية الهلال الأحمر وغيرها، في ظل أنباء تتحدث عن إستفادة "ماما سوزان" من أموال تلك الجمعيات من خلال صبّ الإعانات في أرصدة وحسابات شخصية ببنوك خارج مصر. لقب أمريكي من جهته أكد المحلل والكاتب السياسي محمد القدوسي أن لقب السيدة الأولي أمريكي حصرياً، موضحاً ل"التغيير" أن "دول اخرى قلدته من باب التبعية للولايات المتحدة". وقال القدوسي:" تأكيداً على تكريس التبعية في هذا اللقب وليس التكريم هو أن السيدة الأولي تظل معززة مكرمة طالما هي زوجة الرئيس وزوجها في السلطة"، مضيفا:" أما إذا تغير الحال أصبحت عرضة لسهام النقد والسخرية وهو ما رأيناه يحدث مع جاكلين كندي زوجة الرئيس الأمريكي جون كنيدي بعد وفاة زوجها". وأضاف:" حينما أراد السادات الانسلاخ من إيهاب الإشتراكية أوعز إلى الإعلام أن يطلق على زوجته سيدة مصر الأولي ..إعلانا بتطبيق النموذج الأمريكي". ومقارنة بموقف الرئيس الراحل عبد الناصر حيال عدم منح زوجته السيدة تحية اللقب، قال القدوسي:" عبد الناصر كان رجلاً شريفاً رغم قصوره السياسي"، موضحاً:" لم يكن عميل أو متواطئ أو حرامي وعاش ومات شريفا ومديوناً". واوضح أن السيدة جيهان السادات:" أقدر لها لبقاتها الشديدة وقدرتها الباذخة على صياغة الحديث على نحو مهذب ومقنع"، واوضح انه:" بالرغم من ذلك لم اقتنع ان لقب سيدة مصر الأولي هو لقب لم تسعى اليه معللة ذلك بأن الإعلام هو الذى اطلق اللقب وهذا لا ينفي أن زوجها أراد لها اللقب"، متابعاً:" الذى حدث أن الإعلام كلف من السادات باطلاق اللقب على جيهان فأدى ما كلف به". "وعندما جاء حسني مبارك فإنه لم يكن سوى امتداد قمئ لنظام السادات"، وأضاف:" كان نظام السادات خليطاً من الرئاسة و التبعية..وقد اجتهد حسني مبارك ان يخلص هذا النظام من اي أثر للرئاسة بحيث لم تبقى إلا التبعية". وأضاف:" أذكر نكتة تناقلها الناس في اليوم نفسه الذى قتل فيه السادات تقول أن سوزان مبارك أرسلت خادمتها الى جيهان السادات لتقول لها ستي بتسلم عليكي وبتقولك هاتي مفاتيح الوفاء والأمل"، موضحاً:" هي نكتة دالة على وعي الشعب المصري العظيم الذى ادرك أن سوزان مبارك سترث لقب السيدة الأولي وانها ستنسب كل ما كان ينسب الى جيهان السادات الى نفسها ومنه مشروع الوفاء والأمل". وكشف القدوسي ان مشروع الوفاء والأمل قامت ببنائه السيدة المصرية المتميزة "أم كلثوم" وأنفقت عليه من مالها الخاص، ثم سرق بكامله ونسب الى جيهان السادات قبل أن ترثه سوزان مبارك. الشعب لم يختارها من جهتها تري السيدة الفت صلاح السهلي زوجة المرشح المحتمل للرئاسة المصرية المستشار هشام البسطويسي أن زوجة أي رئيس عليها أن تدعم زوجها دون ظهور أو شهرة وحكمتها في ذلك أن الشعب لم يشارك في اختيار زوجة الرئيس فلماذا تفرض نفسها عليه. أما إذا كان لديها عمل أو أنشطة خاصة قبل تولي زوجها للمنصب فمن حقها الاستمرار فيها بشرط أن تتواري تماما عن الأضواء والأعلام لان الأعلام والشهرة والأضواء كثيرا ما تغير شخصية الإنسان . أما السيدة سهام نجم زوجة المرشح المحتمل للرئاسة المصرية حمدين صباحي ، فقد طالبت بإلغاء لقب السيدة الأولي بالنسبة لحرم رئيس الجمهورية وأن يمنح هذا اللقب لكل امرأة قامت بدور متميز في المجال العام . كما طالبت بعدم تتدخل حرم الرئيس في السياسة بل تعمل علي مساندة قضايا المهمشين والقضايا الاجتماعية الملحة ، أما إذا كان لها دور أو وظيفة قبل تولي زوجها الحكم فيجب أن تظل تمارسها وتستكملها بصورة واضحة أمام الرأي العام بالإضافة إلي ما يضاف لها من مهام بروتوكولية كقرينة للرئيس. وأن ما حدث للمخلوع وزوجته سوزان وأفراد أسرته سيضمن التزام إي رئيس قادم بالقانون والدستور وأن الشعب يجب أن يكون رقيبا وإلا يجعل من الرئيس فرعونا جديداً. أما السيدة عايدة الكاشف زوجه المرشح المحتمل للرئاسة المصرية الدكتور محمد البرادعي ، فلا تري مشكلة في أن تكون زوجة الرئيس سيدة مصر الأولي، وهي تلعب دورا كبيرا في حياة زوجها، دور الصديقة، والمستشارة، والزوجة، وأم الأولاد، بالإضافة إلى كونها شريكته في جميع محطات حياته المتعددة والصعبة حتى وصوله إلى القصر الرئاسي. ولم يكن متيسراً الوصول لزوجات المرشحين الإسلاميين ( د.حازم صلاح أبو إسماعيل و الدكتور محمد سليم العوا) المحتملين لمنصب الرئاسة، وذلك لمعرفة آرائهن في الإبقاء او إلغاء لقب سيدة مصر الأولي.