عانت الدول العربية قبل الثورات من زوجات الرؤساء ، كان نفوذ ليلي الطرابلسي وعائلتها في تونس ربما أكثر من نفوذ الرئيس المخلوع بن علي نفسه ، وكذلك سوزان ثابت في مصر وعائشة بنت القذافي في ليبيا ، ولذلك يري البعض أن تغيب سيرة زوجة الرئيس القادم تماما وتختفي عائلته من الواجهه السياسية والإعلامية فنحن عندما نختار رئيسا لا نختار عائلته أيضا، والبلد ليست عزبة يملكها الرئيس و أسرته وليست مملكة لابد أن تجلس الملكة فيها إلي جانب الملك ومن حولهم الأمراء . عدم إعطاء زوجة الرئيس و أبناؤه أية امتيازات سياسية أمر أساسي لبناء حكم نزيه ، فلا صفة دستورية لهم ، بل يجب أن يتم حصر ممتلكاتهم قبل وبعد تولي الرئيس ويجب أن يتحفظوا في إبداء الرأي في الشئون العامة وأن يمارسوا حياتهم كأي مواطن عادي ، ولكن يجب أيضا أن يعرفهم الشعب ويعرف أية أسرة كونها الرئيس . هل استطاع أن ينجح في تكوين أسرة متماسكة مترابطة ناجحة صالحة ؟ هذا سؤال جوهري وليس عابرا أو استثنائيا ، لأن الحياة الخاصة مؤشر للحياة العامة ، ومن يفشل في إدارة بيته لن ينجح في إدارة دولة وشعبا ، ولأن التعامل مع البشر له خصائص تتكرر في العام والخاص . من كان يمتلك صفات الرحمة مع الحزم والقدرة علي العطاء والفهم وتوظيف إمكانيات البشر كأفضل ما يكون عن طريق وضع نظام ثابت يؤدي الناس من خلاله واجباتهم ويحصلون علي حقوقهم كاملة ، فإنه سينجح أولا في حياته الخاصة ويبني بيتا و أسرة نموذجية ومن يفشل في ذلك فإن ثقتنا فيه سوف تهتز . هناك من الساسة من يتمني إخفاء أسرته وتفاصيل حياته الخاصة عن الناس لأنها لا تشرفه وسوف تكشف جوانب من الضعف والخلل في شخصيته ولكن هذا ليس من حقه طالما أنه تصدر للعمل العام ولتولي منصب شديد الأهمية والحساسية مثل منصب الرئيس ، ولا يصح أن يدعي أحدا أن الرئيس القادم يغار علي أهل بيته ولا يحب أن يعلم أحدا عنهم شيئا ، فنحن نعلم كل تفاصيل بيت النبوة وكل شئ عن الحياة الخاصة لأمهات المؤمنين ، ونعلم الكثير عن طبيعة علاقة الخلفاء الراشدين بنسائهم وأولادهم ونعلم مثلا كيف تغيرت حياة ( فاطمة بنت عبد الملك بن مروان ) بعد تولي زوجها ( عمر بن عبد العزيز ) الخلافة وكيف خيرها بينه وبين جواهرها التي أهداها لها أبيها الخليفة عند زواجها ونعلم أنها اختارت طاعة زوجها وأعادت كل حليها ومجوهراتها لبيت مال المسلمين وكيف ارتضت أن تحيا حياة التقشف بعد العز و القصور نزولا علي رغبة زوجها الخليفة العادل الذي أصلح حال الأمة وملأها عدلا وخيرا ونورا . نريد أن نعرف وهذا حقنا من هي زوجة المرشح المحتمل للرئاسة ومن هم أولاده وما طبيعة تلك الأسرة التي بناها هذا الرجل وكيف تدار ؟ وماهي بصماته عليها ؟ ليس شرطا أن يكون أبناؤه نوابغ أو أن تكون زوجته امرأة فوق العادة فهم في حد ذاتهم لا يعنونا كثيرا والمهم كيف تواصل هو معهم ؟ وكيف عاملهم ؟ هل كان متجبرا قاسيا أم حانيا رحيما؟ هل استطاع أن يعطيهم من نفسه وروحه ؟ هل نجح في إرساء أسسا وقواعد ثابتة لأسرة ناجحة . زوجة الرئيس ليست شخصا سريا محجوبا لأنها أساس أسرته ، و أسرة الرئيس هي أفضل مؤشر للثقة به ، فعلاقته بهم ليست عابرة بل حميمة وممتدة لسنوات طويلة وبالتالي فأمامنا ( عينة) يؤدي تحليلها لفهم وتقييم حقيقة هذا الرجل ، وإذا كانت الأسرة هي الخلية الأولي في المجتمع فمن ينجح في بناء تلك الخلية سوف ينجح في بناء المجتمع . [email protected]