على عكس نسبة ضئيلة أبدت مخاوفها من تهاوي البلاد بعد سقوط مبارك، يبدو أن مصر على موعد مع السعادة كالتي يشعر بها طفل يخطو خطواته الأولي نحو الحياة، وبعد أن كان "طباخ" القرار يحرم نحو 6 ملايين من أبناء مصر في الخارج من التصويت في الإنتخابات، ويعتبره منحة على من في الداخل حتى ولو كانت مزورة، بات الطير المهاجر قادراً الان على التصويت ، بعد قرار القضاء الإداري التاريخي بإلزام الحكومة بإنشاء مقار إنتخابية فى السفارات المصرية بدول العالم، إنها أنفاس الحرية التى بات من حق المصريين استنشاقها مثل باقي خلق الله بعد خنق دام سنوات عجاف. وفي أول تعقيب رسمي علي حكم محكمة القضاء الإداري بتمكين المصريين في الخارج من التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة أكد المستشار عمرو رشدي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن الوزارة ليست جهة اتخاذ القرار في هذا الشأن، وما سيتقرر بصفة نهائية في هذا الشأن ستنفذه الخارجية عن طريق السفارات والقنصليات المصرية". سعداء بالقرار من جهته، أبدي رئيس إتحاد المصريين في أوروبا الدكتور عصام عبد الصمد سعادته بالحكم القضائي الذي صدر أمس من مجلس الدولة بشأن الزام الحكومة بتمكين المصريين من التصويت في الخارج، مشيرا إلي أن المصريين في الخارج هم كتلة تصويتية كبيرة تصل الي 5 مليون صوت سيكون هم رمانة الميزان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مبينا ان الحكم تاريخي وجاء بعد كفاح 10 سنوات من أجل الحصول علي ذلك الحكم القضائي الذي يعيد لهم حقهم الاساسي في مباشرة الحياة السياسية مثلهم مثل باقي المصريين . وأوضح أنه وعدد من المصريين أقاموا دعاوى قضائية ضد رئيس اللجنة العليا للانتخابات ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الوزراء ووزير الداخلية بصفتهم، مطالبين بإنشاء مقار انتخابية فى السفارات المصرية بالخارج، لتمكين المصريين المقيمين بالخارج من ممارسة حقهم فى الانتخاب والتصويت. وأكد :"ضغطنا من اجل الحصول علي حقنا الدستوري في الخارج للمشاركة في الانتخابات المصرية فنحن مصريون نعمل في الخارج وهذا ليس عيبا أو نقيصة..وكل الدولة المتحضرة لا تعطل حق أبنائها في المشاركة في انتخاباتها..ولم نمل من المطالبة به قبل الثورة ". وأضاف: كل الدول تحرص علي مشاركة أبنائها في الخارج مثلا دولة مثل بولندا وهي دولة مصدرة للعمالة مثل مصر ولكن عمالتها من الحرفيين ترسل وقت انتخاباتها 40 دائرة انتخابية للعاملين في انجلترا..وكذا السودان". منظومة الهجرة العالمية حوالي 200 مليون مواطن يهاجرون خارج بلادهم هؤلاء يدخلون لبلادهم حوالي 200مليار في السنة.. نصيب المصريون منها حوالي 10مليارات بمعني ان المصريين يدخلون 10 مليارات سنويا لبلادهم وهي من أعلي نسب الدخل في الموازنة المصرية..ولذلك لهم الحق في كل شيء"، وتابع:"الدول تتعامل مع مهاجريها بشكل أكثر احتراما لهم". نرفض التزوير وحول عدم حصولهم على حق التصويت في ظل النظام المخلوع قال د.عبد الصمد :"علي ما اعتقد كان يؤمن النظام السابق انه لن يستطيع التحكم في صناديق التصويت بالخارج بالتزوير خاصة ان عددنا مؤثر في الانتخابات ومعظمهم من الصفوة". وأوضح:"جلسنا في مباحثات مع كل المسئولين بما فيهم جمال مبارك وطمأننا بان لنا الحق في الانتخاب كمصريين ولم يفعل كالعادة شيئا..". وتابع:"المصريون بالخارج حوالي 8ملايين تقريبا ما بين هجرة دائمة وغير دائمة..معظم الهجرة الدائمة تعيش في أرووبا وأمريكا والهجرة غير الدائمة عادة في دول الخليج والدول العربية وبعض دول المتوسط". وأوضح:"كان الخوف دائما أنهم لن يستطيعوا التحكم في الانتخابات والتزوير لصالح النظام السابق"، مشدداً :"لن نمل من الضغط للمطالبة بكل حقوقنا الدستورية متمثلة في التصويت والترشح لكافة الوظائف القيادية والسيادية في الدولة، أسوة بأبناء مصر في الداخل". ولائنا لمصر وحول ولاء المصريين في الخارج قال د.عبد الصمد:" الغريب أن البعض يري ان الحصول علي الجنسية الثانية قلة ولاء وأنا أعتبر هذا الكلام قلة أدب.. المصريون في الخارج ولاءاتهم لمصر تبدو اكبر وأعظم في الخارج". واضاف:"اسمح لي من سرق أموال المصريين أليسوا مصريين في الداخل..قل لي من سرق مصر من المصريين العاملين في الخارج..الولاء غير مرتبط بالحياة والعمل داخل مصر أو حتي بالعيش في خارجها الولاء غير مرتبط بالتواجد البدني في الوطن". وانتقد د.عبد الصمد الاستهانة من قبل النظام السابق بالمصريين في الخارج بالقول:" النظام كان متجمدا لايدري ماذا يفعل..وأتعجب كيف لا يستفيدون من الجالية المصرية بالخارج..وألم يكن يعلم النظام السابق ان المغتربين هم ثاني أكبر دخل لمصر، بل هم اصحاب الدخل الأهم علي الإطلاق، لأنه دخل بلا أي مجهود من جانب الدولة، فعائدات المصريين تأتي إلي مصر بلا ترويج كما في السياحة، ولا مصاريف إنتاج كما في البترول، ولا مصاريف إصلاح وصيانة كما في قناة السويس". وشدد على ان :" مصر تمتلك ثروة بشرية في جميع أصقاع العالم، وبهم تستطيع مصر أن تجد حلولاً غير نمطية لجميع مشاكلها سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية. ونحن نملك ملفات كاملة جمعناها في اتحاد المصريين بأوروبا علي مدار أعوام طويلة. ونحن ننتظر استقرار الحكومة المصرية بعد الانتخابات لنهديها لمصر للمساهمة في حل المشاكل بطرق مبتكرة ومجربة في دول المهجر، وبذلك نستطيع أن نختصر دورة الزمن لنلحق بركب التقدم الذي تخلفنا عنه عن سبق إصرار وترصد من النظام السابق". وكانت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى، برئاسة المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة ، قضت بإلزام الحكومة بإنشاء مقار انتخابية فى السفارات المصرية حول العالم، عقب الدعوى التى أقامها عدد من المصريين في الخارج وعلى رأسهم عصام عبد الصمد رئيس اتحاد المصريين المقيمين فى أوربا، ضد رئيس اللجنة العليا للانتخابات ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الوزراء ووزير الداخلية بصفتهم، مطالبين بإنشاء مقار انتخابية فى السفارات المصرية بالخارج، لتمكين المصريين المقيمين بالخارج من ممارسة حقهم فى الانتخاب والتصويت. القنصلية هى الحل من جانبه أكد مقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين محمد الدماطي ل"التغيير" أن قرار تمكين المصريين من التصويت في الخارج تحصيل حاصل طبقا للقانون وللإعلان الدستوري الحالي، وحول استعداد الخارجية لتطبيق القرار قال الدماطي:" هذه هي المشكلة والأصل فى الإنتخابات ان تخضع للإشراف القضائي الكامل ومن المستحيل وغير المتصور ارسال قضاة للإشراف في الخارج". وأضاف:" مطلوب من المجلس العسكري اصدار مرسوم بقانون يقضى بالسماح للقنصليات في الخارج ان تقوم مقام الاشراف القضائي وتراقب عملية التصويت". وتابع:" من غير اشراف القنصليات سيطعن على التصويت بالبطلان وعليه فيجب الاستثناء من من الأصل وهو الاشراف القضائي الى اشراف العاملين في القنصليات". وحول النفقات التى يجب توفيرها لعملية التصويت بالخارج قال:" القضاة المشرفين في الداخل يتقاضون مكافآت علاوة على رواتبهم الأساسية، ومن باب اولي توفير هذه المكافآت وانفاقها على العملية التى تجري في الخارج". واضاف:" من الممكن تخفيض مكافآت القضاة لصالح العملية في الخارج، القاضي الذى ياخذ عشرة آلاف مكافأة يأخذ خمسة فقط"، وتابع:" العملية الانتخابية يرصد لها اموال ونفقات فمن باب اولي رصد مثل ذلك لها في الخارج ، علاوة على ان الموظفين في القنصليات يتقاضون رواتب وهذه من مهام عملهم". وحول ازمة توفير بطاقات الرقم القومي للمصريين في الخارج لتمكينهم من التصويت قال الدماطي:" الداخلية تعهدت على لسان الوزير منصور العيسوي باستخراج بطاقات الرقم القومي للمصريين في الخارج قبل بدء الانتخابات وهي ليست معضلة بأي حال". واكد الدماطي انه يجب استثناء المصريين في الخارج من تعقيدات النظام الانتخابي وجعلها بالقوائم فقط، وقال:" المصريين في الخارج على درجة كبيرة من الوعي ولا يمكن التأثير عليهم واستقطابهم"، واضاف:" اختيارهم سيكون صحيحاً 100% لأنهم لا ينحازون لقبيلة ولا عصبية ولا دينية". وانتقد تشكيك البعض في تجربة التصويت في الخارج بالقول:" هي تجربة تحدث لأول مرة وقد يكون فيها أخطاء، والخطأ يصوب بعد ذلك ولا يمكن تبرير فشلها قبل أن تبدأ"، موضحا ان دول عربية كثيرة تمكن أبنائها في الخارج من التصويت مثل الجزائر. ورفض الدماطي الاحتجاج بالتعقيدات الإدارية والتكلفة المالية وقال:" هذا عذر أقبح من ذنب ويجب تنفيذ الحكم القضائي "، وتابع:" القنصليات في الخارج لديها كشوف للمصرين في جميع دول العالم ولو كان الأمر غير ذلك فنحن لسنا دولة". غير مستعدين للتواصل من جهته قال وكيل مؤسسي حزب التوحيد العربي المهندس عمر عزام ل"التغيير" :" أعتقد انه يجب ان تحترم احكام القضاء والا اصبحنا في غابة وعدنا الى الوراء ثانية". واضاف:" العاملين في الخارج هم جزء من النسيج الاجتماعي ولهم الحق مثل غيرهم وعلى الجهات السياسية ان تنهي تعقيدات هذا الأمر قبل ان يتفاقم ويصبح التصويت في الخارج أداة طعن في نتائج الانتخابات المقبلة". وحول تأثير أصوات الخارج على النتائج قال عزام :" المسألة مسألة حق وليس مؤثرين او غير مؤثرين"، واضاف:" وضع المصريين في الخارج كان خطأ يجب ان يصحح منذ وقت بعيد". وشدد :" المصريين في الخارج هم رافد مهم لتمويل الاقتصاد المصري ونهضة البلد ولهم حقوق مهدرة ومصر الآن يجب ان تفكر في ابنائها في الخارج وتحافظ عليهم وتقيم الصلات معهم". ونفي عزام أن تكون الأحزاب الجديدة مستعدة للتواصل مع المصريين في الخارج والترتيب معهم قائلاً:" من واجبنا ان نقيم صلات مع المصريين في الخارج ولكن الجميع الآن مشغولون بالداخل". وأكد أن :"كثير من الأحزاب الجديدة تحت التأسيس ولم تستكمل بعد عدد التوكيلات المطلوبة ليتم اشهارها وفقا للقانون الحالي، كما ان من تمكن من الإشهار في سباق على الانضمام للقوائم الحزبية لأن الوقت ضيق ولن يسع التواصل في هذه المرحلة مع المصريين في الخارج بصورة كبيرة". أصوات المهجر من جهته أكد الكاتب والناشط السياسي محمد سيف الدولة ل"للتغير" على حق كل مواطن مصري في الداخل والخارج التصويت في الانتخابات طبقا للمواثيق الدولية والقانون المصري والدستور، وشدد على أنه لا يوجد نص يمنع هذا الحكم القضائي الصحيح والايجابي. وحول استخدام التصويت في الخارج للتدخل الأجنبي قال سيف الدولة :" التخوف الرئيسي عند عدد من الناس هو تركيبة الجاليات في الخارج"، موضحا أن:" العاملين المصريين في الدول العربية منا وعلينا ولا يوجد لديهم اي انفصال وطني او حضاري بعكس غيرهم". وتابع:" فيما يخص المصريين في الدول الأوروبية وأمريكا نعلم ان هناك بعض الحركات السياسية التى دأبت على الهجوم على مصر من منطلق طائفي ". وأوضح:" لدينا في الخارج منظمات وجماعات مرتبطة بمخابرات خارجية واجندات صهيونية"، وتابع:" انهم حصان طروادة الذى من المحتمل أن يمرر التدخل الخارجي في الشؤن المصرية". وقال:" ليس بمقدورنا للأسف التعرف على توجهات منظمات وجماعات في الخارج الا بعد العملية الانتخابية ذاتها". وفي بحثه عن حل قال سيف الدولة:" اتخاذ موقف قانوني تجاه تحالفات ومنظمات في الخارج معروفة بولائها الصهيوني الواضح"، مضيفاً:" يوجد لدينا اجيال نشات في الخارج وناس هاجرت منذ عشرات السنيين ويجب ان نعرف ولائها". واوضح ان هذه المقترحات تبقي في اطارها السياسي غير القانوني وقال:" وزارة الخارجية الأمريكية ارادت عقد مناظرات في واشنطن بين مرشحي الرئاسة المصريين والحقيقة أنها كانت بصدد عمل كشف هيئة للمرشحين". واضاف:" لدينا شخص مثل موريس صادق الذى سقطت عنه الجنسية وهو يدعي انه مسيحي ويطالب بتطهير مصر من الغزاة العرب المسلمين وان تعود للأمة القبطية كما عادت فلسطين لليهود"، واوضح:" لديه منظمة تعمل في امريكا يدعمها شريحة كبيرة في الخارج والداخل وتلك هي المشكلة".