نشرة توظيف وزارة العمل الأخيرة: 7574 فرصة عمل في 13 محافظة بالتعاون مع القطاع الخاص    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال    حصاد 2025 جامعة العاصمة.. 7 آلاف طالب وافد و60 منحة دراسية جديدة    المهندس أحمد العصار يكتب: رؤية حول اختيار الوزراء    قيادات أوقاف الإسماعيلية تشرف على اختبارات حفظ المتون    سعر الريال القطرى اليوم الإثنين 22 ديسمبر 2025 فى بداية التعاملات    سعر الدولار فى البنوك اليوم الاثنين 22 ديسمبر 2025    اسعار الذهب اليوم الاثنين 22 ديسمبر 2025    منال عوض: معالجة المخلفات المتولدة عن محافظة الشرقية بحد أدنى 3 آلاف طن يوميا    بالفيديو.. مساعد وزير البيئة: المحميات الطبيعية في مصر تتحول إلى وجهات سياحية مستدامة    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    التضامن الاجتماعي تشارك في احتفال الأزهر الشريف بالأشخاص ذوي الإعاقة    الحكومة النيجيرية تعلن تحرير 130 تلميذا مختطفا    وول ستريت: أسعار القهوة فى أمريكا مرشحة للبقاء مرتفعة رغم تراجع الرسوم الجمركية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم بناية سكنية يقطنها 100 شخص جنوب القدس    تحرك شاحنات القافلة ال99 من المساعدات الإنسانية تمهيدا لدخولها من مصر إلى غزة    ليلة الحسم تنطلق الآن.. بث مباشر مواجهة مصر وزيمبابوي في افتتاح مشوار الفراعنة بأمم إفريقيا 2025    الشناوي: هدفنا التتويج بأمم أفريقيا وإسعاد 120 مليون مصري    محمود ناجي حكما لمباراة سيراميكا وأبو قير للأسمدة في كأس مصر    مواجهات نارية اليوم.. مصر تصطدم بزيمبابوي في أمم إفريقيا ونابولي يواجه بولونيا في السوبر الإيطالي    تشديدات أمنية ودعم جماهيري وطقس جيد.. سفير مصر يطمئن على بعثة الفراعنة بالمغرب    مصر تكثف تحركاتها مع ليبيا لكشف مصير المفقودين وتؤكد استمرار الجهود دون انقطاع    جريمة 7 الصبح.. قاتل صديقه بالإسكندرية: نفذت صباحا حتى لا يشعر أحد بالواقعة    مصر تواصل جهودها المكثفة لاستجلاء موقف المواطنين المصريين المفقودين في ليبيا    اليوم.. نظر محاكمة هدير عبد الرازق وأوتاكا بتهمة نشر فيديوهات خادشة    في ذكرى رحيل سناء جميل.. مسيرة فنية خالدة من المسرح إلى ذاكرة الفن المصري    الثقافة والتنمية الحضرية يوقعان بروتوكول لتنظيم فعاليات ثقافية بحديقة الفسطاط    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    نائب وزير الصحة: الرعاية الصحية الأولية تمثل حجر الأساس فى النظام الصحى المصرى    تفاصيل المشروعات المزمع افتتاحها بالتزامن مع احتفالات العيد القومي لبورسعيد    نائب وزير الصحة يترأس الاجتماع الأول للجنة تطوير منظومة طب الأسنان    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    ألمانيا تعلن تسجيل أكثر من 1000 حالة تحليق مشبوهة للمسيرات فى 2025 .. وتصاعد المخاوف الأمنية    شديد البرودة.. «الأرصاد» تكشف تفاصيل طقس اليوم    اليوم.. الحكم على 16 متهما بقضية الهيكل الإداري بالهرم    كأس الأمم الإفريقية| اليوم.. جنوب إفريقيا تفتتح مشوارها أمام أنجولا ضمن مجموعة مصر    اليوم .. الإدارية العليا تفصل فى 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    أهالي المنوفية يشيعون 4 جثامين من ضحايا الطريق الصحراوي    عزاء الفنانة سمية الألفي بمسجد عمر مكرم اليوم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد اليوم 22 ديسمبر 2025    «نفسي أكون أب».. أحمد العوضي يفجر مفاجأة حول حالته العاطفية    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    بحضور أبطاله.. انطلاق العرض الخاص لفيلم «خريطة رأس السنة» في أجواء احتفالية    بعد ظهوره على كرسي متحرك.. تطورات الحالة الصحية للفنان إدوارد    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد اليوم    في يومه الثاني.. مهرجان التحطيب بالأقصر يشهد إقبالا كبيرا من أبناء الجنوب والسائحين    متحدث الكهرباء: 15.5 مليار جنيه خسائر سرقات واستهلاك غير قانوني    السلفية والسياسة: التيه بين النص والواقع.. قراءة في التحولات الكبرى    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    تصعيد ديموقراطي ضد ترامب بسبب وثائق إبستين المثيرة للجدل    سائق يقتل زوج شقيقته إثر نزاع عائلي على شقة ميراث بالخانكة    خالد الغندور: توروب رفض التعاقد مع محمد عبد المنعم    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    نجاح عملية معقدة لتشوه شديد بالعمود الفقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    سلوكيات خاطئة تسبب الإصابة بالفشل الكلوي    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة والإصلاح
نشر في التغيير يوم 24 - 07 - 2011

اعتبر البعض الثورة غاية واعتبرها الكثيرون وسيلة، ونسى البعض أن مقصدها النهائى هو تغيير المجتمع وبناء نظام جديد وليس فقط هدم النظام القديم.
الفرق بين «الثورة الغاية» و«الثورة الوسيلة» فرق فكرى وسياسى كبير، ف«الثورة الغاية» هى التى ليست لها حدود فتُسقط النظام ثم تُسقط الدولة وتؤسس على أنقاضها «دولة الثورة» التى تطهر نفسها من «دنس» النظام القديم والبشر القدامى، فتؤسس الجيش الثورى (القذافى وصف جيشه ب«الثورى» وولّى على قيادته أبناءه السبعة) والقضاء الثورى والشرطة الثورية، بحثاً عن نقاء مفقود لم تجده أى تجربة ثورية واحدة سارت فى هذا الطريق.
وعرف العالم 4 تجارب ثورية كبرى فى تاريخه الإنسانى أسقطت النظام والدولة معاً وهى: الثورة الفرنسية، والشيوعية فى روسيا والصين، والإسلامية فى إيران، وهى تجارب لم تجلب الديمقراطية لشعوبها، ولم يشهد مثلها العالم على مدار 40 عاما، حيث تغيرت بلدان أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية والبرتغال وإسبانيا وتركيا عن طريق إصلاح النظم القائمة أو إسقاطها دون إسقاط الدولة فى أى منها.
أما مدرسة «الثورة الوسيلة» فهى منذ البداية هدفها الإصلاح والنهضة والتقدم، والثورة تأتى كوسيلة لتحقيق هذه الأهداف، والإصلاح هنا أخذ مسارات معروفة فى كل تجارب التغيير فى العالم ومازلنا نحن نصر على هوامش الأمور ونترك «المهمة الثورية» الحقيقية، وهى إعادة بناء مؤسسات الدولة وإصلاحها وفق خطة تعتبر - مثلا - أن إصلاح القضاء وضمان استقلاله أكثر أهمية من المحاكمات العلنية، أو تضع برامج واضحة لإعادة بناء وزارة الداخلية، أو تضع خططاً لتحويل الإعلام الحكومى من «مؤسسات» هدفها نفاق مَنْ فى الحكم (سواء كان مبارك أو ثوار التحرير أو الإخوان المسلمين) إلى مؤسسات مستقلة تقدم خدمة عامة للمواطنين.
ومع ذلك ظل البعض غير مرتاح لمعنى الثورة التى تُصلح، لأنه اعتبر أن الثورة تهدم فقط القديم وتختزل كل جهودها فى الاعتراض على أشخاص فى الوزارة المتعثرة، فى حين أن المشكلة أكبر بكثير من الأشخاص وتتعلق بصلاحيات هذه الوزارة ودورها فى تلك المرحلة، فإذا كانت وزارة تسيير أعمال فعلينا ألا نطالبها بأشياء كثيرة، وأنسب شخص لرئاستها هو رئيس الوزراء الحالى، أما إذا كانت حكومة ذات صلاحيات حقيقية ومنوطاً بها إنجاح المرحلة الانتقالية كما جرى فى كثير من تجارب النجاح فى العالم فيجب تغيير رئيسها وكثير من وزرائها.
إن هدم النظام القديم يحتاج إلى «مصلح جرّاح»، لأنه يتطلب بناء نظام جديد يختلف جذرياً عما كان موجودا من قبل، وهذا فى الحقيقة يمكن وصفه ب«الإصلاح الجراحى»، وهو ما جرى فى كل تجارب التغيير الديمقراطى فى الأربعين عاما الأخيرة، سواء كان عن طريق ثورة أو انتفاضة أو إصلاح من داخل النظام.
لم نفعل شيئا يذكر على مدار 6 أشهر فى حين أن بلداناً فى أوروبا الشرقية أقامت انتفاضات محدودة لا ترقى إلى حجم وعظمة الثورة المصرية لكنها اشتغلت بجدية بعد أن أسقطت النظام القديم، وغيرت من هيكل وزارتها خاصة الداخلية، وأجرت إصلاحات عميقة فى القضاء والجهاز الإدارى للدولة سمحت لها فى أقل من عام بإجراء انتخابات ديمقراطية، فى حين بقينا نحن مشغولين بغرفة جمال مبارك فى السجن مكيفة أم لا، والدستور أولاً أم ثانياً، وانتقاد اعتصام التحرير الذى حمّله البعض بسوء نية أزمات مصر الاقتصادية وتناسى مسؤوليات النظام القديم.
من المؤكد أن بلدان أوروبا الشرقية تحركت وفق خطة وضعتها لها دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة وبدعم اقتصادى ومالى هائل، أما نحن فرغم وطنية المسار المصرى (وهو نقطة بداية عظيمة) فإن من قادوا المرحلة الانتقالية ظلوا يحكمون البلاد بنفس الطريقة القديمة ولم يحاولوا ولو قليلا ترك وصية مبارك فى الحكم، فلم نتقدم خطوة واحدة على طريق إعادة بناء المؤسسات ولا على مستوى التوافقات السياسية، وتعمق الاحتقان بدلا من الحوار وغابت ثقافة «الطاولات المستديرة» التى ضمت كل فرقاء الساحة السياسية فى أوروبا الشرقية، والتى اتفقوا فيها على أغلب النقاط التى تحكم عملية الانتقال الديمقراطى، فى حين اكتفينا نحن بتأسيس لجان ل«الشقاق الوطنى» وصراخ وضجيج بلا أى طحن.
صحيح أن هناك أمراضاً مزمنة تعانى منها النخب والقوى السياسية المصرية، وصحيح أيضا أن خطاب الثورة الدائمة الذى يكره الناس ويتعامل باستعلاء مع أحلامهم وطموحاتهم البسيطة مسؤول عن هذا التعثر، إلا أن المسار الذى أدخل فيه المجلس العسكرى كل القوى والتيارات السياسية منذ الإعلان الدستورى زاد من ارتباكها وتشتتها، وكأن المطلوب أن تتعمق خلافاتها حتى يظهر علينا ما سبق أن وصفناه ب«مرشح الأمن والاستقرار» ليحكم البلاد بطريقة غير ديمقراطية.
إن مخاطر خطاب «الثورة غاية» أنه يدفع بتيار الاستقرار الغالب فى المجتمع المصرى إلى خارج قيم الثورة ومبادئها، ويدفعه إلى انتظار المخلص العادل، بعد أن أشعره البعض بأن الثورة مهتمة فقط بالاعتصام والتظاهر، لا الإصلاح والتقدم.
والمفارقة أن مصر التى شارك فى ثورتها ملايين الناس لم تطالب بهدم الدولة كما جرى فى إيران والعراق، فالثورة الإيرانية التى سقط فيها أكثر من 70 ألف شهيد قامت بحملة إعدامات واسعة ضد كل قادة النظام القديم والمتعاونين معه عن طريق محاكم ثورية، أما فى العراق فقد ارتكبت قوات الاحتلال الأمريكى خطيئة كبرى حين حلت الجيش ومؤسسات الدولة، التى ملأتها ميليشيات طائفية سيطرت على كثير من أجهزتها، خاصة وزارة الداخلية، وصدر قرار اجتثاث «البعث» الذى دمّر الحياة السياسية فى العراق.
والحقيقة أن تجارب هدم مؤسسات الدولة لم تجلب الديمقراطية للشعب الإيرانى رغم عظمة ثورته، ولا للشعب العراقى رغم عراقة تاريخه، وأن نقطه الانطلاق التى تنطلق منها الثورة المصرية تمثل فرصة حقيقية لبناء نظام سياسى جديد مستلهمة تجارب النجاح التى جرت فى أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وإسبانيا والبرتغال، وهى كلها اعتبرت إسقاط النظام القديم مجرد مُعْبّر لا بديل عنه لبناء نظام جديد.
إن تطهير الداخلية فى مصر وإعادة بنائها على أسس جديدة هو فى ذاته عمل إصلاحى كبير، وإيجاد أرضية للتوافق بين مختلف القوى السياسية والمجتمعية واستدعاء تجارب العدالة الانتقالية فى كثير من تجارب العالم هو جزء من أهداف الثورة الإصلاحية، ولم يكن ممكناً البدء فيه، أو حتى الحديث عنه، فى حال إذا لم تنجح الثورة المصرية فى إسقاط النظام القديم، ولكنها يجب أن تعتبر أن بناء نظام سياسى جديد يعمل لصالح الوطن والمواطن هو هدفها، أما الثورة فهى وسيلة لتحقيق هذا الهدف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.