د.مازن النجار \n\n أحدث المشكلات الصحية التي تسببها البدانة وكشف عنها الباحثون حديثاً هو دورها في حالات التبول اللاإرادي لدى النساء البدينات. فقد وجدت دراسة طبية إكلينيكية أميركية أن التخلص من الوزن الزائد يخفض حدة التبول غير الإرادي لدي النساء البدينات وزائدات الوزن أيضاً، مما يضيف بعداً جديداً لفوائد انخفاض الوزن، بحسب مصادر معاهد الصحة القومية التي رعت ومولت الدراسة.\nأجرى الدراسة فريق بحثى برعاية المعهد الوطني للبول السكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى ومكتب بحوث صحة المرأة التابعان لمعاهد الصحة القومية، ونشرت حصيلتها مؤخراً بدورية الأبحاث الطبية \"نيوإنغلَند جورنَل أوف مَديسِن\" (NEJM).\nوكان برنامج خفض البول غير الإرادي بالحمية والرياضة، المسمى اختصاراً \"پرايد\" أو (PRIDE)، قد ضم حوالي 338 امرأة بدينة أو زائدة الوزن، من مدينتي بيرمنغهام بولاية ألاباما وبروفيدنس بولاية رود أيلند، يحدث لهن تسرب غير إرادي للبول 10 مرات أسبوعياً على الأقل، للمشاركة في هذه التجربة البحثية.\nتم تقسيم النساء المشاركات عشوائياً إلى مجموعتين. إحداهما خضعت لبرنامج مكثف لإنقاص الوزن بالحمية والرياضة وتعديل السلوك لفترة ستة أشهر، وتلقت الأخرى معلومات حول الحمية الغذائية والرياضة بدون تدريب لمساعدتهن على تغيير العادات. \nتحفيز إنقاص الوزن\nذكر الباحثون أن المشاركات بمجموعة البرنامج المكثف لإنقاص الوزن قد فقدن بالمتوسط 8 بالمائة من أوزانهن أي حوالي 8 كيلوغرامات، وانخفض المتوسط الأسبوعي لمرات تسرب البول لاإرادياً بحوالي النصف أو 47 بالمائة.\nفي المقابل، فقدت النساء المشاركات في المجموعة التي تلقت المعلومات فقط في المتوسط 1.6 بالمائة من أوزانهن، أي حوالي 1.5 كيلوغراماً، وانخفض المتوسط الأسبوعي لمرات تسرب البول لاإرادياً بنسبة 28 بالمائة.\nيقول الدكتور غريفين رودجرز، مدير المعهد الوطني للبول السكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى، أن من الواضح أن لفقدان الوزن تأثير إيجابي وكبير على تسرب البول لاإرادياً. وهو اكتشاف قد يساعد على تحفيز إنقاص الوزن، فلهذا بدوره فوائد صحية أخرى كالوقاية من النوع الثاني لمرض البول السكري.\nيؤثر تسرب البول لاإرادياً على أكثر من 13 مليون امرأة بالولايات المتحدة، ويكلف النظام الصحي 20 مليون دولاراً سنوياً كمصاريف رعاية صحية. والمعلوم أن البدانة عامل يزيد مخاطر الإصابة بتسرب البول، لكن الدليل الحاسم على فائدة إنقاص الوزن للحد منه كان مفتقداً.\nلذلك، قدمت هذه الدراسة الدليل الذي يدعم إنقاص الوزن كعلاج لسلس البول. الاكتشاف الهام لهذه الدراسة هو الفرق الملموس بين المجموعتين في مقدار خفض مرات تسرب البول لاإرادياً.\nنتائج دالة\nبين المشاركات ببرنامج خفض الوزن، حقق 41 بالمائة منهن انخفاضاً إكلينيكياً واضحاً بنسبة 70 بالمائة من الإجمالي الأسبوعي لمرات تسرب البول لاإرادياً، بينما حقق 22 بالمائة من مشاركات مجموعة المعلومات فقط نفس المستوى من خفض تسرب البول.\nبعد ستة أشهر، كانت مشاركات مجموعة إنقاص الوزن أكثر ارتياحاً إزاء تغير حالة تسرّب البول لديهن لاإرادياً، مقارنة بمشاركات مجموعة المعلومات فقط. جاء ذلك التقييم عبر التقارير التي أبلغتها المشاركات في الدراسة حول تغير عدد مرات تسرّب البول، وكمية تسرّبه، ونطاق المشكلة التي كان يمثلها تسرّب البول، والرضا عن التغير في كل حالة.\nذكر الباحثون أن بعض الدراسات قدمت توثيقاً يفيد بأن التدخلات السلوكية تساعد الناس على فقد الوزن، مما يساعد بدوره على خفض مخاطر الإصابة بالنوع الثاني للسكري وارتفاع ضغط الدم، وتحسين السيطرة على ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكولسترول، وتحسين المزاج ونوعية الحياة.\nفي ضوء ذلك، يرى الباحثون أن نتائج هذه الدراسة تشير إلى أن الحد من تسرّب البول لاإرادياً فائدة صحية أخرى مرتبطة بإنقاص الوزن، وأن خفض الوزن هو الخط (الخيار) الأول لعلاج النساء البدينات وزائدات الوزن.\nالبدانة تزيد مخاطر الالتهابات\nمن ناحية أخرى، وجد باحثون بريطانيون إن فرط زيادة الوزن وخمول نمط المعيشة والافتقار للياقة البدنية تزيد مخاطر الإصابة بالتهابات وأمراض ذات صلة بكيمياء البدن الداخلية. كما وجد فريق طبي أميركي أن مستويات خلايا الدم البيضاء هي الأعلى لدى الرجال غير اللائقين بدنياً أو زائدي الوزن.\nوذكر العلماء أن خلايا الدم البيضاء تلعب دوراً رئيساً في مكافحة التهابات البَدَن، ولكن لدى ارتفاع مستوياتها، يعتبر ذلك مؤشراً على وجود إصابة بالتهابات لها علاقة بأمراض القلب والأوعية التاجية. في هذا الإطار، يعتقد بعض العلماء أن البدانة عامل مخاطر هام لكنه قابل للتغيير، ولا بد من خضوعه لذلك إذا ما أريد التخلص من هذه الالتهابات التي يسببها فرط زيادة الوزن.\nوكان فريق الباحثين الأميركيين قد أجرى فحوصات طبية تتصل بالالتهابات وكرات الدم البيضاء، على 452 رجلاً يتمتعون بصحة جيدة، كانوا يشاركون في دراسة طويلة المدى عن اللياقة البدنية، حيث أخذت منهم عينات دم، وتم تحليلها لدراسة مختلف أنواع خلايا الدم البيضاء بها.\nوبعد احتساب عامل العمر بالنسبة للمشاركين، أظهرت نتائج العلماء أن مختلف مجموعات خلايا الدم البيضاء كانت مستوياتها منخفضة لدى المشاركين المحافظين على لياقة بدنية عالية. كما أظهرت النتائج أنه كلما ارتفعت مستويات دهون الجسم لدى الرجال، ارتفع أيضاً عدد خلايا الدم البيضاء بالدم لديهم.\nقدمت نتائج هذه الدراسة دليلاً آخراً على الفوائد الصحية العديدة للمثابرة على النشاط البدني وتجنب زيادة الوزن.