د.مازن النجار \n\n يستخدم \"مؤشر كتلة الجسم\" أو (BMI) بشكل عام في تقييم وزن الشخص بالنسبة لطوله وحالته الصحية، ومؤشرا على مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والبول السكري. بيد أن باحثين من \"مايو كلينيك\" بالولايات المتحدة يشككون في دقة ودلالة هذا المؤشر لأنه يُجمل العضل والشحم معا في فئة واحدة، رغم الاختلاف الواضح بينهما نوعياً ووظيفياً.\nويتم حساب المؤشر بقسمة وزن الشخص (بالكيلوغرامات) على مربع طوله (بالأمتار). ويعتبر الشخص عادة في حالة صحية جيدة إذا تراوحت قيمة مؤشر كتلة جسمه من 18.5 إلى 24.9.\nفلو كان طول أحد الأشخاص 168 سنتيمتراً ووزنه 75 كيلوغراماً، على سبيل المثال، يتم حساب مؤشر كتلة جسمه على النحو التالي: 75 ÷ (1.68 × 1.68) = 26.57 ، وهو ما يعتبر زائد الوزن.\nوبحسب المعايير البريطانية، يعتبر وزن شخص ما مثاليا وفي حالة صحية جيدة إذا تراوحت قيمة مؤشر كتلة جسمه بين 18.5 و24.9، بينما يعتبر زائد الوزن إذا بلغت قيمة المؤشر 25 أو أكثر، ويعتبر بديناً (إكلينيكيا) إذا بلغت تلك القيمة 30 أو أكثر، رغم أن هذه المعايير لا تأخذ في الحسبان الفروق الإثنية والوراثية واختلاف أنماط المعيشة بين الشعوب والأعراق. \nالشحم والعضل\nقام الباحثون، بقيادة الدكتور فرانسيسكو لوبيز-جيمينيز، بمراجعة 40 دراسة سابقة حول الموضوع شارك فيها نحو ربع مليون شخص. وقد توصل تحليلهم إلى أن بعض الأشخاص الذين تتراوح مؤشرات كتلة الجسم لديهم بين 30 و35 كانوا أقل عرضة لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين من أشخاص كانت مؤشراتهم دون العشرين.\nويخلص الباحثون إلى تفسير افتقاد الارتباط الإيجابي بين المؤشر والوفيات في مرحلة متقدمة من العمر، هو أن مؤشر كتلة الجسم لدى المسنين مقياس يتجاهل شحوم الجسم. فقياس الوزن لا يميز بين كتلتي الشحم وتلك الخالية منه، وأن الكتلة الخالية من الشحم يتم فقدها تدريجيا مع التقدم في العمر. وهي تتكون في معظمها من العضل.\nنسبة الورك إلى الخصر\nوكان الدكتور لوبيز-جيمينيز وزملاؤه قد شكوا في جودة \"مؤشر كتلة الجسم\" كمقياس طبي لفترة من الزمن. ومنذ عام ونصف تقريباً، قدموا تقريراً لملتقى \"الجمعية الأميركية لطب القلب\"، يظهر أن المؤشر لا يقدم ترابطا مع كتلة الشحم في الجسم. بيد أن أفضل طريقة متاحة للتمييز بين الشحم والعضل هي في إلقاء نظرة عرضية على منطقة البطن، بما يركز على نسبة الورك إلى الخصر.\nوكانت دراسة سابقة أجريت في كلية لندن للصحة وطب المداريات قد حللت حالات 15 ألف مريض، وخلصت إلى أن مؤشر كتلة الجسم ليس مقياساً صالحاً لتقييم مخاطر المسنين الصحية. وأظهروا تفضيلاً لحساب يأخذ بالاعتبار نسبة الورك إلى الخصر.\nتعطي هذه النسبة فكرة أفضل بكثير حول تشحم البطن، أي كمية الشحوم المستودعة في منطقة البطن لشخص ما، فحساب نسبة الورك إلى الخصر ترصد ترهل وتشحم البطن بدقة أعلى من استخدام مؤشر كتلة الجسم.\nمفارقة واختلاف\nمن ناحية أخرى، وجدت هذه الدراسة لفريق بحث مايو كلينيك، التي نشرت نتائجها بمجلة \"لانسيت\" الطبية البريطانية، أن مؤشر كتلة الجسم يصبح مقياساً جيداً للمخاطر الصحية عندما تتجاوز قيمته \"35\".\nفقد وجد الدكتور لوبيز-جيمينيز وزملاؤه أن الأشخاص الذين كان مؤشر كتلة الجسم عندهم يزيد على 35 لديهم أوضاع صحية سلبية. وأحيانا يتوهم بعض الأشخاص الذين تتراوح قيم مؤشراتهم بين 35 و40 أن لديهم الكثير من العضل. في حالات بالغة التطرف، فإن كمية الشحم هي التي تقرر قيمة المؤشر.\nولو كان مؤشر كتلة الجسم هو المقياس الوحيد المتاح، لاعتبر جميع لاعبي فريق الرجبي الانكليزي بدناء ومعرضين لمخاطر عالية للإصابة بأمراض القلب والشرايين. ونفس النتيجة تنسحب على ملاكم من الوزن الثقيل فائق اللياقة وفي قمة تألقه الرياضي. ويستحيل أن يكون ملاكم محترف، يزن 104 كيلوغراماً وطوله 1.88 متراً، عرضة لنفس مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين لدى رجل خامل له نفس الوزن والطول، فكلاهما يبلغ مؤشره 29.42 !!!\nبيد أن نسبة الورك إلى الخصر - لكل منهما- ستكون بالتأكيد مختلفة تماماً.