د.مازن النجار \n اكتشف باحثون من جامعة هارفرد وظيفة مهمة لأحد المورثات(الجينات) في بكتيريا الخمائر، والتي تنتمي لما يسمى الحمض النووي الزائد أو الصامت (Silent DNA). \n فقد خلص الباحثون جوزيف مارتينيز وليزا لابراد وفريد ونستن إلى أن أحد الجينات الصامتة في بكتيريا الخمائر ويسمى SRG1 لا ينتج بروتينا وإنما يقوم بوظيفة تنظيمية عن طريق التحكم في تشغيل أو تعطيل الجين المجاور له SER3. \n وجاء في دراسة منشورة في العدد الحالي من مجلة نيتشر أن الجينات الصامتة تمثل معظم المحتوى الوراثي (الجينوم) لكل الأحياء تقريبا بما فيها الثدييات، بينما كان الاعتقاد السائد سابقا أن الجينات لا تؤدي وظيفتها إلا بإنتاج بروتين -وتسمى جينات بنائية- أو بإنتاج صورة أكثر تخصصا من البروتينات وهي الأنزيمات وتسمى جينات تنظيمية. \n أثار الاكتشاف الجديد عدة أسئلة: ما هي الآلية التي يعطل بها أحد الجينات عمل جين مجاور؟ وهل ثمة جينات أخرى تتصرف بنفس الطريقة؟ وهل هناك آلية في جينات الثدييات تماثل تلك التي اكتشفت في الخمائر؟ \n رجّح الباحثون أن هذا النمط من أداء الجينات الصامتة لوظيفة ما -كتعطيل أو تشغيل الجينات المجاورة- هو غالبا نمط متكرر، خاصة أن الجينات الصامتة تمثل حوالي 95% من المحتوى الوراثي (الجينوم) لكل الأحياء تقريبا. \n سيزيد ذلك الاكتشاف من صعوبة الوصول إلى فهم أعمق للجينوم البشري، فبعدما اقتصرت الدراسات المبدئية للجينوم على الجينات التي تستحث إنتاج البروتينات واعتبار ما دونها \"جينات صامتة\"، أصبح على الباحثين أن يعودوا ثانية إلى البيانات التي أنتجها مشروع الجينوم البشري عام 2001 لإعادة دراسة الكم الهائل من الجينات الصامتة، والكيفية التي تؤثر بها هذه الجينات على غيرها من جينات صامتة أو بنائية أو تنظيمية. \n ولعل أهم الأسئلة التي سيحاول الباحثون الإجابة عليها في هذا الصدد هو: كيف ومتى يتم تعطيل الجينات أو تشغيلها في الحالات الطبيعية وفي حالات الأمراض ذات الجذور الوراثية (كالسرطان مثلا)؟ فقد يفيد ذلك في إلقاء الضوء على زوايا جديدة في معالجة الأمراض الوراثية. \n يذكر أن باحثين من جامعة هارفرد أشاروا في مايو/أيار 2003 إلى أن الجينات الصامتة في بكتيريا الخمائر وفي الثدييات قد ظهر لها دور \"تنظيمي\" عبر التحكم في الجينات الأخرى، ولكن طبيعة ذلك التحكم لم تكن مفهومة بالقدر الذي توصلت إليه هذه الدراسة الجديدة.