جاءت هذه الخطوة نتيجة تعمق الصدع بين اكبر شخصيتين قياديتين في اوكرانيا, الرئيس يوشينكو ورئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو, اللذان كانا حليقتين ذات يوم, واصبحا خصمين لدودين, برؤيتين متباينتين حيال كيفية تناول اوكرانيا للعلاقات مع روسيا ومع الغرب. \r\n \r\n تعتبر الانتخابات المقبلة, المقرر اجراؤها في السابع من كانون الاول, امتحانا لاندفاع يوشينكو نحو ترسيخ العلاقات مع الولاياتالمتحدة واوروبا, ونحو قيادة اوكرانيا, الجمهورية السوفياتية سابقا, الى عضوية الناتو, وهي خطوة تثير استعداء روسيا على الارجح. \r\n \r\n اما يوليا تيموشينكو, التي انضمت الى يوشينكو في قيادة ما يسمى \"الثورة البرتقالية\" ضد الحكومة الموالية لموسكو, في عام ,2004 فتمثل اليوم كتلة سياسية تؤيد اقامة علاقات اكثر دفئا مع روسيا. \r\n \r\n على ان هذا الانشقاق بين الزعيمين يعكس انقساما عميقا في اوكرانيا كلها, ذات الاقلية العرقية الروسية الكبيرة, والمصالح التجارية المؤثرة, التي تدعم اقامة علاقات اوثق مع موسكو, وبها ايضا حركة قومية ملتهبة المشاعر, حملت يوشينكو الى سدة الحكم, وترى الى مستقبل اوكرانيا مرتبطا بالغرب. وفي حالة حصول تيموشينكو على مكاسب قوية في الانتخابات البرلمانية, فمن شأن ذلك ان يقضي على جهود يوشينكو للانضمام للناتو, وهي خطوة اخذت تتقلص شعبيتها ورواجها في اوكرانيا, وان تحظى بدعم قوي من واشنطن, وقد ادت الحرب القصيرة بين روسيا وجورجيا, في آب المنصرم, الى اطلاق دعوات ملحة, ومن واشنطن بخاصة, الى منح اوكرانيا وجورجيا خطة للعضوية في الناتو. \r\n \r\n والانتخابات الاوكرانية المقبلة, هي ثالث انتخابات برلمانية تجرى في البلاد, منذ تولى الرئيس يوشينكو السلطة في عام ,2004 وفي ذلك الوقت, وعد الرئيس بتخليص البلاد من الماضي الفاسد الاستبدادي, هذا على الرغم من ان اوكرانيا اليوم ما تزال غارقة في مستنقع الركود السياسي. \r\n \r\n ويذكر في هذا الصدد, ان قرار يوشينكو حل البرلمان, والدعوة الى انتخابات قريبة, قد جاء في اعقاب خلافات سياسية حادة مع تيموشينكو, التي اتهمها بتدبير استيلاء على السلطة على حساب المصالح الوطنية الاوكرانية. ومن المرجح لهذين الزعيمين ان يتواجها في انتخابات الرئاسة المقبلة, المقرر اجراؤها في عام .2010 \r\n \r\n وقال يوشينكو في خطابه المتلفز, اوائل تشرين الاول الحالي, واعلن فيه حلّ البرلمان, \"انني لمقتنع قناعة عميقة بأن الائتلاف الديمقراطي قد حطمه امر واحد, هو طموحات شخص واحد. فقد اصبحت كتلة تيموشينكو رهينة زعمائها, المستعدين للتضيحة بكل شيء: لغتنا, وامننا, وآفاقنا الاوروبية\". \r\n \r\n وفي الفترة الاخيرة, وقفت تيموشينكو الى جانب المعارضة الاوكرانية المطالبة باتخاذ اجراءات تحدّ من سلطات الرئيس, ما ادى الى انهيار التحالف البرلماني مع حزب يوشينكو الشهر الفائت. وتدرس رئيسة الوزراء مسألة ان كانت ستتحدى قرار الرئيس, بحل البرلمان واجراء انتخابات جديدة, امام المحكمة الدستورية الاوكرانية, قالت المتحدثة باسمها, كما دعا انصار تيموشينكو ومؤيدوها الى احتجاجات جماهيرية. \r\n \r\n واكد وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس, متحدثا في مقدونيا, مجددا تأييد واشنطن لطموحات اوكرانيا بالانضمام الى الناتو, هذا على الرغم من عدم استقرار حكومتها, وقال غيتس ان الولاياتالمتحدة ستعمل مع اي ائتلاف حكومي سيظهر لاحقا. \r\n \r\n اما روسيا فردت بغضب على اي مؤشر على توسيع آخر للناتو. وقامت مؤخرا بتقوية جيشها. وتعاظمت الدعوات في روسيا مطالبة موسكو بتملك شبه جزيرة القرم الاوكرانية, وهي منطقة ذات اقلية روسية مهيمنة تماما, وحيث تمركز روسيا اسطولها في البحر الاسود. \r\n \r\n وفي الفترة الاخيرة, بدأت تيموشينكو تقدم نفسها كسياسية وسطية, قادرة على التجسير بين القوى الموالية للغرب وبين القوى التي تريد الاحتفاظ بعلاقات وطيدة مع روسيا, كما رفضت تأييد موقف يوشينكو الداعم لجورجيا في الحرب مع روسيا, متخذة موقفا اكثر حيادية. وسافرت تيموشينكو مؤخرا الى موسكو للتباحث مع رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين بشأن التعاون في مجال الطاقة. وكاد ذلك الاجتماع ان يُحبط, عندما احتجز طائرتها بحجة ان في طائرته, كما قيل, عطلا فنيا. \r\n \r\n اثارت مبادرات تيموشينكو بالتباحث مع روسيا انتقادات من جانب انصار يوشينكو بأنها محظية من الكرملين, هذا برغم ما قاله ميخائيل بوغريبنسكي, مدير مركز كييف للدراسات السياسية والنزاعات, من انها ستعتمد اعتمادا كبيرا على مؤيديها من الموالين الغرب في الانتخابات البرلمانية, والذي قال ايضا ان كتلتها ربما ستفوز في هذه الانتخابات. وتعطي استطلاعات الرأي الحديثة لكتلة تيموشينكو تفوقا طفيفا على \"حزب المناطق\" - حزب المعارضة الرئيسي - من حيث الشعبية. ويقود هذا الحزب الاخير فيكتور يانكوفيتش. اما يوشينكو البرلمانية فتأتي بعدهما. بل ان يانكوفيتش ذهب الى ابعد من تيموشينكو في اقامة علاقات افضل مع روسيا. فان نجح حزبه في الانتخابات, او اصبح شريكا في الائتلاف الحكومي, فستتقلص الى حد كبير فرص اتخاذ اوكرانيا لخطوات اضافية للانضمام الى الناتو.