وتأتي هذه التصريحات في ظل تنامي الخلاف ليس فقط بين حزب المناطق وتحالف البرتقاليين، وإنما أيضا على خلفية تباين مواقف كتلة الرئيس الحالي فيكتور يوشينكو وحزب رئيسة الحكومة يوليا تيموشينكو. حول عدد من القضايا السياسية والاقتصادية، أبرزها ملفات الإصلاح الاقتصادي وسبل تحسين العلاقة مع روسيا. \r\n \r\n \r\n ولابد من القول ان توقف أعمال البرلمان الأوكراني كان بسبب فشله في التوصل إلى تسوية بين مواقف القوى الأوكرانية حول شكل ومحتوى العلاقة مع الناتو، وذلك بعد أن فجر إرسال القيادة الأوكرانية إلى قيادة الحلف طلبا بانضمام أوكرانيا إلى خطة العمل لنيل العضوية في الناتو في قمة بوخارست التي ستعقد في ربيع العام الحالي اعتراضات واسعة من جانب المعارضة، وانضمام رئيسة الحكومة لمطلب المعارضة بإجراء استفتاء شعبي حول انضمام اوكرانيا لحلف الناتو. \r\n \r\n \r\n ولاشك أن تصريحات تيموشينكو الأخيرة حول اجراء استفتاء شعبي يقرر ضرورة انضمام أوكرانيا إلى الناتو، ومواقفها الخاصة بتحسين العلاقات مع روسيا، تعتبر جزءا من حملتها لانتخابات الرئاسة التي ستجري العام القادم، والتي بدأتها يوليا تيموشينكو مبكرة بعد أن تراجعت شعبية تحالف البرتقاليين بقيادة يوشينكو في الشارع الأوكراني. \r\n \r\n \r\n ومع ذلك يمكن القول بأن الرئيس الحالي قد حقق للبلاد خطوة هامة نحو الانضمام إلى البيت الأوروبي والاندماج مع بلدان العالم الحر، وذلك بحصول أوكرانيا على عضوية منظمة التجارة العالمية. \r\n \r\n \r\n ومن المتوقع أن يؤدي ذلك لحصول أوكرانيا من انضمامها إلى المنظمة إلى زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5,1-7,1 بالمئة سنويا. وتعزيز صناعة الآلات الوطنية وزيادة كمية وجودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة. إضافة إلى تنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيجية الاستثمارية الطويلة الأمد، ونمو الاستثمارات بمعدل يقدر بحوالي 5 مليارات دولار سنويا. \r\n \r\n \r\n وحتى تحصل أوكرانيا على حقوق العضوية الكاملة. لابد أن يصادق برلمانها على البروتوكول الموقع في جنيف. وقد يعيق توازن القوى داخل البرلمان المصادقة على هذا البروتوكول لفترة طويلة من الزمن، ما يعنى أن أوكرانيا قد تضطر للمطالبة بتمديد فترة إنهاء إجراءات حصولها على العضوية الكاملة حتى منتصف الصيف القادم. باعتبار أن دستور منظمة التجارة العالمية يقر حصول البلد على العضوية الكاملة بعد انقضاء 30 يوما من مصادقة البرلمان على بروتوكول الانضمام. \r\n \r\n \r\n ولابد من القول ان الشروط التي وافقت عليها أوكرانيا للحصول على عضوية المنظمة العالمية أكثر ليبرالية من الشروط التي تبحثها موسكو مع المنظمة، حيث وافقت كييف على دخول الأجانب إلى سوق الخدمات الأوكرانية دون أي تحديد أي قيود على نشاطهم في الأسواق المالية، وقبلت بتخفيض الرسوم الجمركية بمعدل 7 بالمئة. \r\n \r\n \r\n وقد يكون هذا التأخير في صالح روسيا التي تقدمت بطلب العضوية للمنظمة العالمية منذ عام 1993، استنادا لوجود معطيات لا تستبعد أن تلجأ أوكرانيا كعضو كامل الحقوق في منظمة التجارة العالمية إلى فرض شروطها الخاصة على روسيا باعتبارها مرشحة للعضوية. \r\n \r\n \r\n وعلى مدار خمسة عشر عاما خاضت روسيا فيها مفاوضات لا متناهية من أجل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية لم تنته قبل قبول أوكرانيا رسميا في عضوية المنظمة، وتعثر طلبها لأسباب مختلفة يصعب أحيانا تفسيرها. \r\n \r\n \r\n وفي أواخر عام 2006 عندما تمكنت روسيا بعد الجهود الطويلة المضنية من توقيع الاتفاقية الثنائية مع الولاياتالمتحدة، تنامي اعتقاد بأنها تمكنت من إزالة مانع جدي في طريق انضمامها إلى المنظمة. \r\n \r\n \r\n ولكن الواقع كان أكثر تعقيدا من ذلك، حيث تعرض الطلب الروسي مجددا لمطالب ظهور العديد من المفاوضين، الذين كانوا يدخلون في المفاوضات مع روسيا فور انضمامهم إلى المنظمة مثل بعض الجمهوريات السوفييتية السابقة: استونيا (عام 1999) وجورجيا (عام 2000) ومولدافيا (عام 2001). \r\n \r\n \r\n وفي الفترة الأخيرة ظهرت تساؤلات بشأن انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية لدى دول الخليج. فقد بادرت السعودية في سبتمبر عام 2007 إلى إجراء مفاوضات بهذا الشأن مع روسيا. وبالتالي، لم يبق لروسيا سوى فترة وجيزة للغاية من الزمن لكي تتجنب المفاوضات مع أوكرانيا. \r\n \r\n \r\n وقد كشف هذا الوضع الناشئ عن انضمام أوكرانيا إلى منظمة التجارة العالمية مجددا عن خلاف في المواقف بين قيادات تحالف البرتقاليين، وفي الوقت الذي ألمح فيه الرئيس الأوكراني فيكتور يوشينكو (الذي وقع شخصيا بروتوكول انضمام بلده إلى منظمة التجارة العالمية في جنيف) إلى إمكانية استخدام عضوية بلاده في هذه المنظمة كأداة للضغط على روسيا. \r\n \r\n \r\n مشيرا إلى احتمال إجراء »مفاوضات مثيرة« مع روسيا ليس فقط حول عضويتها في منظمة التجارة العالمية، وإنما أيضا حول المسائل الشائكة على صعيد التجارة الروسية الأوكرانية بما فيها رسوم مكافحة إغراق السوق التي يفرضها الجانب الروسي على السلع الأوكرانية، وإجراءات فرضتها موسكو على الصادرات الأوكرانية وأدت إلى تقلصها بمقدار 3 مليارات دولار. \r\n \r\n \r\n وعلى النقيض من موقف الرئيس، أعلنت رئيسة الحكومة يوليا تيموشينكو أن كييف لن تستخدم انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية للضغط على موسكو. \r\n \r\n \r\n كما أعلنت رئيسة الحكومة تيموشينكو أن أوكرانيا تنوي الربط بين عملية التكامل في الاتحاد الأوروبي والتعاون مع روسيا. باعتبار ان روسيا هي أكبر جار لأوكرانيا. وأكدت تيموشينكو أن العلاقات مع روسيا جزء لا يتجزأ من اندماجنا في الاتحاد الأوروبي من أجل ممارسة سياسة متوازنة. وذكرت تيموشينكو أن من الضروري اتباع سياسة متوازنة لاسيما في مجال الطاقة بغرض عدم الاعتماد على مورد واحد للطاقة. \r\n \r\n \r\n ويبدو واضحا أن رئيسة الحكومة قد أدركت حقيقة جوهرية في المرحلة الحالية وهي أن انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو لن يجلب أي فوائد، وإنما سيجعل أوكرانيا هي الضحية السياسية للصراع العالمي، وقد يؤدي لانقسامها وانهيار اقتصادها، خاصة وانه سيكون على حساب العلاقة مع روسيا، والتي مازالت مورد الطاقة الأساسي لأوكرانيا. \r\n \r\n \r\n وكان من الطبيعي في ظل هذا الصراعات أن تأتي تصريحات شركة »غازبروم« التي هددت بإيقاف صادرات الغاز إلى أوكرانيا ما لم تدفع الأخيرة الفواتير المتأخرة والتي قدرها ناطق »غازبروم« ب 5 .1 مليار دولار أميركي. \r\n \r\n \r\n كورقة ضغط لصالح من يدافع عن العلاقة مع روسيا، وإنذار إلى الرئيس يوشينكو فيما إذا أراد استخدام عضوية بلاده في منظمة التجارة العالمية كورقة ضغط على روسيا. ويكشف تطور الأحداث عن أن علاقة كييف وموسكو هي قدر محتوم، وتعبر عن مصالح استراتيجية، وبدلا من الصدام، يتطلب الأمر حوار لتنسيق المواقف، حتى لا تتضرر مصالح أوكرانيا، من جراء سياسات موالية للغرب لا تحقق للبلاد فائدة حقيقية. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أوكراني \r\n \r\n \r\n